بعيدا عن المشاحنات والمليونيات والدستور والانتخابات هناك حالة من الضبابية والغموض تسيطر على جميع أطراف المشهد السياسي، سواء المجلس العسكرى أو الثوار أو المرشحين للرئاسة ،فالمجلس العسكرى يتبنى سياسات وقوانين لها من سوء السمعة ما يجعل الجميع يتعجب من الأمر، فمثلا قانون الانتخابات الجديد الذى قدمه المجلس تشتم فيه رائحة السياسي الفاشل احمد عز وترزى القانون فتحى سرور وتحلق فوقهما روح المرحوم كمال الشاذلى ، وللآسف المجلس كان يصر عليه ولا اعلم هل لعدم خبرته بالعمل السياسي؟ أم بتضليل من المستشاريين السياسيين للمجلس ام ان الامر مقصود؟ وبالطبع المجلس لن يرد على اى من هذه التساؤلات لتظل الضبابية هى الحاكمة فى المشهد السياسي على الجانب الأخر الثوار بكافة أطيافهم يثيرون مزيدا من الغموض والضبابية فالإخوان مثلا يرتمون فى أحضان المجلس العسكرى بلا مبرر منطقى، ثم ينتفضون فجأة ويهددون المجلس العسكرى بعد جمعة 9/9 بلا مبرر منطقى أيضا ،وموقفهم مغضوب عليه من باقى التيارات السياسية التى ترى أن الإخوان يبحثون عن مصلحتهم الخاصة فقط أما اليسار والليبراليون فهم يعلمون جيدا انه ليس لديهم حظوظ فى الانتخابات القادمة (حتى لو تمت بعد عشر سنين ) لأنهم أساتذة فى الكتابة والمواجهات الفضائية ولكن بدون رصيد فى الشارع ، وعلى ذلك فالكراسى التى يتم ضربها فى كلوب الاستقرار المصرى كثيرة، بعضها بدون وجه حق مثل الدستور أولا وبعضها بحق مثل رفض المحاكمات العسكرية وغيرها، والمحصلة مزيدا من الضبابية والغموض حتى التيار السلفى فى مصر فقد نجح هو الأخر فى تشويه نفسه وصورته أمام الرأى العام المصرى بعد أن تسبب عدد كبير من شيوخ السلفية بعقليتهم غير السياسية فى اكتساب عداء عددا كبيرا وضخما من أبناء الشعب المصرى مسلمين وأقباط أما من قاموا بالثورة فعلا من المصريين العاديين غير المسيسين أساسا فقد اندثروا بعد أن اقتحمت هذه التيارات المشهد أما السادة المرشحون للرئاسة فمازال معظمهم يمارس سياسة الدنيا رابحة فين، لو الميدان عدده كبير ومنتصر يبقوا مع الميدان، لو العكس يصبحوا ضده لكن هل لأحد منهم رؤية حقيقية حتى لو تسببت رؤيته فى إغضاب البعض؟ للأسف لا واحد مثل الدكتور البرادعى ظل فى المغارة اثناء جمعه 9/9 وخرج على تويتر بعد أن عرف اتجاه الريح وبدأ( يتوت ) وللأسف مازلت أرى أن لا احد منهم حتى الآن قدم مسوغات اختياره رئيسا لمصر ووسط كل هذه الضبابية تقف دولة اسمها مصر تنتظر من ينقذها لا من يستعمرها بافكاره واتجاهاته السياسية ، مصر الان امام مفترق طرق كبير واما ان تضيع ولا يعلم احدا الا الله متى سترجع ،واما ان يرسل الله لها من يقودها بحكمة لإاستعادة مكانها ودورها الريادى والاممى لذلك رسالتى الى جميع القوى الوطنية فى مصر ليس هذا وقت اغتنام الفرص والنظر تحت الاقدام بحثا عن غنائم قليلة ومحدودة، هذا وقت بناء دولة وعندما تنتهى من مرحلة البناء دعونا نتخانق ونتحالف مع وضد ويشتم بعضنا بعضا ونتعارك بالشوم على من يسكن هذا الطابق أو ذاك أو من يفرض سيطرته وسطوته ،لاننا سنكون وقتها أمام بناء قوى متماسك لن ينهار، أما أن نقف على أطلال خرابة نتخانق على من يسكنها فهذا هو الجنون بعينه ولتبقى نقطة معلومة ومهمة نستطيع أن نستقيها من تاريخنا الطويل، مصر لن تتحول إلى دولة ملحدة تباع فيها النساء فى الفتارين وتراق فيها الخمر انهارا، ولن تتحول أيضا إلى دولة منغلقة يقف فيها البعض على النواصى يفتش فى الثياب وفى العقول على الإيمان أرحموا مصر وأنقذوها ويكفى كل الضبابية والتلون من الجميع، يجب ان نصارح بعضنا البعض داخل الوطن ، واعلموا ان بناء الدولة هو الأهم ، البناء يجب ان يقوم على الأسس العلمية والحضارية والقيم الدينية والإنسانية النبيلة، وان نتكاتف كتابا وثوارا ومجلس ومرشحين لبناء مصر، وان ننحى الأطماع الشخصية والعقائد السياسية جانبا ،وان نبنى أولا ثم نفكر فى الصراع فيما بعد، بدلا من أن تنهد البلد على رؤوسنا جميعا Facebook [email protected] twitter@ehabelbadawy