قال عدد من الخبراء والمصرفيين بمصر إن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزى المصرى للقضاء على السوق السوداء للدولار جيدة وساهمت في تحجيم هذا السوق وتعامل العملاء على السعر الرسمى الذى أعلنه المركزى، إلا أنهم اعتبروا الإجراء منقوص ويحتاج لتدابير تكميلية لعدم عودة الازمة مجددا. وقام البنك المركزي المصري بخطوة مفاجئة في 18 يناير كانون الثاني الماضي عبر تحريك سعر الجنيه في البنوك مما دفع سعر الدولار للارتفاع أمام العملة المحلية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة بنسبة 6.3 %. وتتبع مصر أسلوب التعويم المدار في تحديد قيمة عملتها أمام باقي العملات الأخرى، ويعني التعويم المدار ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب مع لجوء المصرف المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات. كما قرر المركزى مؤخرا وضع حد أقصى لقبول ودائع الشركات والأفراد بالعملة الأمريكية لا يتعدى 10 آلاف دولار "كاش" يوميًا و50 ألف دولار تراكميًا خلال الشهر الواحد. وأوضح الخبراء المصرفيون لوكالة الاناضول أن تلك الاجراءات المطلوبة تتمثل فى توفير الدولار بالبنوك لطالبيها فضلا عن عدم ترتيب أولويات اتاحة التمويل للمستوردين وفقا للسلع التي يتم استيرادها بغض النظر عن كونها رفاهية أو أساسية بالإضافة الى تحريك سقف الايداعات خلال مدى قريب لعدم الاضرار بمصالح المستوردين والجهات التي تتعامل بالدولار. وقال علاء سماحة الرئيس السابق لبنك التنمية والائتمان الزراعي والخبير المصرفي إن إجراءات البنك المركزى المصري لمحاربة السوق السوداء للدولار جيدة ولكن كانت يجب أن تأتى في وقت يكون لديه مخزون جيد من الدولار. وأشار سماحة إلى أن المتعاملين حاليا يذهبون للبنوك لطلب الدولار ولا يجدون ما يحتاجونه فضلا عن ترتيب أولويات فتح الاعتمادات الاستيرادية تبعا لأهمية السلعة. وتابع سماحة، لو لم يرتفع مخزون الدولار لدى البنوك في القريب العاجل ستعود السوق السوداء خاصة لمستوردي السلع الرفاهية أو غير الضرورية حاليا حيث أن هذه الاجراءات أضرت بأعمالهم التي اعتادوا عليها وسمحت الدولة لهم باستيرادها، فكلما زاد الطلب وقل المعروض، عادت السوق السوداء بغض النظر عن السعر المعروض. وقال سماحة إن المركزي المصري راهن على تحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات المرتقبة عقب المؤتمر الاقتصادي المقرر إقامته في منتصف الشهر المقبل في توفير العملة الدولارية بالبنوك وهو ما يحتاج تحركا فى هذا الصدد لسرعة احتواء الاثار الايجابية الناتجة عن خلق سعر موحد للدولار وتحجيم السوق السوداء. وفي حين أشاد أحمد سليم رئيس قطاع الائتمان بأحد البنوك المصرية بقرارات المركزي المصري على صعيد إنهاء السوق السوداء للدولار من خلال تعويم الجنيه ووضع سقف للإيداعات اليومية، إلا أنه يرى أن هذا الاجراء وقتي ولا يمكن لدولة من الدول أن تستمر على هذا النحو. وأضاف سليم أنه يتوقع أن تعود السوق لطبيعتها من توافر الدولار بالبنوك بالسعر العادل وتواجده في شركات الصرافة ووجود فارق بسيط في السعر عن السوق الرسمي مثلما كان الوضع قبل ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011. ورهن سليم ذلك بعودة الاستقرار الاقتصادي وانتعاش مصادر العملة الاجنبية مثل السياحة والاستثمارات الاجنبية وهو ما سيتبعه تحريك تدريجي لسقف الايداعات المحدد من قبل البنك المركزى. وفى المقابل يرى محمد الابيض رئيس شعبة الصرافة أن عودة السوق السوداء للدولار أمر صعب جدا. وأشار إلى أن شركات الصرافة الملتزمة تشهد انتعاشة حاليا واختفى المضاربون من السوق ويتهافت العملاء على البنوك والشركات الملتزمة مما سيعمل على توفير الدولار فى السوق الرسمية لطالبيها وتنتهى مشكلة قوائم الانتظار. ورصد مراسل وكالة الأناضول خلال جولة أن سعر الدولار في الصرافة وصل لنفس السعر تقريبا في البنوك بعد الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي. وقال تقرير لصندوق النقد الدولي صدر أول أمس الأربعاء الماضي إن هناك مخاطر في الاقتصاد العالمي قد تؤثر سلبياً على الاقتصاد المصري ومن بينها التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي لمعظم الدول النامية والشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لمصر مما يؤثر سلباً على التدفقات الخارجية لمصر خاصة مع انخفاض الاحتياطي من النقد الاجنبي بها.