تتبع الدكتور إبراهيم عوض الأفكار المارقة التى تسىء عمداً إلى الإسلام وتشهر برسوله وتعاليمه وتناولها بالرد سواء فى كتب أو مقالات مشباكية، وفى هذه الردود تزاحمه الأفكار الكثيفة لديه والتى تنبىء عن موسوعية صاحبها وهو فى هذا ينحو منحى العقاد صاحب الردود المفيدة فى إسلامياته بالرغم من أن العقاد كان متفرغاً تاماً لأفكاره وأبحاثه وكتبه ومشروعه الفكرى، ولم يكن متزوجا بالتالى لم يكن يعول أولادا ولم يتعرض لأتراح الحياة وتعقيداتها..أما الدكتور إبراهيم عوض فشغل بالوظيفة والأولاد الذين حصلوا على الدرجات العليا فى الجامعات ويشغلون مواقعا بها فرغم هذه الأعباء نراه يكثر من أبحاثه التى اشتهرت وبلغت الآفاق، وقد ألقى إليه سؤالا من قبل أحد أصدقائه حينما ألقي نظرة علي مكتبته ووجدها عامرة بكتب الدكتور إبراهيم ثم أردف سائلاً: الدكتور إبراهيم متزوج؟ - نعم.. وعنده أولاد. - عجيبة. ومن الكلمة الأخيرة قرأت سؤالا صامتا في عينيه, مؤداه: فكيف استطاع أن يجمع بين "الانشغالات" الأسٍرية, والاشتغال بالكتابة وإنجاز هذا العدد الكبير من الكتب؟ إنها البركة يا صاحبي أنا لن أقول إنها الموهبة, والثقافة الواسعة, والتمكن من العربية الفصحي, وأكثر من لغة أجنبية فحسب, فهناك كثيرون يملكون كل أولئك, وعُمّروا, ولم نشهد لأحدهم ربع هذا الإنتاج عدّا. ولكني أقول -وكلي يقين- إنها "البركة" يا صاحبي.. البركة التي قد ينعم الله بها علي بعض عباده في المال, أو الصحة, أو الوقت.. إلخ كما بارك الله في الأنبياء والرسل والكتاب والذكرٍ, والماء والشجر والبيت الحرام, كما نري في كثير من الآيات القرآنية, وما أصدق قوله تعالي{ ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ...} [الأعراف: 96]. وبارك الله في بعض الأيام والليالي لخصوصية فيها, ألم تر أن ليلة القدر في ميزان الله -خير من ألف شهر?وأن الله سبحانه وتعالي- قال عنها{إنَّا أّنزّلًنّاه فى ليلة مباركة إناكنا منذرين}[الدخان: 3]. والبركة -كما قال الراغب الأصفهاني في كتابه "المفردات"-...هي ثبوت الخير في الشيء علي غير المعهود عند الناس, وعلي وجه لا يُحصي ولا يُحصر.. وقد تكون علي وجه محسوس أو غير محسوس...". وفي حياتنا اليومية ما يقطع بصحة هذه الحقيقة, فقد يكفي «المبلغ القليل», ويقضي من الحاجات أحيانا ما لا يقضيه ضعفه عدّا, والأمثلة المشهودة الدالة علي ذلك في حياتنا أكثر من أن تحصي. وكاتبنا الدكتور إبراهيم رزقه الله الموهبة والثقافة الواسعة, ورزقه الله نعمة "الصبر الأيوبي" والدقة في التعقب والمتابعة, وبارك الله في أفقه وفكره, فكان قديرا علي التعامل بعقلانية نيرة حاسمة مع الآخرين, وبارك الله له في وقته, فاتسع يومه الواحد لإنجاز ما قد يعجز غيره عن إنجازه في شهر أو أشهر.
وقد وقف الدكتور إبراهيم عوض طويلا أمام افتراءات المبشرين والمستشرقين وسفراءهم فى بلادنا، وأطلع على أعمال بعضهم وقرأ مؤلفاتهم فى كتبهم الأصلية، فعرف ما يضمر القوم من حقد وبغى على الإسلام ورسوله لم يتحررون منه حتى اليوم، ويرى الدكتور عوض أن المستشرقين غير المسلمين تفسيرات ثلاثة لنبوة محمد: أنه كان كذابا مخادعا عن سبق إصرار، أو أنه كان واهما مخدوعا يظن أنه نبى على حين أنه لم يكن كذلك، أو أنه كان مريضا بمرض عصبى هو السبب فى الهلاوس أو الهستيريا التى كان يتخيل معها مشاهدة جبريل وسماعه بينما الحقيقة أنه لم يكن هناك ما يُرَى ولا ما يُسْمَع، بل لم يكن هناك جبريل أصلا. إنْ هى إلا أوهام خيلها له المرض النفسى الذى كان يعانى منه. وقد تناول تلك الشبهات الثلاث وفصّل القول فيها وفى تفنيدها تفصيلا فى كتابه: "مصدر القرآن- دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى". ورد على لويس عوض فى كتاب بعنوان "الفضيحة" تناول فيه كتابه "مقدمة فى فقه اللغة" الذى صدر عن هيئة الكتاب وتم سحبه تحت الضغط الشعبى فتولى نشره ناشر صفيق مثلما ينشر لشذاذ الافاق فى بلادنا، ويعتبر الدكتور عوض أن أمثال لويس عوض وسلامة موسى حينما يكتبان عن شىء يتعلق بالعروبة والإسلام فهما لا يكتبان شيئا علميا ولا له صلة بالعلم من فريب أو من بعيد، كما يعتبر أن كتاب عوض: "مقدمة فى فقه اللغة العربية" كله جهل وبهلوانية وتدليس وشغل ثلاث ورقات، وقد رد عليه وبين حقيقته وحقيقة صاحبه. إذ أن لويس عوض لا يعرف شيئا له قيمة فى لغة القرآن المجيد، بل لا يعرف شيئا فى اللغويات بوجه عام، ويقول: "والكتاب متاح لمن يريد التحقق مما أقول. ومن يخالفنى الرأى بشأنه فليقل ما عنده بعدما قلت أنا ما عندى. وقد كان ردى موثقا تماما ومفصلا أشد التفصيل، ولم أدع شيئا من تنطعات لويس عوض فى الكتاب إلا فندتها وسحقتها سحقا وذريتها مع الرياح. لقد كنت أشعر وأنا أقرأ الكتاب أننى بإزاء فلاح قد جلس على المصطبة وأخذ يفتى فى كل موضوع بجهل وحمق وتهور، غير دار أن الناس تضحك عليه فى عبها، والعجيب الشاذ أنه يحاول إيهام القارئ أنه يعرف كل لغات الأرض فى كل العصور وأنه قادر على تتبع رحلة كل كلمة عبر القرون والأحقاب، وهذا جنون مطبق، فضلا عن أنه ليست هناك قاعدة يسير عليها ولا حدود يقف لديها، بل يمضى فيقول كلاما مختلطا مضطربا شائها تائها كل كلمة فيه تنكر جارتها ولا تتواءم أبدا معها، ويكفى أن أذكر لك أنه، ببهلوانيته هذه، قد زعم أن كلمة "الصمد"، الواردة فى سورة "قل هو الله أحد"، وهى سورة التوحيد الخالص النقى، تعنى العدد 3. ولماذا العدد 3 بالذات؟ الحَذِق يفهم. فهذا هو لويس عوض، الذى رددتُ على سخافاته وتنطعاته فى كتاب من عدة مئات من الصفحات معجونة بالتهكم الذى يشوى الجلود. ولكن كما قلت وأقول دائما: نحن الآن نعيش أسوأ لحظات تاريخنا، ومن أصدق الدلائل على ما أقول أن لويس عوض كان يتسنم منصب مستشار "الأهرام" الثقافى. يا لها من وكسة!". كما رد على الدكتور طه حسين، فى أكثر من دراسة، ويقول عنه أنه صاحب أسلوب له حلاوة العسل، وأنه يجمع بين الثقافة العربية وثقافة الغرب، لكنه قد اختار الميل إلى الغرب بكل كيانه، وهو يعد هذا خيانة. كما أنه أحد من يَتَوَلَّوْن كِبْر ما نراه الآن من التحاق صريح بقوى الغرب التى أتت إلى بلادنا فاحتلتها وأخذت تتدخل فى شؤوننا تريد القضاء على قرآننا وإسلامنا. "ولقد قال الرجل صراحة إنه يريد لنا أن نأخذ حضارة أوربا بحلوها ومرها وخيرها وشرها. فهل بعد هذا خيانة؟ ولقد كتبت عنه فى أكثر من كتاب لى، لكن هناك كتابا كاملا عن معركته حول الشعر الجاهلى مع المرحوم مصطفى صادق الرافعى، الذى سدد إليه فى تلك المعركة لكمة قاضية. ولولا أن هناك قوى محلية وخارجية تقف لإنقاذ أمثاله ما قامت له قائمة بعدها. وهذا الكتاب بعنوان "معركة الشعر الجاهلبى بين الرافعى وطه حسين"، وقد جلب علىّ وجع الدماغ وتسبب لى فى أذى لم أوذَه فى حياتى من قبل أو من بعد، إلا أننى استقبلت كل هذا بإيمان أرجو أن يتقبله الله منى". كما رد على كتابه "مستقبل الثقافة فى مصر" ويمكن أن نلخص رأى الدكتور عوض فى هذا الكتاب بهذا القول الجامع المانع:"وأول ما نقف عنده من السفسطة التى تطالعنا بوجهها الكالح الكئيب فى "مستقبل الثقافة فى مصر" ما يهرف به مؤلفه من أن العقل المصرى هو عقل أوربى. ولا أدرى على أى أساس يزعم ذلك، ولا كيف قاله بهذه الجرأة العجيبة. ومع هذا نراه يكرر القول بأن الأوربيين يرفضون انتسابنا إليهم. ولا أفهم ما الذى يريده الدكتور طه أكثر وأقوى من ذلك كى يكفّ عن محاولة الالتحاق بناس يكرهوننا كل هذه الكراهية ويحتقروننا كل هذا الاحتقار! إنه كعاشقٍ أحمقَ ولهانَ واقعٍ فى غرام راقصة من راقصات الكباريهات، ينثر كل أمواله تحت قدميها استجلابًا لرضاها، لكنها لا تزداد على هذا التقرب إلا عُتُوًّا واشمئزازًا وتكبّرًا، فهى تدوس الأموال المنثورة عند قدميها بحذائها وتركلها فى وجهه، لكن صاحبنا لا يفهم ولا يحسّ، وبدلا من أن تفيق كرامته نراه يوغل فى الاستعطاف وينثر المزيد من الفلوس ويترامى بنفسه على حذائها، لعله أن يكون مع الحذاء أوفر حظا منه مع صاحبة الحذاء، إلا أنه لولهه الأعمى المجنون لا يريد أن يفهم أن الحذاء ليس شيئا آخر غير صاحبة الحذاء، وأن الحذاء كصاحبته ليس له قلب. إنه يأتمر بأمرها وينفذ رغبتها، وليس له إرادة مستقلة عن إرادتها، وهى لا تحب صاحبنا المجنون الولهان ، ومن ثم فالحذاء هو أيضا لا يحبه ولا يمكن أن يحبه. كما أنها حريصة على استذلاله وتحقيره بكل ما أوتيت من قوة وجبروت، بيد أنه لا يفهم! أو قل إنه يفهم جيدا، لكنه يتصور أن إبداء مزيد من الهوان والذل كفيل بأن تستقيم الأمور بينه وبين معشوقته الداعرة التى لا تعرف شيئا اسمه العطف والمرحمة!" وقرأ الدكتور عوض مقالاً لشريف الشوباشى - وكيل وزارة الثقافة زمن فاروق حسنى الذى حاول سلخ مصر من هويتها الحقيقية (الإسلامية)، والتى عمرت فيها 1400عاما- فى جريدة الأهرام بتاريخ 26/ 12/ 2007م عنوانه: "من يتحكم فى عقل مصر؟" الذى عقد مقارنة بين طه حسين وعمرو خالد فقال: "لو تخيلنا أن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بعث من قبره في هذه الأيام وأقام ندوة في قاعة صغيرة فالأرجح أن عدد الحاضرين لن يتجاوز بضع عشرات. ولو افترضنا أن الداعية عمرو خالد أقام في نفس الليلة أمسية دينية في إستاد القاهرة الدولي فالأرجح أنه سوف يمتلئ عن آخره، بل وسيكون هناك تجمهر من المريدين في الخارج يُمْنَعُون من الدخول نظرا لامتلاء الإستاد. هذا هو حالنا الآن في عصر سُحِبَتْ فيه السجادة من تحت أقدام أهل الثقافة، وانفض الناس عن كل من يتحدث بلغة العقل ويتخذ المنطق والعقلانية وسيلة للتأثير في النفوس" .. وزعم فيه أن مصر ظلت قروناً طويلة ترزح تحت مظلة الجهل وتغييب العقل في عصور سيطر خلالها العثمانيون والمماليك على مقدرات البلاد، وكان همهم الوحيد هو الإبقاء على سلطانهم ونهب خيرات الشعب. لذلك فقد كان من الطبيعي أن تسيطر الخرافات والأساطير على عقول الناس بتشجيع من الحكام الأجانب كما كان الحال خلال القرون الوسطى في أوروبا، حيث كانوا يربطون المريض في شجرة ويضربونه بالسياط لاعتقادهم بأن الشيطان بداخله هو السبب في علته، وأن التراث العربى كله تراث يخاصم الفكر وينتصر للجهل والغيبات ولم يستثن من هذا التراث العريق سوى "مقدمة ابن خلدون" وزعم أن طبقة المثقفين لم تظهر فى إلا فى عصر محمد على لاتصاله بأوروبا راعية التنوير، والذين استفادوا من اطلاعهم على الفنون والآداب والعلوم الأوروبية، وأضافوا لها اللمحات المصرية والعربية المستمدة من حضارتنا العريقة. ولأول مرة تم تأليف كتب بمنهج جديد تماما على العقلية العربية، وهو وضع مؤلف في موضوع خاص غير الدين ويكون للنص منطق وتسلسل يصلان بالقارئ إلى رأي في قضية عامة. وأن كتاب رفاعة الطهطاوى "تخليص الإبريز" هو أول مؤلف ينطبق عليه منهجية التأليف ..ألخ من الترهات التى يرددها العنصريون من العلمانيين والليبراليين الذين يخاصمون ثقافة الأمة.. فاستل الدكتور عوض حسامه واستعان بالله وصمم أن يرد على الشوباشى ويكشف عن ضلاله الفكرى العنصرى الإقصائى البغيض كما فعل معه من قبل حينما رد على كتابه "لتحيا اللغة العربية فليسقط سيبويه". فكشف له أن طه حسين لم يؤثر فى أبنائه الذى فضلوا الهجرة عن مصر فى عز نكبتها وماتوا بعيدا عنها، ولم يقدر طه حسين أن يؤثر فى زوجته التى ظلت تحتقر العربية وحضارته ولم تهم بتعلمها وأثرت فى أبنائها وخصوصا مؤنس وهنا يستشهد الدكتور عوض بأنيس منصور الذى قال "ابن طه حسين الدكتور مؤنس لا يعرف العربية!" فى مقال له بعنوان "جاءوا من وادي الجن!" جريدة "الشرق الأوسط" الدولية/ السبت 26 جُمَادَى الأولى 1426 ه- 2 يوليو 2005م/ العدد 9713، وقد مات ابنه على النصرانية فى باريس سنة 2004. أما نعت عصر المماليك والعثمانيين بأنه عصور ظلام فالواقع التاريخى المنصف يكذب كل من لف لف الشوباشى فهو كلام مضحك بتعبير الدكتور عوض، ذلك أن مصر والعالم العربى، بل العالم الإسلامى كله، كان فى ذلك الوقت قويا مهيبا عزيز الجانب لا تستطيع أوربا أن تنظر إليه إلا خاشعة الطرف خافضة الجناح، لا كما تفعل الآن حيث لا تتعامل معنا إلا بما فى قدميها، ونحن عاجزون عن أن نصنع شيئا لوقف هذه المهانة التى جاءتنا على أيدى "أهل التنوير" الواقعين فى غرام أوربا وما فى قدم أوربا، اللاعقين التراب الذى تدوسه قدم أوربا وما فى قدم أوربا، والداعين إلى مزيد من الترامى على حذاء أوربا والمكتفين بالفتات الذى يتساقط تحت حذاء أوربا. نعم لقد أصاب المماليك والعثمانيين فى نهاية المطاف بعد عدة قرون من العزة والقوة والمهابة ما أصابهم من الضعف والتقهقر والانحلال، سنة الله فى دنيا البشر، بل فى دنيا البشر وغير البشر، لكن الدور والباقى على "أهل التنوير" الذين لم تنل البلاد العربية والإسلامية حتى الآن على أيديهم عزة ولا قوة ولا مهابة رغم مرور أكثر من قرنين من الزمان. ويضرب الدكتور عوض الأمثلة التى تكشف تزوير الشوباشى وزمرته عن العصر المملوكى والعثمانى الذى كان يعج بالعشرات بعد العشرات من الشعراء والكتاب المعروفة أسماؤهم للمحتكين بأدب تلك الفترة. ولا يصح أن ننسى أبدا أن ذلك العصر هو عصر المعاجم الكبرى ك"القاموس المحيط" للفيروزابادى و"لسان العرب" لابن منظور، والموسوعات الأدبية ك"نهاية الأَرَب فى فنون الأدب" للنويرى و"صبح الأعشى" للقلقشندى، وكذلك كتب التنبيه على الأخطاء اللغوية وتصويبها مثل "تصحيح التصحيف وتحرير التحريف" للصفدى، فهل يعقل أن تكون بمصر وحدها كل تلك المدارس التى لا تحصى كما يقول رحالتنا، وتزدهر كتابة المعاجم والموسوعات الأدبية فى ذلك العصر، ثم يكون منحطا بتلك الصورة التى يريدنا الكاتب أن نصدق بها؟ ذلك أمر بعيد التصديق! ثم إن ذلك العصر يعجّ بهاماتٍ عملاقةٍ مثل ابن خلدون والقلقشندى ولسان الدين بن الخطيب وابن حجّة الحموى والمقريزى وابن تَغْرِى بَرْدِى وابن دقيق العيد وعز الدين بن عبد السلام والسخاوى وابن حجر وتاج الدين السبكى والسيوطى وابن تيمية وابن قيّم الجوزية وأبى الفدا وأبى شامة وابن العماد والقَرَافى وابن هشام وابن عَقِيل وابن شاكر الكتبى وابن العديم وابن بَطّوطة وابن إياس وابن نباتة وصلاح الدين الصَّفَدى وابن فضل الله العمرى وابن الوردى وصفى الدين الحِلّى وابن دانيال وابن عربشاه والقزوينى والفيروزابادى وابن منظور والنويرى وأبى الحسين الجزار وابن مكانس وسراج الدين الوراق... وقد ذكرت أسماء هؤلاء الأعلام كيفما اتفق. ومن يرجع إلى الموسوعة العظيمة التى صنعها د. محمود رزق سليم لعصر المماليك وتياراته الفكرية والأدبية لَشُدِه. وقد اطّلعتُ على هذه الموسوعة وقلبت فيها وقرأت عددا غير قليل من فصولها منذ نحو خمس عشرة سنة حين أُسْنِد إلىّ تدريس العصر المملوكى والعثمانى فى كلية التربية بالطائف، فكان أن تغيرت نظرتى إلى ذلك العصر تغيرا حادا، وذلك بفضل الدكتور سليم وكتابه العملاق الذى أدعو الله أن يقيض له من طلاب الدراسات العليا من يعكف عليه ويدرسه ويعطيه حقه من التقدير، أو يوسع لى فى العمر ويتيح لى من الفرصة ما يساعدنى على القيام أنا نفسى بهذا الواجب. وهناك كتاب آخر أكثر من جيد يؤرخ لهذا العصر أيضا هو كتاب د. عمر موسى باشا: "تاريخ الأدب العربى- العصر المملوكى". بل إن جب نفسه قد ذكر عددا من أصحاب هذه الأسماء العملاقة وأبرز ما يتحلى به نتاجها الفكرى والأدبى من قيمة عظيمة، وهم البوصيرى وأبو الفدا وابن ماجد الملاح (الذى ساعد البرتغاليين على اكتشاف رأس الرجاء الصالح) والقلقشندى والذهبى والصفدى وابن حجر والسخاوى والدميرى وابن تيمية والمقريزى وابن عَرَبْشَاه والسيوطى (ص 142- 147)، ولسان الدين بن الخطيب (ص 150، 155)، وابن بطوطة (ص 151- 152)، وابن خلدون (ص 153)، بالإضافة إلى السطور الكثيرة المنبهرة التى خصصها للحديث عن "ألف ليلة وليلة" (ص 148- 149)، ذلك العمل الذى سحر ولا يزال يسحر العقل والذوق الغربى. أما فى العصر العثمانى فلدينا على سبيل المثال عبد الغنى النابلسى فى الرحلة الدينية، والشربينى المصرى فى الشعر الشعبى، وطاشكبرى زاده فى الترجمة لعلماء الترك، وحاجى خليفة فى إحصاء العلوم، والمقَّرى التلمسانى مؤلف "نفح الطيب"، الذى يتناول كثيرا من جوانب الأدب الأندلسى ويترجم لعدد كبير من أعلامه، ويوسف البديعى كاتب التراجم الشهيرة عن أبى تمام والمتنبى وأبى العلاء المعرى، والتهانوى واضع "كشاف اصطلاحات الفنون"، والشهاب الخفاجى المصرى مؤلف "شفاء الغليل فيما فى كلام العرب من الدخيل والنادر الحُوشِىّ القليل" و"شرح درة الغوّاص فى أوهام الخوَاصّ" و"ريحانة الألِبّا وزهرة الحياة الدنيا"، وعبد القادر البغدادى صاحب "خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب"، تلك الموسوعة اللغوية والأدبية والتاريخية التى لا تقدَّر بثمن، والبهاء العاملى صاحب "الكشكول"، والمحبّى الحموى صاحب "خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر" و"قصد السبيل فيما فى اللغة العربيية من الدخيل"، و"نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة"، والشوكانى الفقيه والمفسر والمحدّث الغنى عن التعريف، صاحب "فتح القدير" و"نيل الأوطار"، ومنجك باشا اليوسفى، وهو شاعر فحل يذكرنا فى قوة شعره وتحليق موهبته بمحمود سامى البارودى، وكذلك بدر الدين الغَزّى، صاحب الرحلة المسماة: "المطالع البدرية فى المنازل الرومية" و"آداب المؤاكلة" و"الزبدة فى شَرْح البردة" وغيرها من الكتب التى بلغت حَوالَىْ مائة وعشرين كتابا، والذى وضع فى تفسير القرآن، حسبما قرأت، منظومةً سَلِسَةً توصف بالخلوّ من التكلف، وتبلغ مائة وثمانين ألف بيت تحدث عنها ابن العماد فى "شذرات الذهب" وحاجى خليفة فى "كشف الظنون"، وهو شىء هائل، وبخاصة أنه قد أورد الآيات القرآنية فى هذا النظم بنصها. وإنى لأتمنى أن يتاح لى الاطلاع على هذا النظم الذى أثار عاصفة من الأخذ والرد عند ظهوره ما بين راضٍ به ومنتقد له ناقم على صاحبه. ولم يتوقف الدكتور عوض يوماً عن مجابهة هؤلاء فكال لهم فى كتبه، وأبحاثه ومقالاته المطولة على المشباك ونذكر منها كتب التى كنا نود استعراضها لولا ضيق المقام نذكر منها: "المستشرقون والقرآن"، و"مصدر القرآن..دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى"، و"افتراءات الكاتبة البنجلاديشية على الاسلام والمسلمين ..دراسة نقدية لرواية العار"، و"إبطال القنبلة النووية الملقاة على السيرة النبوية..خطاب مفتوح إلى الدكتور محمود على مراد"، و"دائرة المعارف الاسلامية الاستشراقية..أضاليل وأبطاليل"، و"اليسار الإسلامى وتطاولته المفضوحة على الله ورسوله"، و"لكن محمد لا بواكى له ..الرسول يهان فى مصر ونحن تائهون"، "عصمة القرآن وجهالات المبشرين"، و"الفراقان الحق: فضيحة العصر"، و"الرد على ضلالات زكريا بطرس"، و"الإسلام الديمقراطى المدنى – الشركاء والموارد والاستراتيجيات (ترجمة تقرير مؤسسة راند الأمريكية لعام 2003عن الإسلام والمسلمين فى أرجاء العالم)...