مشاعر تراوحت بين الصدمة والقلق سيطرت على أسرة حسن عبد الحافظ، عند آذان مغرب أمس الثلاثاء، فعندما قرر عمرو موسى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أن يفطر مع مواطن بسيط في أحد الأحياء الفقيرة، وقع اختيار فريق حملته الانتخابية على عم حسن، الفران السبعيني، الذي يسكن في 44 شارع محمد علي السيد، أحد الشوارع الفقيرة بحي دار السلام في جنوبالقاهرة. كان الطعام قد وضع على الأرض في انتظار انتهاء عم حسن من الصلاة، طبق واحد من الأرز، وطبقين من الخضروات بهما قطعة لحم واحدة، وطبق سلطة خضراء، وطبق ملوخية، ورغيف واحد، وملعقتين، وكان يبدوا أن أهل المنزل قد بدؤوا لتوهم في تناول الطعام. فجأة تحول المشهد لحالة من الدهشة، عندما قال المرشح الرئاسي المحتمل: "أنا عازم نفسي على الفطار عندك يا حاج حسن أيه رأيك؟"، فرد عليه عم حسن: "فوق راسي يا ريس أنت نورت بيتي اللي على أد حاله بس كنتم تعرفونا إنكم جايين علشان نجهز لك فطار يليق بيك"، فرد موسي: "أنا عايز أفطر من اللي أنت بتاكل منه أنت وأهل بيتك". صلى موسى المغرب جماعة مع عم حسن، ثم تناولا معا طعام الإفطار، "أحسن طبق ملوخية أكلته في حياتي"، هكذا قال موسى لعم حسن، بينما تحولت الصورة إلى ضحك متواصل، قطعه موسى بقوله: "أنا كلت أكثر منك يا حاج حسن بس المرة الجاية هترد لي الزيارة وبرده بشكل مفاجئ زي ما أنا عملت"، فردت الأسرة: "إن شاء الله يا ريس لما تفوز بالرئاسة". أسرة عم حسن تضم زوجته، وبنت وحيدة، وثلاثة أبناء، هاشم وعلي، فرانين، ومحمد، حلاق، هاشم قال لموسى: "حسن أبويا بيحبك ودايما يقول عنك إنك زي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكلنا عارفين وطنيتك وحبك للبلد وكل الشعب عارف مواقفك وإن شاء الله هتنجح وهتكون الرئيس لأن البلد محتاجالك، فيما قال محمد: "كنا بنسمع عنك من زمان لما كنت وزيرا للخارجية وكانت إسرائيل بتترعب منك، إنتا راجل صالح ومحبوب وكفاية إنك مش متلوث زي الباقيين، وعمري ما اتخيلت إن يجي اليوم اللي تيجي بيتنا وتاكل معانا". "أنا أمر بدار السلام يوميا وأعرف عنها كتير، لكن اللي سمع مش زي اللي شاف، بحاول أشوف مشاكل المناطق اللي زي هنا، جولات رمضان جعلتني ألمس كل المشاكل الحقيقية، المناطق هنا مهملة تماما ومحدش حاسس بيها"، هكذا تحدث موسى لثلاثة من الصحفيين وجدوا معه داخل المنزل، من بينهم "بوابة الشروق"، مضيفا، أن زيارته ستكرر سواء فاز أم لم يحالفه التوفيق. خرج موسى من المنزل بعد أن أهداهم صندوقا مغلقا لم نعلم ما فيه، ثم خرج من المنزل، عبر سلم لم يتجاوز اتساعه نصف متر، ليسر في الحارة الضيقة مع العشرات من أنصاره، وسط الزغاريد والدعوات بالنجاح في انتخابات الرئاسة التي انطلقت من عدد من الشرفات والنوافذ. وصل المرشح الرئاسي المحتمل إلى مقهى شعبي بالقرب من منزل عم حسن، ألقى فيه كلمة أكد فيها أن الحال لا يمكن أن يستمر عليه، وأنه يتعهد بالتغيير حال فوزه في الرئاسة، مضيفا، "علينا جميعا عمل كبير جدا، والامتحان الذي تمر به مصر لا يمكن أن نقبل به، أزور أحياء مصر لأن الإصلاح سيبدأ من هنا"، واختتم كلامه بقوله: "دا اللي أنا عايز أقوله، أنا لن أعد، لكنني أتعهد لكم بظروف أفضل، ومش محتاجين نتكلم كتير". وأخيرا، غادر موسى "الصين الشعبية" كما تسمى دار السلام، أحد أكبر التجمعات السكنية بالقاهرة، مع وعود من الموجودين بمنحه أصواتهم في الانتخابات المقبلة، بصفته "أصلب الأعواد الموجودة على الساحة المصرية الآن". تحرك موسى بسيارته في طريقه لجولة جديدة، لكنه توقف وسط الطريق ليفاجئ رواد مقهى شعبي في المعصرة بنزوله من السيارة لتناول الشاي بينهم، وسط ذهول واضح من الموجودين، سرعان ما انتهى ليبدأ الجميع في مصافحته، والتأكيد على أن من يهتم ب"الغلابة" لا بد أن يحصل على أصواتهم.