جرائم اغتصاب وقتل وسرقة والقانون عاجز عن المحاسبة منظمات حقوقية: مصر لا تقدر على تغيير التشريعات الخاصة بالأطفال قانونيون: القاضي يقف عاجزًا أثناء حكمه على حدث يستحق الإعدام.. ومحام: لا أقبل أحيانًا بمثل هذه القضايا لأننى أشعر بالظلم فيها الطفلة زينة فجرت القضية وعبدالرحمن دفع روحه ثمنًا للقانون يوجد فى مصر العديد من القوانين الهامة التى تقف حائلًا فى تحقيق العدالة والتى يقف عندها الحاكم متمثلًا فى سلطة النيابة العامة أو القضاء، عاجزًا عن تحقيق العدل وأن من أخطر هذه القوانين وأهمها قانون الحدث أو قانون الطفل المصرى والذى بسببه حدث كثير من الجرائم التى هزت مصر دون أن يحصل الجانى على عقوبة مغلظة بسبب ارتكاب فعلته. الأطفال الآن فى مصر أصبحوا قتلة أو تجارًا للمخدرات أو مافيا للخطف، بل إن الكثير من رجال العصابات أصبحوا يستغلون الأطفال فى جرائمهم بصورة واسعة، وذلك لتأكدهم أن القوانين بها العديد من العوار الذى يجعل الحدث لا يعاقب بأحكام مغلظة.. "المصريون" من جانبها رصدت هذه الظاهرة التى أصبحت الخطر القادم فى الشارع المصري. الطفلة زينة فجرت القضية فى السادس عشر من شهر فبراير من العام الماضى قضت محكمة جنايات الأحداث ببورسعيد، برئاسة المستشار أحمد حمدي، بمعاقبة المتهمين "محمود محمد كسبر وعلاء جمعة عزت" فى قضية قتل واغتصاب الطفلة زينة بالسجن 15 عامًا لكل منهما. وكانت الطفلة زينة (5 سنوات) قتلت على أيدى كل من محمود محمد محمود وعلاء حسب الله، بعد أن ألقياها من أعلى العقار الذى تسكن فيه بعد أن فشلا فى اغتصابها، قرر الاثنان التخلص منها حتى لا تفضح أمرهما، فقررا أن يلقيا الطفلة من الطابق ال16 فى "منور العقار"، اللافت للانتباه أن المتهمين شاركا الأسرة رحلة البحث عن الطفلة "زينة" المتغيبة عن المنزل عدة أيام، حتى تم العثور عليها بمسرح الجريمة، ودلت تحريات ضباط المباحث إلى أن المتهمين وراء ارتكاب الجريمة، وتم القبض عليهما وإحالتهما للمحاكمة العاجلة، إلا أنه لم يصدر ضدهما حكم سوى بالسجن 15 سنة طبقا للقوانين نظرًا لكونهما حدثين وقت ارتكاب الجريمة ولم يتخط عمرهما الثامنة عشر. عبدالرحمن الطفل الذى مات وهو يدافع عن شرفه عبدالرحمن طفل تم خطفه من وسط أصحابه وعندما طلب القاتل منه اغتصابه رفض الطفل الصغير ودافع عن رجولته، فقتله بضربة على رأسه حتى أخرج مخه وعندما وجده مازال حيًا خنقه لإتمام عملية القتل، ومن ثم اغتصبه فى هدوء. وكانت محكمة جنح مستأنف المحلة برئاسة المستشار أحمد عبد العال فى شهر ديسمبر الماضى بتأييد حبس المتهم "أحمد.م.أ" 17سنة عاطل بالسجن المشدد 15 سنة لقيامه بهتك عرض وقتل الطفل "عبد الرحمن.ى.خ" 10سنوات. وكانت محكمة جنح أول المحلة قد قضت بحبس المتهم 15سنة واستأنف دفاع المتهم على الحكم وتداولت القضية بالجلسات وقررت المحكمة قبول الاستئناف شكلا ورفض وتأييد الحكم المستأنف، وأعفت المتهم من المصاريف فى قضية القتل وهتك العرض لكونه حدثًا. وترجع الواقعة إلى يوم 27/7/2013 بتقديم أم المجنى عليه وتدعى سومة الدسوقى بلاغًا بقسم أول المحلة بتغيب نجلها "عبد الرحمن.ى.خ" 10سنوات، وبالفحص والتحرى عثرت الشرطة على جثة الطفل بأرض المحلج أمام مسجد قادوس عارية وبجوارها ملابسه الداخلية. انتقل أحمد أبو النجا، وكيل نيابة أول المحلة، لمعاينة الجثة، وتم إجراء المعاينة لمكان الواقعة ومناظرة جثة المجنى عليه، وتبين أنها للطفل المختفى، على إثر ذلك قرر وكيل النيابة ندب الطب الشرعى لتشريح الجثة وأخذ مسحة شرجية لبيان عما إذا كان الطفل تعرض لاعتداء جنسى وبيان سبب الوفاة، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة وظروفها وملابستها. وأسفرت التحريات التى قادها المقدم محمد فتحى، وكيل فرع البحث الجنائى بالمحلة وسمنود، أن وراء الواقعة المتهم أحمد محمد السيد الدسوقى، 17سنة، عامل خياطة، حيث استدرج الطفل المجنى عليه لمكان غير مأهول (أرض المحلج محل الواقعة) للتعدى عليه جنسيًا وأثناء محاولته تجريد المجنى عليه من ملابسه للتعدى عليه جنسيًا قاومه الطفل. وضرب المتهم المجنى عليه بحجر على رأسه خشية افتضاح أمره، وسقط أرضا وربط رقبته بحبل قاصدًا إزهاق روحه وقتله، ولم يتركه إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيره وسرق هاتفه المحمول والهرب. الحفناوى: لا يستطيع القاضى الحكم على المتهم بعقوبة مغلظة لأنه مكبل بالقوانين فى البداية أكد المحامى والقانونى عثمان الحفناوي، أن القانون المصرى للحدث يخضع للمعايير العالمية ولكن نلقى نحن كمحامين صعوبة فى التعامل مع مثل هذه القضايا لأن الجانى يكون معروفًا أنه قاتل وعليه شهود وبالرغم من ذلك لا يستطيع القاضى الحكم عليه، مما يجعل أهالى المجنى عليهم يصبون سخطهم على القضاة وعلى القوانين المصرية العقيمة. وناشد الحفناوى الهيئات والمنظمات المصرية المسئولة عن تعديل القوانين النظر إلى هذا القانون لأنه يعتبر خطوة هامة لكى ينال الجانى عقوبته. قانونى: لا أقبل أحيانًا بمثل هذه القضايا وعلى جانب آخر أكد المحامى أسامة عبدالحافظ، أنه يفضل الابتعاد كمحامٍ عن المرافعة فى مثل هذه القضايا نظرًا لظروف القوانين التى تجعل المحامى ملتزمًا بمعايير فى مرافعته لأنه يعلم أن القاضى مهما زاد فى حكمه فإن له سقفًا محددًا لا يستطيع أن يتخطاه فى الحكم، ونحن هنا لا نلوم القاضى على شيء حيث إن التشريعات الخاصة بقانون الحدث فى مصر تخضع للمراقبة الدولية، وأن المشرع خلال تلك السنوات لم يفكر أن يعالج أخطاء تلك القوانين والتى تجعل المجرم يستغل حدث سنه فى فعل العديد من الجرائم المختلفة وهو يفكر جيدًا فى عقوبة كل جريمة حسبما ينص عليه قانون الطفل، لأن الحدث هنا ليس طفلًا عاديًا ولكنه اعتاد على الإجرام وفعل هذه الكوارث لأنه غالبا يعتبرها مصدرًا للكسب والعيش فى حياته كجرائم السرقة والمخدرات، ناهيك عن جرائم القتل والاغتصاب وغيرها من الأعمال التى تستوجب أحيانًا الحكم عليه بالإعدام. المؤقت.. أول رئيس طالب بتعديل قانون الطفل المصري فجرت قضية الطفلة زينة فى العام الماضى الكثير من الآراء والجدل حول قانون الطفل المصري، حيث كلف رئيس الجمهورية السابق فى ذلك الوقت "عدلى منصور"، مجلس الوزراء بتعديل أحكام قانون العقوبات بالنسبة للأحداث، واستثناء جرائم الاغتصاب والقتل وهتك العرض والسرقة بالإكراه من نطاق تطبيق أحكام الطفولة لمن بلغ الرابعة عشرة، ليحكم عليه بعقوبة جنائية فى أحوالها العادية، خاصة أن المادة 11 من قانون الطفل تنص على عدم الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد على من لم يتجاوز الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة. منظمات حقوقية: فى حالة تعديل القانون ستُحرم مصر من الدعم الدولى ومن جانب آخر أكدت الكثير من المنظمات الحقوقية فى تصريحات لها بخصوص تعديل قانون الطفل، أن مصر تخضع للمعايير الدولية التى تخص الطفل وهى ملتزمة بتطبيق تلك القوانين. وأكد الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، فى تصريحات له بخصوص تعديل قانون الحدث المصري، أن المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل تقضى بعدم جواز معاقبة طفل بالمؤبد أو الإعدام على جريمة ارتكبها، والانسياق خلف الضغوط الإعلامية المطالبة بتغيير ذلك وتغليظ العقوبات على الأطفال فى الجنايات، من شأنه التأثير على سمعة مصر دوليًا ويضعها فى مصاف الدول التى لا تحافظ على اتفاقياتها الدولية. وأضاف، أن تخفيض سن الطفولة إلى أقل من 18 عاما، يفجر قضايا أخرى، منها سن التجنيد الإجباري، ارتفاع معدلات الزواج المبكر، ارتفاع نسب عمالة الأطفال، ومن غير المنطقى أن نحكم بالإعدام على كل أطفالنا وندمر مستقبلهم، بسبب جريمة واحدة أو حالة خاصة. وأوضح أن المنظمات الحقوقية الرافضة لهذا التخفيض، ومن بينها الائتلاف، تتعاطف بشدة مع الأطفال وتدين جميع الجرائم الوحشية التى تحث لهم، لكن هذا التعاطف وتلك الإدانة لا يعنيان أن يغفل الائتلاف المصلحة العامة لأطفال مصر. وأكدت المنظمة، أنه يجب دراسة أسباب انتشار العنف بين أطفال مصر، مشيرة إلى أن حادثا مثل جريمة الطفلة "زينة" فى العام الماضى تحمل فى ملابساتها ثغرات تحتاج إلى الدراسة والتحليل، فأحد مرتكبى الجريمة "ضحية" التفكك الأسري، وأقوال والده "غريبة" حيث طالب بإعدام ابنه، وهذه مؤشرات تتطلب إعادة البحث فى كيفية حماية الأطفال الذين تدفعهم ظروفهم الاجتماعية إلى ارتكاب جرائم بشعة، وهو ما يتطلب تكاتف الدولة والمجتمع المدني، وأن تفكر الدولة فى تنشيط مراكز الشباب والأندية الرياضية التى تستوعب الأطفال وتوفر لهم صحة نفسية سليمة، ويصبح التفكير فى منع تكرار الجريمة أهم من تغليظ العقوبة. وعلى جانب آخر أكد مجلس أمناء المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة وحقوق الإنسان، فى رده على الجرائم التى تحدث فى مصر من قبل أطفال ضد مجتمعهم أنه رغم بشاعة ووحشية الجرائم التى ترتكب فى مصر من أطفال أحداث إلا أن القانون يجب أن يبقى مجردًا لا يتم تغيير قواعده ونصوصه مع كل قضية، مشيرًا إلى أن قانون الطفل المصرى على وجه الخصوص يعد من أعظم القوانين التى تستطيع أن تفخر بها الدولة ومنظمات المجتمع المدني، حيث جاء متوافقا إلى حد بعيد مع «اتفاقية حقوق الطفل». وأكدت المنظمة فى تصريحات لها، أن منظمات المجتمع المدنى بذلت جهودًا كبيرة لتحصل على المكاسب التى نصت على حماية حقوق الطفل المصرى فى كل الظروف، سواء مع القانون رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته فى القانون 26 لسنة 2008، وتم تدشين قانون فلسفته الأساسية قائمة على حماية الطفل وأنه ضحية فى كل الأحوال سواء كان جانيا أم مجنيا عليه، فهو ضحية المجتمع والأسرة والتربية والظروف الاقتصادية والثقافية والتعليمية. وأضافت أنه يجب علينا الاستعانة بالحلول الاجتماعية، وتفعيل أدوار الصحة والتعليم والأسرة ورجال الدين والإعلام ومنظمات المجتمع المدنى وغيرها لمنع الجريمة من الأساس. أما الحملة الشعبية لحماية الطفل، فاتفقت فى مضمون رسالتها للمجتمع المصرى مع باقى المنظمات الحقوقية وأنها مع وجهة النظر نفسها، حيث إن دعوات تخفيض سن الطفولة أو تغليظ العقوبة على الأحداث فى جرائم القتل والاغتصاب وهتك العرض تتسم بالعبثية وتفتقد إلى الصحة والمشروعية، سواء بنص الدستور الجديد الذى تم إقراره مؤخرا، والذى نص فى مادته (80) على أنه «يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود. ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه، وتوفر له المساعدة القانونية»، ومن ثم فأى تعديل لقانون الطفل المصرى وتخفيض سن الطفولة يمثل خرقا لهذا الدستور الذى يزهو الرئيس بأنه من أعظم دساتير العالم وشهد إجماعا شعبيا منقطع النظير، مستنكرة أن يطالب رئيس المحكمة الدستورية العليا بتعديل القانون بالمخالفة للدستور، وأن الاستجابة لمطالب تعديل سن الطفولة يمثل خرقا لالتزام مصر الدولى باتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل، وهو ما يعقبه إدانة دولية يترتب عليها وقف المنح والإعانات التى تقدمها دول الاتحاد الأوربى لمصر فيما يتعلق بمشروعات التنمية.