قال خبراء اقتصاديون إن التقرير الإيجابي الذي أصدره صندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي في مصر سيتيح للحكومة المصرية الحصول على مليارات الدولارات بما يساعد على سد جانب من الفجوة التمويلية خلال السنوات الثلاث المقبلة. وذكر الدكتور فخري الفقي المستشار السابق لصندوق النقد الدولي إن التقرير الذي أصدره الصندوق بعد مشاورات المادة الرابعة التي أجراها في نوفمبر الماضي، سيفتح المجال أمام مصر في الحصول على عدة مليارات من الدولارات من المؤسسات الدولية إذا رغبت في ذلك. وأكد صندوق النقد الدولي على قدرة السياسات التي تتبعها الحكومة المصرية على تحقيق معدلات متزايدة للنمو الاقتصادي الشامل لتصل إلى نحو 5% على المدى المتوسط، في التقرير الذي أصدره الخميس الماضي والذي يعد التقييم النهائي للاقتصاد المصري بعد مشاورات المادة الرابعة التي أجراها الصندوق في مصر نهاية العام الماضي. وتنص المادة الرابعة من اتفاقية انشاء الصندوق، على أن يتولى الصندوق إجراء مناقشات ثنائية سنوية مع الدول الأعضاء، يركز خلالها على السياسات الاقتصادية الكلية للبلدان. وأضاف الفقي في تصريحات لوكالة الأناضول إن تلك الأموال تستطيع مصر من خلالها إنعاش الاقتصاد بشكل أسرع من ما كانت تستهدفه خلال الفترة الماضية. وتخطط الحكومة المصرية وفقا لتصريحات مسئوليها تحقيق معدل نمو 6% بحلول عام 2016/2017 مقابل معدل نمو 2.1% نهاية يونيو الماضي. وتوقع الفقي أن توافق عدد من المؤسسات المالية العالمية والإقليمية على اقراض الحكومة المصرية في حالة طلبها ذلك، بعد النظرة الإيجابية التي أصدرها الصندوق، وأن تتراوح حزم التمويل بين 12 إلى 15 مليار دولار. ووفق تقديرات الفقي فإن مصر يمكنها الحصول من بنك التنمية الافريقي على قرض تصحيح هيكلي بقيمة ملياري دولار، وقرض من البنك الأوروبي للإعمار والتنمية يتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دولار، ومن الاتحاد الأوروبي بقيمة ملياري دولار، هذا بجانب أن مصر تستطيع أن تحصل على قرض من الصندوق قيمته 6.4 مليار دولار وهي ما يمثل 4 أمثال حصة مصر في الصندوق مقابل 4.8 مليار دولار فقط كانت تسعى للحصول عليها في وقت سابق. وسعت مصر بعد ثورة 25 يناير للحصول على قرض من الصندوق إلا أن المفاوضات توقفت. ورغم إعلان الحكومة عن عدم اعتزامها اللجوء إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي في وقت سابق، إلا أن وزير المالية المصري هاني قدري دميان قال في تصريحات صحفية يوم الخميس الماضي إن بلاده يمكنها الاقتراض من أي جهة خارجية، ومن بينها صندوق النقد الدولي. ونفى دميان في تلك التصريحات أن تكون مصر غير راغبة بالاقتراض من المؤسسات الدولية، موضحا أن القاهرة منفتحة على كل خيارات التمويل، بما يواكب الخطط والاستراتيجيات التي تعمل عليها في الوقت الحالي. وذكر الفقي في تصريحاته لوكالة الأناضول أن تلك القروض تغطى جانب من الفجوة التمويلية المتوقعة لمصر خلال تلك السنوات والتي تتراوح بين 30 و35 مليار دولار. وتقول مصر إن الفجوة التمويلية خلال العام المالي الجاري تصل إلى 11 مليار دولار، لكن لم تعلن حتى الآن عن تقديرات جديدة للفجوة بعد التراجع الكبير في أسعار النفط، والذي سيوفر لها نحو 30 مليار جنيه (4 مليار دولار). والفجوة التمويلية هي الاحتياجات المطلوبة لمواجهة عجز الموازنة وتمويل الاستثمارات المطلوبة. وأشار الفقي أن باقي الفجوة التمويلية يمكن أن تساهم إنعاش الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة في سد جزء كبير منها. وتابع: "لو رغبت الحكومة المصرية في الحصول على قرض من صندوق النقد، يجب أن تعد برنامج للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي من خلال التصورات المستقبلية للإجراءات الاصلاحية لاعتماده من قبل الصندوق، لأن نظام البنك لا يعتد فقط بتقرير المشاورات ولكن يجب أن تقدم الحكومة المصرية برنامج واضح وهو بالفعل ما تسعى الحكومة لصياغته لتوضيح الصورة أمام المستثمرين الأجانب". وقال ممتاز السعيد وزير المالية المصري الأسبق إن التقرير الإيجابي لصندوق النقد يشير إلى الإجراءات السليمة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، وهذا التقرير يسهل لها الحصول على تمويلات خارجية كبيرة. ولفت في تصريحات لوكالة الأناضول إلى أنه لا يحبذ أن يكون تلك النظرة بوابة للاقتراض الخارجي. وقال: مصر تسير حالياعلى الطريق الصحيح من خلال اصلاحات حقيقية وضبط للإنفاق وهو ما سيشعر به المواطن خلال الفترة المقبلة، وما يجب أن توليه الحكومة المصرية جهدا هو عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والأمن العام لزيادة الحركة السياحية وهما كفيلين بشكل كبير في سد الفجوة التمويلية التي تعانى منها مصر. ومن جانبه قال السفير جمال بيومي رئيس وحدة الصداقة المصرية الأوروبية في تصريحات لوكالة الأناضول إن الطريق أصبح ممهدا لإنهاء المفاوضات الخاصة ببرنامج المساعدات الأوروبية المقدرة ب 500 مليون يورو للسنوات الثلاث المقبلة الذى كان مرهونا بتقرير صندوق النقد الدولي، ولم يعد يتبقى سوى وجود البرلمان المصري المنتخب. وتوقع بيومي تقدما في المباحثات مع الاتحاد الأوروبي بصورة كبيرة بشأن برنامج المساعدات لحين انتخاب البرلمان الجديد المقرر إجرائها في مارس الماضي. وأشار الى أن مصر حصلت على شهادة الثقة في الاقتصاد المصري بموجب هذا التقرير، وهو ما سيحدث زخما استثماريا كبيرا وعروض تمويلية ضخمة حيث أن مصر فرصة جيدة للمستثمرين بما تمتلكه من مؤهلات.