أعترف اعترافا جريئا لقد فشلت حياتي ، لن أقول إن حياتي تعسة فهذا وصف مبني للمجهول ولكن أقول لقد فشلت في إدارة حياتي ، كل اختياراتي كانت خاطئة وقد جانبني الصواب في تقديراتي وعلاقاتي ، واليوم أجني الثمرة المرة . حياة زوجية فاشلة حافظت عليها طويلا من أجل الأبناء ولكن هاهي تلقي بظلالها الكئيبة عليهم ويتحولون لأبناء معقدين تلفهم الحيرة ويسكنهم مبكرا الإحباط ، علاقات اجتماعية مترهلة واهية بسبب عدم التناغم الأسري ، الأسرة الناجحة فقط هي من تنجح في نسج علاقات اجتماعية ثرية ومشبعة ، تراجع علي مستوي الإنجاز المستقرون فقط يمكنهم الإنجاز . عرفت الحل وتوصلت إليه ، ذلك القرار الذي كان يخايلني منذ زمن وأراوغه و أهرب منه خوفا من أشباح اللوم والندم ، الحل هو الطلاق ، الطلاق كلمة ليست قبيحة فهو حلال ومباح وكثيرا ما يكون هو الحل ، الطلاق كلمة كانت تثير الفزع والتهديد لدي فما بالي اليوم أستعذبها وتريحني ، آخر الدواء الكي ، والقدم المصاب بالغرغرينا لابد من بتره . وماذا بعد ؟ لا يهمني ؟ ولكنني قطعا سوف أبدأ من جديد ، صفحة جديدة بيضاء أستفيد فيها من كل الدروس العميقة التي تعلمتها و أطبق حكمة الألم وليالي العذاب التي استخلصتها من حياتي مع ذلك الرجل الذي أحببته يوما . كان الحب وهما انبثق من براءة أحلامي وليس حقيقة ثابتة علي أرض الواقع ، لن أبحث عنه ثانية وإن قدر لي الارتباط من جديد سوف أبحث عمن يحقق لي الأمان والاستقرار وحسن المعاملة ووقتها سوف أحبه .
كانت تلك رسالة كثير من الزوجات ممن يحوم شبح الطلاق فوق رؤوسهن ويرونه حلا سديدا ومفتاحا سحريا لحياة جديدة ( game over ) وكلما تمكنت تلك المشاعر من النفس كلما زادت فجوة المشاكل اتساعا ، فقد تحولت الدوافع هنا إلي الهدم بدلا من البناء . الطلاق حق لن نفقده ولن يطير من أيدينا لو نظرنا حولنا قليلا قبل الإقدام عليه ، انظري ليس من وجهة نظر مشاعرك التي تسيطر عليك ذلك لأن مرآة المشاعر غالبا مضللة ، انظري نظرة حيادية ، بيتك جدرانه وأثاثه وكل ركن فيه يحمل ذكرياتك وأيامك ، ألبوم الصور ، عيون الأبناء ، الزواج ليس أبدا رجل وامرأة ولكنه كيانا بني عليهما إنه مؤسسة اجتماعية كاملة فهل لديك خطة بناء بديلة ؟ لا أعتقد . أيضا لا تستسلمي لوهم حياة جديدة ، هذا يحدث فقط في ألعاب الكمبيوتر أما في الواقع فلديك حياة واحدة فقط تسير في خط أفقي وهي ذات اتجاه واحد لا يمكن فيه الرجوع أبدا لنقطة البداية ، إذن بعد الهدم ستبدأين من بين خرائب حياتك وتكملين نفس المشوار وفي نفس الاتجاه فإذا كنت في الأربعين سوف تتجهين حتما نحو الخمسين ولن تعودي أبدا فتاة العشرين المرغوبة كما كنت يوما ، أيضا سوف تحملين هموم أولادك وتجربتك السابقة علي كتفك في اتجاه المستقبل ، فهل ستكون حمولة هينة ؟ وهل أنت فعلا قادرة عليها ؟ في الحياة لدينا طريق واحد فقط هو القابل للتجدد والبدايات الجديدة دائما وبابه مفتوح للجميع كما أنه مفتاح الدنيا والآخرة ، إنه الطريق إلي الله ، هل ترين أننا بعدنا الآن عن موضوعنا الرئيسي ؟ لا بل اقتربنا جدا ، إذا نويت بداية جديدة مع الله سوف تتغير حياتك الدنيوية إلي الأفضل ، سوف ترزقين الرضا بحالك أو يهدي الله لك زوجك و أهلك أو ييسر لك الانفصال الآمن إن كان فيه خيرك ، قبل الطلاق بدلا من الاستسلام لشيطان الغضب ابدأي بداية جديدة مع الله ، ابدأي طاعة جديدة راتبة تصبح جزءا من برنامج يومك ، الصيام أو القيام أو الصدقة أو صلة الرحم ، اتركي آفات اللسان وتضييع الوقت ثم التزمي الدعاء والاستخارة وانظري بعد ذلك ما سيكون عليه حالك . لا يمكن أن نحرم ما أحله الله ، والطلاق بالفعل هو آخر العلاج ونهاية المطاف وأحيانا يكون بداية لحياة أفضل ولكن قبل الطلاق وفض الميثاق الغليظ وهدم الأسرة فلننظر جيدا في المرآة ولنعترف بيننا وبين أنفسنا لماذا أصبحنا مقاولي هدم مهرة بارعين ولم نصبح مقاولي بناء ؟ [email protected]