حالة من المفاوضات المُتعثرة شهدتها الدولة مع صندوق النقد الدولي خلال الأربعة سنوات الماضية وسيل من التصريحات المتناقضة من المسئولين فى الدولة التى تؤكد بعضها أنه لا بديل عن قرض صندوق النقد الدولي البالغ 4,8 مليار دولار والذى بدونه لا يمكن أن يتعافي الاقتصاد المصري فى ظل تراجع الموارد الدولارية ، بينما يري الاتجاه الاخر أن الدولة ليست بحاجة الي قرض صندوق النقد الدولي وهو ما يضمن عدم تفاقم الدين الخارجي والذى تجاوز ال 46 مليار دولار. وشهدت الأيام الماضية تصريحات لمحافظ البنك المركزي ، هشام رامز والتي أكد من خلالها عدم وجود نيه للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي رغم توقع الخبراء أن الدولة ستحصل علي القرض بعد اجراءات الاصلاح الاقتصادى التى قامت بها من رفع الدعم علي المواد البترولية وترشيد النفقات ليكون بمثابة صك ائتماني علي تعافي الدولة. وجاءت تلك التصريحات فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لدعوة بعثة من صندوق النقد الدولي قبل عقد مؤتمر "قمة مصر الاقتصادية" والمقرر عقده في شهر فبراير المقبل ، وذلك لإجراء مشاورات المادة الرابعة التي تسمح للصندوق بتقييم الوضع الاقتصادي والاستقرار المالي للموازنة العامة وقدرتها علي خدمة الديون العامة. وفسر عدد من الخبراء تصريحات هشام رامز بعدم حاجة الدولة الي قرض الصندوق لاعتماد الدولة خلال الفترة المقبلة علي جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة والمشروعات القومية العملاقة والتى ستساعدها علي سد الفجوة التمويلية والمتوقع لها أن تصل الي 45 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أنه فى حالة حصول الدولة علي القرض فلابد أن يوجه لمشروعات تنموية دون الاستخدام فى سد عجز الموازنة او سداد ديون دولة اخري. علاء سماحه ، مستشار وزير المالية الأسبق ورئيس بنك التنمية والائتمان الزرعي سابقاً ، يري أن الاهم من الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي هو تحديد الغرض الذى سيوجه له القرض ومعرفة هل الدولة بالفعل فى حاجة له لتنفيذ مشروعات تنموية او أنه سيوجه لسد عجز الموازنة بجانب التعرف علي شروط الصندوق ومدي ملاءمتها للواقع المصري من عدمه. وأوضح أن الدولة ربما لا تحتاج الي قرض صندوق النقد الدولي علي الرغم من أن قروضه تتميز بطول فترة السداد وقلة العائد فى ظل الخطة الاقتصادية التى تسير عليها من تنفيذ مشروع محور تنمية قناة السويس والذى من المتوقع أن يضاعف موارد الدولة الدولارية من القناة بجانب ايرادات القطاع السياحي بعد رفع العديد من الدول الحظر عن السفر الي مصر. وحول قيام الدولة بسداد 3 مليارات دولار لقطر قبل نهاية العام الجاري ومدي تأثيره علي الاحتياطي النقدي، أوضح أنه لا مخاوف من سداد تلك القيمة علي الاحتياطي النقدي فى ظل قدرته علي تغطيه الواردات السلعية ل 3 أشهر متتالية ، رافضاً الاقتراض من صندوق النقد الدولي لسداد التزامات الدولة تجاه دولة اخري. قال فخري الفقي ، مساعد المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى سابقاً ، أن الفجوة التمويلية للدولة سترتفع الي 45 مليار دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة مما يشكل عبء كبير علي الموازنة العامة للدولة. وأشار الي أن عدم نية الدولة الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي قد يكون علي المدي القصير والذى من المتوقع أن تنجح خلاله الدولة فى سد الفجوة التمويلية من خلال جذب استثمارات تغطي 70% من حجم الفجوة. وأوضح أن الدول العربية ربما ستقدم للدولة مساعدات اخري علي المدي القصير من خلال مؤتمر المانحين بشهر فبراير المقبل بنسبة تغطي النسبة المتبقية من الفجوة التمويلية والبالغة 30%. ونوه الي ضرورة سعي الحكومة الى تحسين المناخ الاستثماري وتوفير الطاقة اللازمة للمصانع والمستثمرين من السولار والبنزين مع الاستعانة بالدول العربية والتى لا تمانع فى ضخ مواد بترولية فى ظل رغبتها فى عدم تعطل مصالحها بالدولة. وأكد أنه فى حالة فشل الدولة فى تحقيق هذه المعدلات فليس امامها سوي الاقتراض من مؤسسات التمويل الأجنبية كالبنك الاسلامي للتنمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولكن ذلك لن يكون قبل الانتهاء من تشكيل مجلس شعب والانتهاء من اعداد اركان الدولة. وشدد علي ضرورة استفادة مصر من صندوق النقد الدولي فى اغراض اخري غير تمويلية وخاصة فى تقييم برنامج الاصلاح الاقتصادي الذى تقوم به الحكومة وتقديم الدعم الفني.