الانتخابات القادمة ( سواء البرلمانية أو الرئاسية ) ليست مجرد ملاكمة بين خصمين يسعى كل واحد منهما إلى الفوز بأكبر عدد من النقاط إن لم تكن بالضربة القاضية ، ولكن الانتخابات المرتقبة هى بمثابة حجر الأساس لصرح ثورتنا العظيمة التى مازالت معلقة فى الهواء ، هى الترجمة الحقيقية لنضال هذا الشعب وكفاحه ودماء أبنائه الذين خرجوا يرددون " عيش . حرية . عدالة اجتماعية " هى ضوء الأمل الذى سيبدد ظلام اليأس من حولنا ، ونقطة التحول التى ستضعنا على بداية الطريق الذى مازال ضائعاً منا حتى اليوم . قيمة الانتخابات القادمة تدركها للأسف الشديد مجموعة طرة وفلول النظام السابق أكثر من إدراك نخبنا المثقفة على اختلاف توجهاتها ، فالنخب لا ترى فيها إلا انتصار فريق على آخر ، أو تأكيد لعلو كعب نخبة على مثيلتها ، أو إثبات أن الشعب منحاز لهذا دون ذاك لذا أتعبت نفسها وأتعبتنا فى معارك وهمية ومجادلات بيزنطية وجلسات فضائية ليلية أضاعت وقتنا وتركتنا أشد حيرة عما كنا عليه . أما مجموعة طرة ومافيا الفساد فيدركون أن الانتخابات القادمة هى بداية بث الوعى فى الشعب المصرى بحقوقه الحقيقية التى حرم منها لعقود طويلة وبدأ يتنسم عبيرها مع الاستفتاء السابق بغض النظر عن القيل والقال الذى صاحبه ، كما يدركون أيضاً أن الانتخابات القادمة هى البداية الفعلية لاستئصال شأفة فسادهم من جذوره والقضاء المبرم على أتباعهم المنتشرين فى الوزارات والمصالح الحكومية من منصب وزير إلى ما هو دونه . كما يدركون أن الانتخابات القادمة تعنى قطع الطريق أمام عودتهم إلى سطوة الماضى وفساده كما يعنى أن محاكمتهم ستتم تحت أعين الشعب وبرقابة شعبية بدلاً من لهثنا المستمر منذ اندلاع الثورة تارة لبدء التحقيق معهم وتارة لتقديمهم للمحاكمة وتارة لبثها على الهواء مباشرة . أما قوى الخارج التى تتابعنا على مدار الأربع والعشرين ساعة فهى تعلم كذلك أن الانتخابات القادمة تعنى استقلال القرار الوطنى لصالح التنمية الداخلية وخدمة القضايا الوطنية والعربية والإسلامية ، تعنى القدرة على مواجهة التحديات والاستغناء عن المعونات ، كما تعنى عودة مصر إلى مكانتها الطبيعية كدولة محورية كبرى إذا عطست تداعى لها سائر العرب والمسلمين بالسهر والحمى . لذا فالانتخابات القادمة هى نقلتنا الحقيقية إلى أول طريق الثورة فاحرصوا على إجرائها وفق توافق وطنى عام بين القوى السياسية الوطنية وحينها لن يفوز أحد بعينه لأن الفائز الحقيقى هو مصر وثورتها . [email protected]