جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    مصر تستهدف زيادة المحفظة التمويلية من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة لقناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    إنقاذ 3 مواطنين مصريين في منطقة محظورة بين تركيا واليونان    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    20 مصابا بانفجار في منطقة صناعية بمدينة إيزيزا الأرجنتينية    توقيع بروتوكول تنظيم بطولة العالم للسباحة بالزعانف للجامعات 2026 بشرم الشيخ    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    الداخلية تستجيب ل «بوست» فتاة تعرضت للتحرش وتضبط المتهمين    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    9 افلام تونسية تشارك في أيام قرطاج السينمائية بدورتها ال36    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    تعرض الفنان هاني مهنى لوعكة صحية شديدة.. اعرف التفاصيل    بعد قلق أولياء الأمور.. استشاري أمراض صدرية تكشف حقيقة انتشار الفيروس المخلوي    سعر الدولار في مصر مساء اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    أبو الغيط يبدأ زيارة رسمية إلى الصين لتعزيز الحوار العربي الصيني    وزير الصحة: الشراكة مع القطاع الخاص مهمة لتحسين جودة الرعاية الصحية    وزير الصحة يبحث التعاون مع البنك الدولي والسعودية في تنمية رأس المال البشري    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    تقرير: مدرب شبيبة القبائل يستعد لإجراء تغييرات كثيرة أمام الأهلي    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    البط والأرانب بكام؟.. أسعار الطيور البلدى اليوم فى أسواق الإسكندرية    ضبط 15 شخصًا لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث في أعمال التسول    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالحياء تسمو الأمم وتُصان
نشر في المصريون يوم 01 - 01 - 2015

ما أجمل الحياء عندما يكون خلقا للأفراد والجماعات ، فالحياء كله خير ولا يأتي إلا بخير ، فهو خلق يبعث صاحبه علي ترك القبيح ، ويمنعه من التقصير دون واعظ أو زاجر ..
فالرجل الحييّ حي الضمير ، رهيف الإحساس ، تجده من تلقاء ذاته لا يقدم علي فعل ما لا ينبغي .. ، وإذا أقدم - بحكم بشريته - تراه وقد احمرّ وجهه وتصبب الجبين منه عرقا، وعاد من قريب إلي رشده ووعيه وحمرة الخجل تكسو وجهه !
وفي هذا المعني يقول الشيخ ( الغزالي ) - رحمه الله - : مِن الناس مَن يخطئ بيد أنه يجد في نفسه من الألم والحسرة والندم ، ما يجعل المعصية تُولد ميتة ، تُولد ورحمة الله - جلّ وعلا - في انتظارها!
بمثل هذا الرجل الحييّ - الذي تسره حسنته وتحزنه سيئته - تُحفظ الأموال والأعراض ، وتُحمي الحرمات وتُصان الأمم !
والمجرم تجده صفيق الوجه ، بليد الشعور والإحساس ، لا يتحرج من فعل ما لا ينبغي ..، ولا يبالي بما يأخذ أو يترك ، فليس عنده من الحياء ما يمنعه من ارتكاب الدنايا، ولا من الضمير ما يزجره عن الوقوع في الذنب ، لا تسره حسنة ولا تحزنه سيئة ، ولا يتورع عن ارتكاب كبيرة ولا صغيرة ، ولا يجتنب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولذا يري عظيم جرمه شيئا حقيرا كالذباب جاء علي وجهه فأطاره..
بمثل هذا المجرم الجريء علي الله وعلي الناس ، تُنتهك الأعراض ، وتُهدر الأموال ، وتضيع الحقوق ، وتهلك الأمم !
ولأمر ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحياء قرين الإيمان وملازما له ، كما جاء في الحديث : " الحياء والإيمان قرنا جميعا ، فإذا رفع احدهما رفع الآخر ". [قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي] .
وفي (الصحيحين) عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر علي رجل - وهو يعظ أخاه في الحياء - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دعه فإن الحياء من الإيمان ".
وفي حديث آخر ، نري كيف يصلح المجتمع وأفراده بالحياء ، وفي المقابل ، كيف يسوء المجتمع وأفراده بالفحش ..
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا عائشة لو كان الحياء رجلا كان رجلا صالحا ولو كان الفحش رجلا لكان رجل سوء". [رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، والحديث حسن لغيره].
إذن لو تجسد الحياء في مجتمع لكان رمز الصلاح والإصلاح ، وأيضا لو تجسد الفحش في مجتمع لكان رمز السوء والفساد..!
تصور مجتمعا : تحلّي أفراده ، وتزيّنت جماعاته بخلق الحياء ، مجتمعا يغالي بقيَمِهِ وأخلاقه ومبادئه ولا يرضي عنها بديلا مهما تحمل من متاعب ، ومهما لاقي من مصاعب .. فعنده أن يُرزأ في ماله ودنياه ولا يُرزأ في قيمه وأخراه ..
مجتمعا : الصدقُ خلقه والإخلاص غايته ، يكافئ العامل وينهض بالخامل ، يقرّب البعيد ويحافظ علي القريب ، ينصف المظلوم ويأخذ علي يد الظالم ، يكرّم علماءه ، ويعلّم جهلاءه ، يقدّم الأمين ويبعد الخائن ..!
لو وجد مثل هذا المجتمع ، لكان أجدر بعون الله ونصره وتأييده !
ولو أن مجتمعا : تجرد أفراده ، وتعرت جماعاته من خلق الحياء ، مجتمعا لا يبالي بأن يدوس المبادئ ويذبح القيم، فلا يوقر كبيرا ، ولا يرحم صغيرا ، ولا يعرف لعالم حقا !
مجتمعا : الكذب خلقه ، والتزوير وقلب الحقائق ديدنه ..!
مجتمعا : يقرب الخامل ويبعد العامل ، يكرّم التفهاء ويُهين العلماء ، ينصر الظالم ويخذل المظلوم ، يخوّن الأمين ويأتمن الخائن .. ، مجتمعا غايته أن ينجح في نيل شهوته ، وتحصيل دنياه ولو خسر جميع قيمه وأخراه ..
لو وجد مثل هذا المجتمع ، لكان أحق بأن تُمحق بركته، ويكون البوار مآله وبضاعته !
وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - مراحل سقوط الأمم ، وكيف تنحدر من سيء إلي أسوأ ، ومن سافل إلي أسفل ، وذلك بهبوط أبنائها في منزلق الهوى وضياع الحياء ..
عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء ، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا ، فإذا لم تلقه إلا مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة ، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا ، فإذا لم تلقه إلا خائنا مخونا نزعت منه الرحمة ، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيما ملعنا، فإذا لم تلقه إلا رجيما ملعنا نزعت منه ربقة الإسلام ". [سنن ابن ماجة 2/1347 ،حديث 4054].
وما أجمل ما جاء في كلام الشيخ ( الغزالي ) - رحمه الله - تعليقا علي هذا الحديث : ( فإذا فقد الشخص حياءه وفقد أمانته أصبح وحشا كاسرا ، ينطلق معربدا وراء شهواته ويدوس في سبيلها أزكي العواطف ، فهو يغتال أموال الفقراء غير شاعر نحوهم برقة ، وينظر إلي آلام المنكوبين والمستضعفين فلا يهتز فؤاده بشفقة . إن أثرته الجامحة وضعت علي عينيه غشاوة مظلمة ، فهو لا يعرف إلا ما يغويه ويغريه بالمزيد .. ويوم يبلغ امرؤ هذا الحضيض فقد أفلت من قيود الدين وانخلع من ربقة الإسلام . ) أ.ه
حقا ، بالحياء تسمو الأمم إلي أعلي الدرجات وتُصان ، وبدونه تهوي إلي أسفل الدركات وتهان .. !
وهذا ما جاءت به جميع الشرائع ، وأدركه الناس من كلام النبوة الأولي ، كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي : إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري.
ولله درّ من قال :
إذا لم تخش عاقبة الليالي ** ولم تستح فاصنع ما تشاء
فو الله ما في العيش خير ** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء !!
-----------------------
(*) داعية وباحث أكاديمي في الفكر الإسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.