في مسقط رأسه بكفر الشيخ، دفن الشاب محمود رمضان، بعد تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحقه أمس السبت، غير أن سيرته لم تدفن معه، فلا تزال أصداء تنفيذ الحكم ما بين رافض ومؤيد استمرت بمصر لليوم الثاني على التوالي. وبخلاف البيانات وآراء المؤيدين والمعارضين لحكم الإعدام بحق محمود رمضان المدان ب"الاشتراك مع آخرين في إلقاء أشخاص من أعلى عقار" بمحافظة الإسكندرية، في عام 2013، استمرت مسيرات لأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي منددة بحكم الإعدام، واصفة إياه ب"الشهيد"، فيما دأب إعلاميون ومؤيدون للسلطات المصرية على توصيفه بأنه حكم مستحق ضد "قاتل". وقال مصطفى بكري، الصحفي المؤيد للسلطات الحالية، "إن الذين يتباكون على إعدام القاتل محمود رمضان هم الإرهابيون الذين شمتوا في قتله لعدد من الأطفال الصغار في سيدي جابر". وخلال تغريدته عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أضاف بكري: "إنهم لا يتباكون عليه، إنهم يخافون من تنفيذ حكم الإعدام ضد مرشدهم وقياداتهم الإرهابية، ولذلك يريدون أن يصنعوا من القاتل الذي جرى إعدامه شهيدًا". ومؤيدا توصيف محمود رمضان بالقاتل، قال وائل عبد الفتاح، الكاتب المصري، عبر تغريدة على حسابه على "تويتر": "بعيدا عن رفضى لحكم الإعدام عموما.. كيف يمكن الدفاع عن محمود رمضان باعتباره مناضل ضد الانقلاب"، مضيفا: "هو قاتل أطفال.. قاتل أطفال". وعبر حسابه على موقع "تويتر"، أيد حافظ أبو سعدة، الحقوقي المصري، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، سابقيه قائلا: "كان أفضل لحملة محمود رمضان قاتل الأطفال أن تتخذ موقف ضد عقوبة الإعدام بدلا من محاولة التدليس وإنكار تهمة قتل الأطفال بإلقائهم من سطح مبنى". بينما استنكر الإعلامي عمرو أديب الضجة المثارة حول عملية الإعدام في برنامجه "القاهرة اليوم" الذي يذاع على قناة "أوربت"، قائلا: "إيه الدوشة اللي اتعملت عشان محمود رمضان". وتابع أديب "عايزنا نعيش في إرهاب، الناس مش مصدقة نفسها، كأننا أعدمنا ابن رشد، الباشا قاتل، وأنا بسأل الناس اللي عاملة دوشة، أي حكم كنتم تريدون؟ هل كنتم تريدون أن نحكم عليه بالبراءة". على خلاف ذلك، خرجت مسيرات معارضة للنظام المصري منذ أمس السبت أغلبها في الإسكندرية، تندد بحكم الإعدام تجاه رمضان، واصفة إياه بأنه "شهيد" لم يخضع لمحاكمة عادلة. وتحت لافتات "محمود مش قاتل"، "إعدام بريء"، وبملابس حمراء، نظم طلاب مناصرون لمرسي، بجامعة الإسكندرية، 3 تظاهرات طلابية، اليوم، تنديداً بإعدام رمضان، بحسب شهود عيان. ومشبها إياه بأنه خالد سعيد (أيقونة ثورة 25 يناير 2011 الذي لفقت له قضية من الشرطة المصرية قبل قتله)، قال "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم لمرسي في بيان له أمس: "محمود رمضان ابن مدينة الإسكندرية هو خالد سعيد الجديد الذي سيكون بمثابة وقود جديد لثورة بدأها الشعب، ولن يتوقف حتى تصل لمداها وتحقق أهدافها". وفي بيان له على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" قال محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين: "تم إعدام محمود رمضان في محاكمة هزلية"، مضيفا أن "رسالة الإعدام مرفوضة". كما نظم العشرات من المصريين المقيمين بتركيا، وقفة تضامنية ضد إعدام رمضان، في ساحة "يني جامع" بمنطقة إميونينو بمدينة إسطنبول احتجاجا على الحكم. وأعرب جيهانغير إشبيلير، منسق منتدى رابعة الدولي (يقوم بتنظيم العديد من الفعاليات المؤيدة لمرسي)، في بيان له حصلت الأناضول على نسخة منه، عن "تخوفه من أن يكون إعدام رمضان بداية لسلسة إعدامات ضد المعارضين للنظام الحالي في مصر". بينما قال المرصد المصري للحقوق والحريات إن "القضية التى أعدم عليها المواطن محمود رمضان وأدين فيها 57 آخرون لمدد مختلفة مع الأشغال الشاقة كانت بحسب الشهود نتاج أقوال مرسلة اتخذت تحت وطأة التعذيب من قبل الشرطة المصرية". وأضاف أن المحكمة "لم تستمع إلى طلب محامى المتهمين بإعادة استجواب الضحايا، الذين يؤكدون تعرضهم للتعذيب البدني والنفسي بهدف انتزاع الاعترافات منهم". ونبه المرصد المصري إلى أن "السلطات المصرية لم تلتفت لمطالبات أفريقية رسمية بوقف تنفيذ الحكم". وقال بيان لوزارة الداخلية المصرية أمس إنه "تنفيذاً للأحكام القضائية الصادرة عقب استنفاد جميع مراحل التقاضي، حيث أصبحت نهائية وواجبة النفاذ، قام قطاع مصلحة السجون بتنفيذ حكم الإعدام شنقاً على محمود حسن رمضان عبد النبي، المتهم فى واقعة إلقاء الأطفال من أعلى عقار بمحافظة الإسكندرية خلال أحداث الشغب لتنظيم الإخوان الإرهابي". وكانت محكمة النقض المصرية، أيدت في 5 فبراير الماضي، الحكم الصادر من محكمة جنايات الاسكندرية بتاريخ 19 مايو 2014، بإعدام رمضان بعد إدانته ب"الاشتراك مع آخرين بإلقاء أشخاص من فوق سطح إحدى البنايات" بالإسكندرية، وأيدت، أيضا، الأحكام الصادرة بحق 62 من المدانين في القضية ذاتها، والتي تراوحت بين السجن 7 أعوام و25 عاما. وكانت وسائل إعلام محلية بثت تسجيلا مصورا لأعمال عنف شهدتها الإسكندرية في 5 يوليو 2013 بين معارضين ومؤيدين لعزل مرسي، ظهر فيه شخص ملتحٍ، يحمل علم تنظيم القاعدة، وهو يقوم بإلقاء أشياء من أعلى خزان فوق بناية. وقالت النيابة إن الشخص الذي ظهر في التسجيل يدعى محمود رمضان، واتهمته بالتسبب في "قتل" طفل بعدما ألقاه من أعلى البناية، لكن نشطاء شككوا في صحة هذا التسجيل المصور، وقالوا إنه تم تعديله ببرامج مونتاج. وطالبت اللجنة الأفريقية لحماية حقوق الإنسان والشعوب، التابعة للاتحاد الأفريقي، الشهر الماضي، الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بوقف تنفيذ حكم إعدام رمضان. وصدرت أحكام غير نهائية بالإعدام بحق مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان، التي ينتمي لها مرسي، وعلى رأسهم محمد بديع، المرشد العام للجماعة، التي صدر حكم قضائي من أحد المحاكم المصرية باعتبارها "تنظيما إرهابيا".