محافظ الجيزة يسلم 20 عقد تقنين أراضي أملاك دولة للمواطنين.. صور    عماد الدين حسين: ما يحدث في غزة تنفيذ عملي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية    ديربى أبناء العم.. الزمالك يتقدم على الإسماعيلى بهدف فى الشوط الأول    حريق محدود بالقرب من سنترال رمسيس    نائب رئيس جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي لقسم الباطنة العامة بكلية الطب    مذكرة تفاهم مصرية يابانية لتصنيع محطات إنتاج المياه من الهواء    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    إقامة 21 معرض «أهلا مدارس» في المنوفية.. وحملات رقابية لضبط المخالفات (تفاصيل)    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    نائب محافظ الجيزة يلتقى مستثمرى المنطقة الصناعية لبحث المشاكل والتحديات    "التعليم العالي": التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات    النائب محمد أبو النصر: زيارة ملك إسبانيا تمثل دفعة قوية للاستثمار والسياحة في مصر    دخول 103 شاحنات مساعدات عبر معبر رفح البري لإغاثة أهالي قطاع غزة    أوكرانيا تستهدف مصافي نفط روسية قرب نهر الفولجا    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    بعد توالي المآسي القومية.. ترامب وأوباما حالة من التناقض (تقرير)    إدارة الصف التعليمية: أنهينا كافة أعمال الصيانة ومستعدون لاستقبال العام الدراسي الجديد    مشاهدة مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    بعثة الزمالك تصل ستاد هيئة قناة السويس استعدادًا لمواجهة الإسماعيلي    قبل انتخابات النواب.. الهيئة الوطنية تتيح خدمة مجانية للاستعلام عن الناخبين    ضبط 280 كيلو لحوم فاسدة بأختام مزوّرة في حملة للطب البيطري بسوهاج    أمطار ورياح.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا كافة التدابير»    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    الكشف عن ميناء أثري مغمور بالمياه في الإسكندرية    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    نجلا عكاشة وعبدالحافظ يفجّران أسرارًا عن دراما مصر الذهبية في «واحد من الناس»    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    بخسارة وزن ملحوظة.. شيماء سيف تخطف الأنظار برفقة إليسا    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    توزيع 100 شنطة مدرسية لذوي الهمم بالأقصر    جولة تفقدية للجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي بمطار شرم الشيخ الدولي    «لازم تجرب تشربه».. الليمون الأسود علاج سحري لتقوية المناعة ومضاد للفيروسات    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    "فلافل" و2 جنيه السبب.. كيف حسمت كيت بلانشيت مشاركتها في "كابوريا"؟    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    الجندي: القضية الفلسطينية اختبار حقيقي لضمير العالم والحوار هو طريق العدالة    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    إهانة ونفس ما حدث في لقاء الزمالك.. غزل المحلة يهاجم حكم مباراة المصري    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقةٌ مفخخة!
نشر في المصريون يوم 04 - 09 - 2011

حديثُ الثورة حديث ذو شجون؛ إنه يثير في النفس تلك المشاهد الكئيبة الماضية التي جعلتنا نثور لإزالة بعض الظلم الذي أصاب المصريين في مقتل طوال سنين عدة، كما يثير فينا الدهشة والاستفسار والاستنفار في كثير من الأوقات حول مآلات هذه الثورة، وأين وصلت، وإلى أين ستصل، وإلى من يمكن أن تؤول مقاليد البلاد.. هل لإسلامي أم ليبرالي أم مستقل لا يهتم بهذه التوجهات أم تتحقق المفاجأة ويأتي عسكري (متقاعد) ليمسك البلاد في مشهد درامي مأساوي جديد، أم أن هذه الأسئلة كلها ليست في محلها لأن الأمور لن تتضح قبل أعوام عدة!!
إن المتابع لسياسة الإسلاميين في مصر يتعجب من نهجهم، فنرى التناقض في مشهد مركب يصعب تفسيره في بعض الأوقات، ففي الوقت الذي يجلس فيه الإخوان متحاورين ومنضمين مع التحالف الديمقراطي، وفي الوقت الذي يوافقون فيه على الوثيقة "المنسوبة" للأزهر وهي الاسترشادية نراهم منضمين للجبهة الشرعية للحقوق والإصلاح التي خرج حزب النور السلفي المنتمي إليها من أحزاب التحالف الديمقراطي نتيجة سياسة الإقصاء والتهميش وكأنه حزب لا شعبية له، وكان الأحرى بالأحزاب الإسلامية في هذا التحالف أن يدافعوا عن ذات الفكرة التي خرج بسببها حزب النور من التحالف.
بالأمس سمعت من الدكتور حازم أبو إسماعيل رأيه في وثيقة الأزهر، وقد كانت إجابته أن هذه الوثيقة لا تمتُّ للأزهر بشيء فلم ترها أو تطلع عليها هيئة كبار العلماء، ولو رأوها لرفضوها يقينا، ومن قبلُ لم أكن متعجبا من أن يأتي الدكتور البرادعي أو السيد عمرو موسى أو المستشار البسطويسي وغيرهم بالحماس الشديد لتأييدهم لهذه الوثيقة "التنويرية" التي خرجت من الأزهر الجديد.. نعم الأزهر الجديد الذي لم يطلع كبار علمائه على هذه الوثيقة، ولم يُبدوا فيها رأيًا ولا مشورة، هذا هو الأزهر الذي يريده علمانيو مصر ومتنوروها!
وقد كان من اللافت أن حزب الحرية والعدالة قد وافق على هذه الوثيقة في الوقت الذي رفضها فيه حزب النور في ذات الجلسة، وفي قبول الإخوان ورفض السلفيين ما قد يبعث على التأمل والأسف من محصلة موقف الفريقين.
إن هذه الوثيقة التي وافق عليها الإخوان المسلمون باعتبارها استرشادية غير ملزمة لن تكون كذلك في ظني، فلو فكرنا مليًا عند وضع لجنة الدستور للدستور وقد حدث خلاف بين أعضائها – خلاف متعمد أو غيره – حول إحدى المواد فما الحل وقتها لتوافق هؤلاء المختلفين؟
أفهم أن دساتير الدول الديمقراطية تمر بأربع خطوات: النقاش، والصياغة، والتصويت داخل لجنة الصياغة، ثم التصديق من الشعب أو من الجهة التي فوضها الشعب، غير أنه في ظني أثناء مرحلة المناقشة والصياغة قد يرجع هؤلاء المختلفون إلى هذه الاسترشادية وتصبح بصورة أو أخرى "فوق دستورية" وإذا لم يوافق فريق من لجنة وضع الدستور على الانصياع لهذه الاسترشادية وتصلب كل فريق فما مآلات هذا الشقاق؟
إن أبرز النتائج المترتبة على هذا الشقاق أن تطول المدة الزمنية لحكم المجلس العسكري، واستمرار إمساك كثير من أصحاب المنافع والمصالح الخاصة لزمام الأمور في أجهزة الدولة، والله يعلم وقتها متى سيصل هؤلاء إلى حلٍ، وقد يتسبب هذا بشكل أو بآخر في تنازل كل فريق أو أحدهما عن جزء من موقفه وتصلبه للآخر؛ لنرى دستورا – في رأيي – غير بعيد عما سبقه من دساتير توطئ بشكل أو بآخر لأحد أمرين: مدنية الدولة باعتبارها مصطلحا فضفاضًا يكون أقرب ما يكون إلى العلمانية. والأمر الآخر التمهيد لمجيء الديكتاتورية مرة أخرى متمثلة في فرد أو فريق أو طائفة بعينها. وإذا قلنا إن الشعب سيصوت برفض أي دستور يتعارض مع مصالحه، فهذا جيد غير أن دوامة صنع دستور جديد ستتسبب في ضياع الوقت وضجر الناس ثم التنازل في نهاية المطاف، وسياسة النفس الطويل سياسة عادة لا تحبها ولا تقدر عليها الشعوب؛ هذا إذا كان الشعب هو الذي سيصوت على هذا الدستور وليس مجلس الشعب الذي لا نعلم حجم العلمانيين والإسلاميين فيه.
هذا كله قد يحدث بسبب هذه الوثيقة "الاسترشادية" فما بالنا ب"فوق دستورية" تقيد المشرّعين بوضع الدستور الجديد بناء على ما قام بالإشراف عليه المستشارة تهاني الجبالي التي تثير جدلا واسعا بين الإسلاميين، ومن خلفها الدكتور السلمي الليبرالي الوفدي، والكل يعلم حقيقة هذه الوثيقة وما تفرضه من وصاية علنية على إرادة الناس.
إن الموافقة على أي وثيقة تحت أي مسمى إنما هو إجبار المصريين على التنازل لصالح فريق بعينه، وهذه هي الديكتاتورية التي يحاول أن يسوقها الليبراليون على أنها "جرعة الحماية" التي تحفظ الدولة المصرية من الانصياع لرأي فريق قد يرسخ للديكتاتورية، لأن الدستور – كما يقولون – لا يجب إلا أن يأتي على توافق، ولا أُشبه هذه السياسة إلا بالمثل العربي الشهير: رمتني بدائها وانسلت!
إن اتهاميَ الآخر بما فيّ من إشكالية حب الذات، والتمحور حول الأنا، والسيطرة التي يراها – رغم شرعيتها الانتخابية – غير شرعية لأنه يعلم وفقا لحجمه الحقيقي في الشارع أنه سيخرج من "مولد السيطرة على الدولة بلا حُمّص"، هي جريمة سياسية وأخلاقية في المقام الأول، ولدرء هذه الجريمة قبل وقوعها على الوطنيين الحقيقيين الآن في مصر أن يرفضوا وبشدة أي ورقة – ولو كانت استرشادية - تقيدهم برؤية معينة، أو لحساب فريق معين، أو تفسَّر بطرق ملتوية؛ لأن هؤلاء الملايين الذين خرجوا لإسقاط أعاظم الظالمين لن يخافوا من شرذمة تدعي النخبوية والثقافة والعلية على المجتمع، وقد سبقهم المجتمع وتجاوزهم وهم لا يشعرون، ومثل هذه الأحداث لو وقعت فأظن أنها ستتسبب في ثورة تصحيح لثورة يناير!
أخيرا نقول إنه من الغريب أننا قرأنا منذ أيام أن السيد نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة يقرر أن مدنية الدولة قضية أمن قومي، وكم كنا نتمنى أن يفسر لنا ماهية المدنية هنا، أو ينفي ويكذّب هذه التصريحات حتى لا يستقوي فريق على آخر في معركة الوثائق الدستورية هذه بجهة يحسب الجميع أنها محايدة وعلى مسافة واحدة من جميع الأطراف.
* باحث في التاريخ والتراث وكاتب في الشأن المصري العام [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.