كشفت لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب عن فضيحة جديدة للحكومة حول مسلسل إهدار المال العام وعدم الاستفادة من المنح والقروض التي تحصل عليها مصر من الدول الخارجية وذلك من خلال تقرير أعدته اللجنة ويناقشه المجلس خلال جلساته هذا الأسبوع. بدأت فصول كشف الفضيحة الحكومية أثناء مناقشة اللجنة لاتفاقية قرض موقعة بين مصر وصندوق الأوبك للتنمية الدولية لمشروع المدارس الثانوية الصناعية وتأكيد النائب علي لبن من كتلة نواب الإخوان أنه يوجد قروض سابقة لتطوير المدارس الثانوية الصناعية ولم يتم الاستفادة منها وأهدرت أموالها طبقا للتقارير الواردة من الجهاز المركزي للمحاسبات عن متابعة وتقويم الخدمة التعليمية بالتعليم الفني بمحافظات الجمهورية عن عام 1997/1998. وأكد النائب الإخواني أنه لابد من محاسبة الحكومة على إهدار الأموال التي تأتي من خلال القروض والتي يتحمل أعباء فوائدها الأجيال القادمة ، متسائلا : كيف تحدث هذه المخالفات والتجاوزات من قبل الحكومة وهناك أجهزة رقابية ومجلس شعب وفي النهاية لا يحاسب أحد . وقال النائب الإخواني إن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات أكدت وبشكل قاطع عدم استفادة المدارس الفنية الصناعية من المعدات والتجهيزات رغم أنها على جانب كبير من التكنولوجيا المتقدمة والتي تم توريدها لبعض المدارس بتمويل سابق من قرض بنك وصندوق التنمية الأفريقي "المرحلة الأولى" الأمر الذي ترتب عليه عدم تحقيق الأغراض المستهدفة من هذين القرضين بتزويد بعض المدارس بهذه المعدات لإنشاء شعب تخصصية بالمدارس الفنية لمواكبة احتياجات قطاع الإنتاج والخدمات العمالية الفنية اللازمة وخاصة أن الأمر كان واضحا وخطيرا على العديد من المدارس وعلى سبيل المثال لا الحصر المدرسة الثانوية الفنية الصناعية للطباعة بشبرا المظلات. وكانت أخطر المفاجآت عندما قامت اللجنة بزيارة ميدانية إلى تلك المدرسة برئاسة الدكتور السيد عطية الفيومي وكيل اللجنة واكتشافها أنه ورغم مرور أكثر من 8 سنوات على شراء ماكينات تقدر قيمتها بنحو 30 مليون جنية، ممولة من قرض بنك التنمية الأفريقي، إلا أنها لم تستغل حتى الآن. وأكدت اللجنة أن هذه الماكينات ذات تنقية عالية ولا تتناسب مع احتياجاتنا ولا يوجد لها وكلاء في مصر وأنه لا يوجد أي جهة متخصصة مسئولة عن الصيانة العاجلة. وكشفت اللجنة خلال زيارتها الميدانية أن نسبة الماكينات الصالحة للعمل حوالي 10% كما كشفت اللجنة عن وجود ماكينة طبع متصل لا يوجد لها مثيل في مصر إلا في مطابع الأهرام ومعطلة منذ أربع سنوات. وجاء في تقرير اللجنة الذي أعده الدكتور السيد عطية الفيومي أن اللامبالاة وصلت إلى أن تتولى هيئة الأبنية التعليمية صيانة الماكينات رغم أنها هيئة غير متخصصة في هذا المجال من قريب أو بعيد. وأشار التقرير أيضا إلى أن ماكينتي تسطير الكراسات وطباعة وتجليد الكتب لم يتم استخدامها حتى الآن رغم تقنيتها العالية في الوقت الذي أكدت فيه اللجنة أن العمل التدريبي والإنتاجي للماكينات الموجودة في تلك المدرسة فقط يمكن أن يدر ربحا قدره مائة ألف جنية شهريا في حالة تعظيم الاستفادة منها. وأكدت اللجنة في تقريرها أنه بالرغم من أن هذه المدرسة تعتبر الوحيدة في تخصص الطباعة على مستوى الشرق الأوسط منذ إنشائها عام 1993 إلا أن المبالغ المخصصة لها لبند خدمات التعليم غير كافية لخامات المعدات الإنتاجية. أكدت اللجنة على ضرورة أن تلتزم الحكومة بتقديم تقارير بصفة دورية إلى مجلس الشعب حول كفاءة إدارة هذه القروض في إطار ما تحققه من أهداف خاصة وأن القرض الأخير والموجهة إلى المدارس الصناعية تقدر قيمته بنحو 10 ملايين دولار ، مشددة على أن تنفيذ الاتفاقيات هو مسئولية الحكومة في إطار ما تطرحه من برامج ومشروعات يقرها مجلس الشعب. من جانبه ، أكد الدكتور السيد عطية الفيومي ، في تصريحات خاصة ل " المصريون " ، أنه يجب على الحكومة الحفاظ على المال العام وتوجيه القروض في أغراض تحقق ناتج سواء تعليمي اقتصادي أو تدار بأسلوب يحقق المنفعة ولا تترك بهذه الصورة التي شاهدناها في جولتنا . وشدد على أنه يجب محاسبة كل مسئول مقصر ، خاصة وأن هذه القروض المخصصة لتطوير المدارس الثانوية الصناعية الهدف منها أن تصبح المناطق المجاورة للمدارس على مستوى الجمهورية مناطق جذب للصناعات الحديثة للمساعدة على رفع معيشة المواطنين . وأوضح الفيومي أن الهدف من هذه القروض أيضا هو تطوير وتحسين المناهج التعليمية بالمدارس الصناعية والخطط الدراسية والتوسع في استخدام الحاسب الآلي وتحسين نوعية الخريجين وخلق فرص عمل مناسبة وزيادة قوة المؤسسات الإنتاجية التي تعمل على تكامل الصناعات ومسايرتها للاقتصاد العالمي ، لكن للأسف هذا لم يحدث على أرض الواقع.