كانت أيام العيد دائما هي الفرصة المناسبة لكل المتخاصمين عودة إلي الوئام والمصالحة.. مصالحة النفس ومصالحة الآخرين . ولكنها جاءت إلى مصرهذا العام علي غير ما اعتدنا عليه – ربما أكثر مما اعتدنا عليه - في أيام العيد . فقد عجت أيامه بالمشاحنات والتحرشات – جنسية أو سياسية – والخصومة بدلا من الوئام والوفاق .. تمزيق لافتات المرشحين للرئاسة في الغربية وأسوان وعدد أخر من المدن والمحافظات . صراع بين القوي الإسلامية علي احتلال المنابر والساحات لإقامة صلاة العيد . معارك بين العائلات يسقط فيها القتلى والجرحى .. أزمة في الخبز والمواد الغذائية والبنزين ..تكدس المعتمرين في المطارات في انتظار عودتهم إلي مصر .. خلافات بين المسلمين حول الرؤية الشرعية لهلال شوال . هل هو هلال شوال الحقيقي أم هو"زحل" ؟!الحقيقة ان ما رأيناه في أيام العيد هذا العام من أزمات واختلافات ومشاحنات يحسم الخلاف الدائر حول رؤية الهلال لصالح من قالوا إنه لم يكن هلال شوال . بل كان هو زحل .. الذي ارتبط في أذهان العامة والخاصة بالشؤم ونذير السوء . فلا يمكن لغير "زحل" أن يحدث كل هذا الكم من الخلافات والمعارك والمشاحنات بين المسلمين وغيرهم أو بين المسلمين وغيرهم .فالتيارات الإسلامية التي توافقت قبل ذلك علي خوض الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية بقائمة وموحدة تضم مرشحين يحظون بالتأييد والتوافق لدي الجميع . جاء العيد ليفرقهم شيعا حول أحقية أي منهم بساحات الصلاة . أومنابر المساجد . حتى وصل الخلاف بينهم في بعض الأحيان إلي حد التدافع بالأيدي والأرجل . وبينما كان الكثيرون منا يتوقعون تمزيق لافتات مرشحي الرئاسة الذين يمثلون التيارات الإسلامية بأيدي العلمانيين أو الليبراليين– الكفرة والزنادقة – فإذا بها تتعرض للتمزيق بأيدي الإسلاميين من أصحاب(الفرق الناجية) . فقد وجه عبد المنعم أبو الفتوح الاتهام لجماعته –جماعة الإخوان – بتمزيق اللافتات الخاصة بدعايته الانتخابية في الغربية .بل وصل الخلاف بين هؤلاء وأبو الفتوح إلي حد التهديد بالقتل لمناصريه بعد أن تعرضوا لعقوبة الفصل والطرد من الجماعة.هكذا لم يعد العيد مناسبة فقط لتفاقم ظاهرة التحرش الجنسي التي اعتدناعليها في الشارع المصري في كل عيد بعد ان تحول التحرش الجنسي إلي نوع من التحرش السياسي . ومن خلافات بين الجماعات المختلفة . إلي خلافات داخل الجماعة الواحدة . ومن قتال بين العائلات وعائلات أخرى إلي قتال بين أفراد العائلة أو الأسرة الواحدة . فهل يمكن أن يفعل ذلك بنا غير "زحل"؟!ليس "زحل" يا سادتي الأفاضل من فعل بنا كل ذلك . وما كان لمائة "زحل" أن يفعلوا بنا أقل مما فعله "زحل واحد" لو أننا كنا مؤمنين حقيقة بما نقوله أو نفعله . لأننا نقول غير ما نفعل ، ونفعل ما لا نقول .. لأننا – ودائما– كنا إسلاميين بلا إسلام ووطنيين بلا وطنية . واشتراكيين بلا اشتراكيةأو رأسماليين بلا رأسمالية . أو تقدميين بلا تقدمية . ومخلصين بدون إخلاص.. ومصريين بلا مصرية !!وقانا الله من شر النفاق . والمنافقين . الذين يلقون بالمسئولية علي غيرهم فجاءت هذه المرة علي "زحل" .. وزحل منهم براء !!!