(ثلاثة حروب فاشلة، انهيار وول ستريت، ركودين كبيرين، كوارث طبيعية من كاترينا ل إيرين، تخفيضات ائتمانية، معارك ملحمية حول الرعاية الصحية والهجرة والعجز، تصدير التعذيب والاعتقال دون محاكمة في معتقل جوانتانامو، اجتزاء الحريات المدنية في الدول المحاربة، رعب في أبو غريب، زيادة الهجمات ضد الفلسطينيين، حروب في الصومال ولبنان، هجمات بدون طيار على باكستان، ديون ثقيلة خلّفتها الحروب، ومحاولات شيطنة غير مسبوقة للمسلمين).. خلاصة 10 سنوت من (الحرب- على ما يسمى- الإرهاب)، تجاهلتها معظم الصحف والمجلات العالمية التي اهتمت بتغطية الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر، مثل أسبوعية "ذي إيكونوميست"، و"نيو ريبابلك" الأمريكية، و"وورلد" المسيحية، وغيرها. ولم يشِذ عن هذا التحيّز الصارخ إلا بعض الأصوات الخافتة المتناثرة، مثل افتتاحية مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011، تحت عنوان (بعد عقد من الحرب، الغرب ضعيف وفي تراجع) ولخصت فيه حال الغرب بعد 10 سنوات من الصراع: بعد عقد من هجمات 11 سبتمبر لم يعد القادة الغربيون يعلنون عن رغبتهم في إعادة ترتيب العالم، ولم تعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا تتحدثان عن النصر في أفغانستان، واكتفيا فقط بالتراجع وعقد الصفقات مع طالبان؛ الحركة التي كان يُتفاوض معها في السابق من موطن القوة وليس الضعف؛ والسبب في ذلك أنّ أزمات الديون السيادية والمالية التي اجتاحت بلادهم، شغلتهم بالكفاح من أجل التكيف مع التدهور، وقبول حدود سلطتهم المتآكلة. خلال هذه السنوات شُوِّه كثير من أعز قيمنا الليبرالية؛ أصبح المسلمون حول العالم في مرمى النيران، وحظيت الإسلاموفوبيا بقدر من الاحترام في أوساط الجميع، وطبقت أمريكا سياسة "التسليم الاستثنائي" للمشتبه بهم في قضايا الإرهاب، وتغاضت عن تعذيبهم، وسجنهم، بدون محاكمة، في معتقل جوانتانامو. بيدَ أنه كان بالإمكان أن تسير الأمور بطريقة مختلفة، لو أُحسِن استخلاص العبر من حوادث العقد الماضي. أيضًا كتبت الناشطة ليندسي جيرمان، المتحدثة باسم تجمع (أوقفوا الحرب)، تحت عنوان (فشل الحرب على الإرهاب) في صحيفة مورننج ستار البريطانية: استغلت (غالبية الصحف الغربية) الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر لتبرير الحروب السابقة، والتمهيد لأخرى مستقبلية، كما صورت الإطاحة بالقذافي على أنه نموذج لنجاح التدخل الغربي في ليبيا، وها هي الآن تناقش بانفتاح إمكانية تكرار نفس السيناريو في سوريا، في تجاهل واضح للمشاعر المعادية للحرب، التي يحملها غالبية الشعبين الأمريكي والبريطاني. والحقيقة أنّ أي معايير موضوعية تؤكد أن (الحرب على الإرهاب) قد فشلت، وأن العالم الآن بات مكانًا أكثر خطورة عما كان عليه قبل عقد مضى. وبعيدًا عن معركة كبح جماع الركود، فمن الملاحظ أنّ الأزمة الاقتصادية والقدرة العسكرية يسيران جنبًا إلى جنب. لقد أعرب كثيرون حول العالم قبل 10 سنوات عن خشيتهم من أن يفتح ردّ بوش على هجمات سبتمبر الباب أمام إرهاب أكبر، الأمر الذي أصبح خارج نطاق النقاش الآن. لقد شهدنا 10 سنوات من الحرب في أفغانستان، و8 سنوات من احتلال العراق، وآلاف تَمّ قصفهم في ليبيا، وتصدير التعذيب والاعتقال دون محاكمة في معتقل جوانتانامو، واجتزاء الحريات المدنية في الدول المحاربة، ورعب أبو غريب، وزيادة الهجمات ضد الفلسطينيين، وحروب في الصومال ولبنان، وهجمات بدون طيار جنوبي باكستان، وديون ثقيلة خلفتها الحروب ومحاولات شيطنة غير مسبوقة للمسلمين. لكن لحسن المقادير أنّ العقد الماضي شهد أيضًا نهوض حركات مناهضة للحرب حول العالم، تحدت أولويات مسعري الحرب وسادت في خلق مستوى عالٍ من الوعي ب (خطورة) الاستعمار والحرب، مثل تجمع (أوقفوا الحرب) الذي لعب دورًا كبيرًا في هذا السياق.