أثار إطلاق خدمة جديدة على الهاتف المحمول في زيمبابوي، تسمح للمواطنين بالحصول على استشارات طبية عبر هواتفهم، موجة من الجدل؛ حيث يرى البعض أنها ستفيد الكثيرين لا سيما في الأماكن النائية، فيما اعتبر أخرون بينهم أطباء أنها مجرد "سرقة". وتبلغ تكلفة الخدمة الجديدة، التي أطلقتها شركة "إيكونت" الرائدة في مجال شبكات الهواتف المحمولة في موريتانيا، 0.7 دولارا أمريكيا للدقيقة الواحدة. هذه التكلفه كانت وجها لاعتراض البعض على هذه الخدمة حيث يراها مفيدة، لكنه يرى أن تكلفتها مبالغا فيها. ومن هؤلاء "لينوكس ملانغا"، وهو مستشار علاقات عامة يقيم في العاصمة هراري، حيث يقول في حديث مع وكالة الأناضول: "في ظل الصعوبات الاقتصادية السائدة، كيف تتحمل والدتي التي تعيش في منطقة ريفية 0.7 دولارا أمريكيا لكل دقيقة". وشكك "ملانغا" في مبررات فرض هذه القيمة من الرسوم مقابل الحصول على الخدمة، بينما تم الشهر الماضي تخفيض سعر دقيقة الجوال في البلاد من 0.33 دولارا إلى 0.15 دولارا، بعد تدخل هيئة تنظيم الاتصالات والخدمات في زيمبابوي (بوتراز) إثر شكاوى العملاء من ارتفاع تكلفة الاتصالات. لكن "إيكونت"، التي تضم أكثر من خمسة ملايين مشترك، أكدت أن التكلفة التي حددتها للخدمة عادلة؛ فهي ستوفر على مستخدميها الوقت في الانتقال إلى المستشفيات في حالات الطوارئ. ولفتت في تبريرها للرسوم العالية لهذه الخدمة إلى أن الأطباء العاملين على هذه الخدمة يتقاضون رواتب. وفي كلمة له خلال حفل إطلاق الخدمة، قال الرئيس التنفيذي للشركة، دوغلاس مبويني، "بالنظر إلى أن لدينا قاعدة عملاء ضخمة، هذا المنتج (الخدمة) الجديد التي أطلق عليها اسم (اتصل بالطبيب) سوف تفيد الكثير من الناس، البعض منهم في أماكن نائية بعيدة عن المستشفيات". وفي حديث ل"الأناضول"، قال بريشوس لونغا، وهو مسؤول كبير في "إيكونت": "خلال المرحلة التجريبية التي استمرت ثلاثة أسابيع، تمكنا من مساعدة أكثر من 5000 مشترك عبر هواتفهم"، مضيفا: "أرى أن المنتج يزداد شعبية". ويأتي إطلاق هذه الخدمة الجديدة في وقت تعاني فيه البلاد لمواجهة تفشي الأمراض مثل الكوليرا، حيث هاجر عدد كبير من الأطباء والممرضات بحثا عن فرص عمل أفضل في ظل انهيار نظام الخدمات الصحية في البلاد. وتقوم حكومة زيمبابوي بتوظيف معظم الأطباء في البلاد، حيث يتقاضون راتبا أقل من 500 دولار شهريا، في حين يتقاضون في دول مجاورة أكثر من 3 أضعاف هذا الراتب، ولهذا لم يتبق سوى عدد قليل منهم في البلاد. وفقا للطبيب بورتيا مانانغازيرا، مدير قسم الأوبئة والسيطرة على الأمراض في وزارة الصحة الزيمبابوية، يقدر أن كل طبيب مطلوب منه أن يعالج حوالي 50 ألف مريض. وقال "مانانغازيرا" في كلمة خلال حفل إطلاق الخدمة: "اعتدنا أن نكون أعجوبة في المنطقة، لكن في الوقت الراهن، كل طبيب يخدم 50 ألف شخص، وكل ممرضة تعتني ب3 آلاف، وكل قابلة تولد ما يقرب من 800 أم (حامل)". وتوقع المسؤول أن تساهم الخدمة الجديدة في المساعدة بقدر كبير بالنظر إلى منتجات مماثلة معمول بها في بلدان أخرى. في الوقت الذي بدا فيه أن وزارة الصحة تتبنى الفكرة، ينتاب الشك العديد من المواطنين في زيمبابوي. وفي حديث ل"الأناضول"، قالت شيلي مبوفو، وهي سيدة أعمال في هراري: "رغم أن الخدمة ربما تكون ذات هدف نبيل، لا سيما لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية بعيدا عن المستشفيات، فإن الرسوم ما زالت باهظة". وأضافت: "إنها (الخدمة) مكلفة، وأنا لا أعتقد أنها منتج للفقراء". وتابعت: "أميل إلى الاعتقاد أن إيكونت ترغب في تعويض الإيرادات التي خسرتها عندما تم تخفيض رسوم تعريفة الاتصال في وقت مبكر من هذا العام". بدورها، اتهمت "شاميسو مابارا"، وهي ربة منزل، شركة "إيكونت" باستغلال الفوضى السائدة في البلاد. وقالت "مابارا"، في حديث ل"الأناضول": "تحاول إيكونت الاستثمار في كل قطاع اقتصادي في البلاد، وفيما يتعلق بالمنافسة، فهذه ممارسة استثمارية سيئة". وأضافت: "بوصفنا نساء، نتشارك معلومات حيوية مع الأطباء على تطبيقات (التواصل الاجتماعي)، واتس آب، وفيسبوك". وتطبق زيمبابوي في الوقت الراهن قانون منافسة عفا عليه الزمن من أجل الحد من الممارسات التجارية غير العادلة في البلاد. وفي المقابل يقول الأطباء في القطاع الخاص، إن النظام الجديد من المرجح أن يحرمهم من مرضاهم. وفي هذا الصدد، اشتكى بليسينغ شيري، وهو طبيب مقيم في هراري، قائلا: "البعض منا يدير عيادات خاصة تنتشر في جميع أنحاء المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، ولا أدري كيف سيزورنا نفس الأشخاص بعد (خدمة) طلب الطبيب". وأضاف في حديث ل"الأناضول": "نطلب ما بين 40 و70 دولارا كرسوم الاستشارة، ونحيل مرضانا للمتخصصين ونصف لهم الدواء"، مشيرا إلى أن الخدمة الجديدة تشبه محرك البحث مثل "جوجل"، ولا يصف الدواء. واختتم حديثه بالقول: "الأمر يعتمد على كيفية استقبال السوق لها، لكن (خدمة) اتصل بالطبيب مجرد سرقة".