هل وسائل الإعلام وحدها هي المسؤولة عما حدث في اليومين الماضيين، أمام السفارة الاسرائيلية ومديرية أمن الجيزة ووزارة الداخلية؟! المجلس العسكري أصدر بيانا حمل "إدانة" ضمنية للإعلام .. واتهمه بشكل غير مباشر بأنه قد تورط في صنع الأزمات الأخيرة! صحيح أن في مصر اليوم، فضائيات وصحفا لا عمل لها إلا قذف حمم الفتن، والدفع في اتجاه تأزيم الحياة السياسية قبل الانتخابات المقرر اجراؤها كما هو مفترض الشهر الجاري. هذا صحيح.. غير أن صانع القرار في مصر، هو الذي يعطي لتلك الفضائيات أو الصحف فرصة لنصب الكمائن وتصيد المجلس العسكري، واحراجه أمام الرأي العام.. إذ تظل بعض القرارات الملتبسة، موضوعا لصنع قنابل المولوتوف السياسي، وانتشارها في يد مثير الشغب سواء من كان منهم على حق أو كان على الباطل. فضائيات الفتنة.. تشعر بأنها انتصرت في معركتها مع نتائج الاستفتاء ومع السلطات العسكرية ذاتها.. إذ بات الكلام عن اجراء الانتخابات في موعدها طي النسيان، فيما تصدر التصريحات التي تشير إلى امكانية تعليقها، والتخلي عن الشرعية الدستورية التي اقرتها نتائج استفتاء 19 مارس الماضي. حتى اليوم لا نعرف متى ستجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعدها.. في بيئة توتر سياسي مصطنع، أضاف الكثير من الغموض على صدقية الوعود بان تجري الانتخابات وفق خريطة الطريق التي اختارها الشعب عبر صناديق الاقتراع منذ سبعة أشهر مضت. لا أحد يعرف لا على وجه الدقة أو اليقين.. متى ستجري الانتخابات في وقت باتت التلمحيات "الرسمية" بنزع "القدسية" عن "سلطة الشعب" يتواتر بشكل لافت من قبل رموز كبيرة من داخل النخبة السياسية والعسكرية الحاكمة.. وهو ما فسر بأنه قرار وشيك بكتابة الدستور قبل الانتخابات التي باتت في رحم الغيب منذ بضع اسابيع. يأتي ذلك بالتزامن مع قرارات "تعسفية" مناهضة لحرية الرأي وبشكل غير مسبوق ولم يحدث حتى في عهد الرئيس السابق ذاته.. وذلك حين قررت الحكومة وقف اصدار تراخيص لقنوات فضائية جديدة.. فيما تواطأت كل القوى والتيارات التي حصلت على رخص من قبل مع هذا القرار وسكتت عنه واعتبرته لا يعنيها في شئ بعد أن ظفرت برخصة وبات لها نافذة على السموات المفتوحة.. وهي خيانة رخيصة للحريات وانتكاسة كبيرة تعتبر خصما لا يمكن تجاهلة من رصيد ثورة 25 يناير. الاعلام وحده إذن ليس هو المسؤل عن هذا الاضطرابات الأمنية .. بل لا نغالي إذا قلنا إنها صنعت ليس في ميدان التحرير ولا في المناطق المحيطة بالسفارة الاسرائيلية أو مديرية أمن الجيزة.. وإنما صنعتها قرارات القيادة السياسية التي تدير البلاد الآن.. وعليها أن تحذر.. فالشعب لا يزال يحتفظ بوهج الثورة في الشوارع.. وأي تسويف أو قفز على السلطة بعيدا عن ارادته ربما تكون عواقبه وخيمة، أو على الاقل تدفع في اتجاه ثورة ثانية تكون أكثر عنفا وصلافة ما هذا التعسف الرسمي المستفز [email protected]