"هل يعبر سواد الشاشات عن سواد الواقع"؟ ربما، لكن مذيعي الجزيرة مباشر مصر رأوا سواد شاشتهم أفضل حالا من خداع جمهورهم بعد تغيير سياستها إثر تحول سياسة دولة قطر الممولة للجزيرة تجاه مصر بعد أول مصالحة تجريها البلدان في أعقاب أحداث 30 يونيو. أغلقت الجزيرة مباشر مصر قبل أن تكمل عامها الرابع وسط فضائيات كثيرة أتيحت لها الفرصة بعد ثورة 25 يناير، بالأمس وفي تمام الخامسة مساءً فوجئ العديد من المصريين سواء مؤيد أو معارض للقناة ببيانها المفاجئ الذي ورد فيه أن موجز الخامسة هو آخر ما تبثه، وستغلق مكتب القناة بالدوحة، لحين توافر الظروف المناسبة والحصول على التراخيص اللازمة لعودة البث من القاهرة. وشهدت قناة الجزيرة عدة مراحل من التحولات في سياستها منذ نشأتها بعد ثورة 25 يناير فاعتبرها البعض من القوى السياسية والثورية لسان الثورة وكانت تبث من القاهرة عبر مكتبها بميدان التحرير إلا أنها شهدت تضييقًا من قبل النظام آنذاك حيث كان يتولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد. وبعد انتخاب الرئيس محمد مرسي كانت الجزيرة مباشر مصر لسان جماعة الإخوان المسلمين لكنها كانت تظهر بمظهر المحايد في بعض الأحيان، حيث تجاهلت بعض الأحداث مثل أحداث الاتحادية وربما كانت أحد الخطوط الممثلة لموقف المدافع عن العديد من الأخطاء التي كانت تحدث وقتها. ونال الجزيرة ما نال العديد من القنوات إبان بيان القوات المسلحة 3 يوليو 2013، حيث تعرضت القناة للتشويش فيما استأنفت بحملة تشويه ومضايقات من قبل النظام كانت ناجمة عن علاقة مصر آنذاك بقطر التي باتت في مفترق طرق، حيث اتهمت قطر الدولة الممولة للجزيرة، بأنها تدعم الإرهاب لكونها تدعم مرسي والإخوان. إلا أن المعادلة تغيرت اليوم، فبعد أيام من الدخول في مرحلة جديدة من المصالحة بين مصر وقطر برعاية السعودية أغلقت الجزيرة مباشر مصر واعتبر البعض أن إغلاق الجزيرة كان ثمرة المصالحة بين مصر وقطر، وإن كان إغلاق الجزيرة برجعة أو بغير رجعة ربما تختلف عن سياستها سابقة وفي إطار جديد وربما بطاقم عمل جديد، حيث أبى الكثير من مذيعيها أن يتحولوا مع تحول الدولة القطرية التي سلمت بالمبادرة ووافقت عليها بعد عام ونصف من المحاولات الحثيثة من جانب دولتي الإمارات والسعودية لإتمام عهد جديد بين مصر وقطر. على جانب آخر رأى مذيعو قناة الجزيرة أن إغلاق القناة ربما جاء بعد رفض النظام الإقليمي لها وكأنه لم يعد يتحملها، وقال "زين العابدين توفيق" الإعلامي بالقناة: "بعد إغلاق الجزيرة مباشر مصر ولأنه لم تتح لي فرصة وداع جمهورها كما ينبغي فإني أودّ أن أشكركم من قلبي على إيمانكم بنا ودعمكم لنا وأعتذر عن أي تقصير حدث وفخور بكل ما قدمته على هذه الشاشة الحرة التي لم يعد يتحملها نظامنا الإقليمي الجديد القديم"، مضيفا في تدوينة له عبر فيس بوك: "إغلاقها أفضل من أن تخدع جمهورها وتغير سياستها". وفي تدوينة ساخرة كعادته رأى أيمن عزام، أنه ليس هناك لديه أدنى مشكلة بعد إغلاق القناة، وقال: "لنفترض يعنى مثلا أن الجزيرة مباشر مصر قفلت بجد خالص مثلا مثلا يعنى !!!!إيه المشكلة ؟؟ نعمل قناة جديدة.. والبرامج تكون ع (الناشف).." وأضاف "نعمل صندوق ( تحيا مباشر) من فلوس اللى بيحبوا القناة". من جانبه، علق ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، على غلق الجزيرة مباشر مصر قائلا، في تصريحات صحفية، أنه ينتظر تغيير السياسة التحريرية لشبكة قنوات الجزيرة تجاه حقيقة الأوضاع في مصر، مشيرًا إلى أن هناك بعض القنوات والصحف المدعومة من قطر بشكل واضح سننتظر تغيير سياستها التحريرية تجاه الأوضاع في مصر.