المبني الصامد على مر أكثر من 100 عام من الزمان، مبنى جذوره غرزت بثمانية أعمدة في أرض وسط العاصمة المصرية القاهرة، دار القضاء العالي شهد كل التغييرات التي حدثت في مصر وتناقلت أدواره ما بين محكمة ومقر لنادٍ عريق وحتى اجتمعت فيه عدة محاكم، ومحيطه أصبح ملجأ للرفض والاعتراضات والمظاهرات ومحاكمات بارزة ومشاجرات بين تيارات سياسية مختلفة، كما تعرض المبنى للعديد من محاولات الاقتحام من جانب تيارات سياسية وفئات. حيث اتخذت ساحة دار القضاء العالي مقرًا للاحتجاجات، التي كانت أولها في 2004، والتي ازدادت بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير والتي شهدت كل ألوان المعارضة من حولها ودائمًا تكون الجهة المحددة لهم هي مكتب النائب العام، ويعتبر هذا المبني هو بيت القضاء والقضاة ولم يزره أي من رؤساء مصر البارزين عدا الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي لتكن أول زيارة من رئيس هي القادمة، وعلى إثرها بدأ تجميل محيط المبني بداخله وخارجه. لاسيما أصبح دار القضاء العالي رمزًا للقضاء المصري بسبب المبنى الضخم، الذي بني على الطراز الإيطالي بأعمدته وصالاته الواسعة وارتفاع مبانيه، التي تضم مكتب النائب العام ومحكمتي الاستئناف والنقض ونقابة المحامين الفرعية بالإضافة إلى قاعات المحاكمات وأشهرها قاعة عبدالعزيز فهمي وهو قاضٍ ومحامٍ وسياسي وشاعر مصري من أعلام الحركة الوطنية المصرية في الثلث الأول من القرن العشرين، ويقال أنه هو الذي اختار اسم محكمة النقض، وقد استوحاه من الآية الكريمة "وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا"، ويذكر أيضًا أنه ابتدع بعض المصطلحات القضائية مثل تعبير "أوجه النفي للدلالة على أسباب الطعن"، كما استحدث نظرية القدر المتيقن في القانون الجنائي. جاء هذا بعدما كان مبني دار القضاء العالي مقرًا لنادي الزمالك؛ حيث إنه فى إطار الرغبة لتطوير وتوسيع النادى لأنه في خلال ذلك الوقت اكتسب جماهيرية ووجودًا بين الشباب المصريين والأجانب لممارسة الرياضة بداخله فقد قرر "جورج مرزباخ" هو محامٍ بلجيكي كان رئيسًا لإحدى المحاكم المختلطة بمصر وهو مؤسس نادي الزمالك المصري سنة 1911، بنقل المقر من مقره الأول في قصر النيل إلى مكان جديد بشارع 26 يوليو الذي يعد مقر دار القضاء العالى في الوقت الحالى ليكون هو المقر الجديد للنادى الذي تغير اسمه إلى "المختلط" بمقره الجديد فى عام 1913. وفى نوفمبر عام 1959 انتقل الزمالك لمقره الحالى بعد مشاكل إنشائية لتتدخل الدولة وتمنحه قطعة الأرض الحالية بميت عقبة مقابل حق انتفاع رمزى وقتها وقام أعضاء النادى ولاعبوه الكبار بحمل الطوب ومواد البناء ليبنوا ناديهم من جديد. ورغم أن شارع 26 يوليو أنشئ به العديد من المباني العامة والعمارات الضخمة إلا أنه يظل أشهر هذه المباني دار القضاء العالي، والعمارة المواجهة لها التي تعتبر أحدث عمارة في الشارع عام 1938، وتسمى "لاجيفواز".