البابا ثيودروس الثاني: قمة شرم الشيخ تؤكد ريادة مصر في صنع السلام    محافظ الإسكندرية يبحث مع جهاز تنمية المشروعات تمويل المشروعات الصناعية ودعم ريادة الأعمال للشباب    سلطنة عُمان: التعاون والعمل المشترك يعززان فرص الوصول لمستقبل يسوده السلام    ليفاندوفسكي: لست «ضحية».. وما زال لدي الكثير لأقدمه    نجم فلسطين السابق يثمّن دور مصر في إنقاذ غزة    محمد إبراهيم: الأهلي يحترم جميع المنافسين ببطولة إفريقيا.. وهدفنا الفوز باللقب    رفض استئناف 5 متهمين في واقعة اختطاف وتعذيب شابين بالصف    إخماد حريق اندلع بماكينة مصعد وتمدد لخزانات مياه فارغة أعلى مساكن طوسن في الإسكندرية    السجن عاما لشقيقين بتهمة الاحتيال وإصدار شيكات دون رصيد    ريم حمدي تحيي حفلا بمهرجان الموسيقى العربية الخميس المقبل بقيادة المايسترو فاروق البابلي    هل من حق الأب منع البنات من التعليم؟.. الإفتاء ترد بحسم وتكشف العقوبة الدينية والقانونية    تحذير عالمي من «بكتيريا قاتلة» مقاومة للمضادات الحيوية    هل الحزن علامة ضعف؟.. أمين الفتوى يجيب    حبس المعتدين على طبيب مستشفى نبروه شهرين    الجبلي: الزراعة تشهد طفرة غير مسبوقة بدعم من الرئيس السيسي    وزير الخارجية العراقي: قمة شرم الشيخ وضعت حدا للحرب على غزة    خبير استراتيجي ل"كلمة أخيرة": تصريحات ترامب تهدف لإعادة ترسيم الحدود    12 عرضا مسرحيا.. برنامج ملتقى شباب المخرجين بمسرحى السامر وروض الفرج    وزير البترول: تعظيم الاعتماد على التكنولوجيا في البحث وزيادة إنتاج الغاز أولوية    حالة الطقس غدا الثلاثاء 13/10/2025 الأرصاد: رطوبة معتدلة وأجواء جافة غدًا    هل يجوز إخراج زكاة الذهب للأقارب؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    بعد إشادة ترامب بانخفاض معدل الجريمة.. إحصائيات تؤكد: مصر واحة الأمان    وكيل الصحة بالمنوفية: إنشاء صندوق لتلقي الشكاوى داخل المستشفيات    مدير مستشفى كفر الشيخ العام يحيل واقعة إعداد موظفات لإفطار جماعي للتحقيق    محافظ المنوفية يتابع منظومة التصالح على مخالفات البناء وتقنين أراضي أملاك الدولة    وزير خارجية النرويج: قمة شرم الشيخ للسلام محطة بالغة الأهمية    انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب.. و«شمس الدين الحجاجي» شخصية العام    مواعيد مباريات اليوم - حسم المقعد السادس إفريقيا بالمونديال.. وجراديشار مع سلوفينيا    الرئيس السيسي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع إيطاليا في مختلف المجالات    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    بيطري الإسماعيلية يشرف على ذبح 1646 رأس ماشية و2 مليون طائر    التوربينات تعمل بشكل محدود، خبير يكشف تأثير زلازل إثيوبيا ال7 على سد النهضة    فوز الطالب محمد ربيع بمنحة الدكتورة ريم بهجت بمصر للمعلوماتية    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    تكريم أفضل طلاب الجامعات الملتحقين ببرنامج التدريب الصيفي بوزارة الرى    قمة شرم الشيخ| ندى ثابت: الاتفاق يؤكد دور مصر المحوري في الدفاع عن الاستقرار الإقليمي    مدبولي يُتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عُمر سليمان بالإسكندرية    استبعاد لياو من المشاركة مع البرتغال ضد المجر فى تصفيات كأس العالم    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    استبعاد فيران توريس من معسكر منتخب إسبانيا قبل مواجهة بلغاريا    ضبط 9 متهمين وتشكيل عصابي تخصصوا في سرقات السيارات والدراجات والبطاريات بالقاهرة    محافظ القاهرة: تكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع وضبط الأسواق    حبس المتهمة بإنهاء حياة زوجها وإشعال النيران به أثناء نومه بالشرقية 4 أيام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    ماكرون: سنلعب دورا في مستقبل قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    وزارة الخارجية تهنئ السفراء المعينين في مجلس الشيوخ بقرار من فخامة رئيس الجمهورية    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات رمضانية
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 08 - 2010

اعتدت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما علي أن أخصص شهر رمضان المبارك لقراءة الكتب الدينية‏.‏ ولا أقصد بالكتب الدينية تلك المؤلفات الرائجة التي يبذل أصحابها جهودا مضنية وينهلون من ذخائر البلاغة العربية من أجل‏..‏ إقناع المسلمين بالإسلام أو حمل المؤمنين علي الإيمان‏.‏ وقد قرأت بعض هذه الكتب فلم أخرج منها بفكرة جديدة واحدة ولا بحجة واحدة مقنعة‏.‏ فهي تقوم علي تدبيج العبارات الرنانة وتكرار المعاني المستهلكة والإفراط في استخدام المحسنات البديعية وترديد الروايات العاطفية المبالغ فيها والتي لا تساعد في رأيي علي نشر الإسلام وإعطاء صورة صحيحة عن ديننا‏.‏ وهذه النوعية من الكتب تحيط الصحابة بهالة من القداسة‏,‏ وكأنهم معصومون من الخطأ وترفع السلف الصالح إلي مرتبة الملائكة‏.‏
وكل هذا يتناقض مع صحيح الدين حيث إن القرآن والأحاديث الشريفة يقران بأن الرسول نفسه لم يكن معصوما من الخطأ‏..‏ فما بالنا بالصحابة والسلف الصالح‏.‏ أما ما أقصده بالكتب الدينية فهي تلك المؤلفات الجادة التي بذل أصحابها جهودا جبارة من أجل جمع مادتها والخروج منها برؤية معاصرة للدين‏..‏
ولكي أعطي أمثلة ملموسة أقول إنني أقصد كتبا تراثية مثل سيرة ابن هشام أو تاريخ الرسل والملوك للطبري وخاصة بدءا من فصل‏'‏ذكر مولد رسول الله صلي الله عليه وسلم‏'‏ بالجزء الثاني‏-‏ طبعة دار المعارف والفصول التي تليه‏.‏
كما أقصد أيضا كتبا مثل كتاب‏'‏ الطبقات الكبري‏'‏ لابن سعد‏.‏ وكلها كتب تراثية استمتعت بالقراءة فيها خلال شهور رمضان الماضية‏.‏
كذلك أعني كتبا أكثر حداثة مثل‏'‏ عبقريات‏'‏ العقاد و‏'‏علي هامش السيرة‏'‏ و‏'‏الفتنة الكبري‏'‏ لعميد الأدب العربي طه حسين وكتاب‏'‏ محمد‏'‏ للدكتور محمد حسين هيكل وكتب الراحل خالد محمد خالد مثل‏'‏ رجال حول الرسول‏'.‏ وهذا علي سبيل المثال لا الحصر‏.‏
وباختصار فإنني أقصد تلك الكتب التي استخدمت مناهج جديدة لفهم حياة سيدنا محمد والمؤثرات الثقافية والاجتماعية التي أفرزت الحضارة الإسلامية‏.‏
ولا أستثني من ذلك كتب المستشرقين التي أفادتني أكبر فائدة وبها كنوز تجعلك تفهم المجتمع العربي في عصر النبي وتأثير الرسول علي قومه والثورة التي فجرها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في العالم أجمع وكل ذلك من منظور جديد‏.‏
ومن أجمل ما قرأت كتابان للمستشرق البريطاني الكبير مونتجومري وات بعنوان‏'‏ محمد في مكة‏'‏ و‏'‏ محمد في المدينة‏'‏ وفيهما احترام كبير للإسلام وهما يشكلان إضافة علمية لسيرة النبي الكريم ويعتبران مرجعا لكل من يريد أن يفهم ظروف الحياة في الجزيرة العربية قبل الرسالة وحياة الرسول فهما صحيحا‏.‏
ومن الكتب التي لا أنساها وقد قرأته خلال شهر رمضان في التسعينات كتاب الفرنسي روجيه كراتيني‏'‏ الإسلام الذي لا نعرفه‏'‏ وهو كتاب ينبض بالتعاطف معنا ويحمل مفاتيح كثيرة لفهم الحضاة العربية دون طبل أو زمر‏.‏
ولا يمر شهر رمضان دون أن أنغمس في الموسوعة الإسلامية الضخمة الصادرة عن مؤسسة بريل الهولندية والمكونة من أحد عشر مجلدا‏.‏ ويبلغ سعرها في باريس نحو‏20‏ ألف جنيه مع أنها عادية في طباعتها‏.‏ والسبب في ارتفاع ثمنها إلي هذا الحد أنهم التجأوا إلي كبار المتخصصين والخبراء العالميين في الدين والحضارة الإسلامية كل في مجال تخصصه‏.‏
ولكي ندرك أهمية تلك الموسوعة علينا أن نقارن بينها وبين الكثير من الكتب العربية القديمة والحديثة‏.‏ فأنت إذا حاولت أن تعرف شيئا عن شاعر عربي ووقعت علي كتاب عنه من نوعية الكتب التي تحدثت عنها في بداية مقالي فإنك عادة ما تجد مقولات مثل‏:‏ هو من فطاحل الشعر ومن جهابذة البيان وشعره ينساب كجداول الماء العذب في المروج‏..‏ وجمل مماثلة لا تخرج منها بشيء ملموس عن الشاعر‏..‏ ولا تخرج من الكتاب إلا بأنه كان شاعرا عظيما‏..‏ وهو أمر كنت تعرفه قبل قراءة الكتاب‏.‏
أما في الموسوعة الإسلامية فإن البحث في سيرة الشخصيات متعة حيث تعرف من السطر الأول تاريخ الميلاد والوفاة ونبذة عن العصر الذي كان يعيش فيه الشاعر وتأثره بعصره وتأثيره فيه وأساتذته وتلاميذه‏,‏ بالإضافة إلي نقاط القوة والضعف في قصائده‏.‏
وما يدعو للأسف أن كل ما جاء بالموسوعة استقاه مؤلفوها من كتبنا التراثية‏.‏ لكنهم يقومون بعملية غربلة للمعلومات وتكثيف للآراء‏.‏ وقد اكشفت أنني في حاجة إلي قراءة خمسة كتب كاملة عن شاعر واحد لأتوصل إلي ما اختزلته الموسوعة في صفحة واحدة‏..‏ فالمعلومات المفيدة عندنا متناثرة ومبعثرة وسط بحار من اللغط اللفظي والتلاعب بالعبارات واستخدام البديع في موضوع يحتاج إلي الدقة والإيجاز‏.‏
وقد قررت هذا العام أن أعيد في شهر رمضان قراءة كتاب‏'‏ محمد‏'‏ للمستشرق الفرنسي الراحل ماكسيم رودنسون والصادر عام‏1961,‏ وأذكر أنني عندما قرأته للمرة الأولي منذ أكثر من ربع قرن أدركت بالحجة الدامغة وليس بالكلام المرسل مدي الثورة الاجتماعية والثقافية والروحانية التي أحدثها الدين الإسلامي وكيف أنه قلب كل الموازين في الجزيرة العربية في اتجاه إيجابي حيث كانت تسود قيم القبلية والربح المادي وظلم الضعيف وبطش ذوي القدرة‏.‏
وأعلم أن البعض اعترضوا علي تدريس هذا الكتاب في الجامعة الأمريكية بالقاهرة علي اعتبار أن به مغالطات وتجاوزات‏..‏ وربما تصور هؤلاء الذين اعترضوا علي الكتاب أنه يتعين علي من يكتب عن سيدنا محمد أن يكون مسلما مؤمنا‏.‏ مع أن شهادة غير المسلمين هامة للغاية‏.‏ ولو كانت في كتاب رودنسون بعض التجاوزات فعلينا أن نقوم بتصحيحها عن طريق الحجة والبينة وبالرجوع لكتب التراث‏,‏ ليس عن طريق المنع والترويع خاصة في مؤسسة علمية تعليمية مثل الجامعة الأمريكية‏.‏
ولا شك أن قراءة الكتب الدينية في رمضان لها مذاق مختلف‏.‏ فهذا الشهر يتميز بروحانية عالية تساعد علي استيعاب المعاني والتفكر في الانقلاب الضخم الذي أحدثه الإسلام علي العقلية العربية وكيف أنه كان القاعدة الأساسية التي أنبنت عليها الثقافة والقيم والمفاهيم التي ندين بها منذ أربعة عشر قرنا‏.‏
وأخيرا فإن لقراءة الكتب الدينية في رمضان ميزة أخري لا يستهان بها‏:‏ فهي ترحمني من مشاهدة المسلسلات التليفزيونية وملاحقة أحداثها الدرامية الساذجة التي تصيب العقل بالترهل‏.‏
المزيد من مقالات شريف الشوباشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.