من البيت.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (الرسوم والأوراق المطلوبة)    انخفاض كبير ب360 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقفا شاملا لإطلاق النار في طرابلس ويجمد قرارات حكومة الوحدة    تقارير إعلامية: إطلاق الرصاص على المتظاهرين أمام مجلس الوزراء بالعاصمة الليبية طرابلس    ترامب يختتم زيارته للشرق الأوسط من قطر باتفاقيات تاريخية بقيمة تريليوني دولار    الصفقة التي فجّرت الخلاف.. كواليس صدام حسام غالي مع كولر قبل رحيله من الأهلي    حريق بكورنيش الملك الصالح بالقاهرة والحماية المدنية تحاول السيطرة    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 بالشرقية.. اعرف المواعيد وتوزيع الدرجات    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    فيفي عبده تشعل السوشيال بفيديو غامض: «ابعتهاله» (فيديو)    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    بالأسماء.. إصابة 4 أشخاص فى حادث سيارة ميكروباص بالطريق الزراعى بأسوان    كندة علوش تهنئ أصالة بعيد ميلادها: نجمتي اللي بشوف حالي فيها    فلسطين.. 5 شهداء بقصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    ترامب: لا أرغب في أن تأخذ المحادثات النووية مع إيران مسارًا عنيفًا    وزير الخارجية الأردني: نأمل أن تكون قمة بغداد فرصة لتعزيز التعاون العربي    البرلمان ينتصر للفلاح.. ضخ مليارات لإنقاذ الزراعة وسداد مستحقات مزارعي القطن    ميلان يخسر لقب كأس إيطاليا أمام بولونيا    ريال مدريد يعطل تتويج برشلونة ويهزم مايوركا في الوقت القاتل    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    منتخب مصر يتصدر جدول ميداليات بطولة إفريقيا للمضمار ب30 ميدالية    قبل موعد اتحاد الكرة بيومين.. الرابطة تدعو الأندية لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    موعد مباريات اليوم الخميس 15 مايو 2025| إنفوجراف    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 15 مايو 2025    محافظ البحيرة توجه بركوب ذوي الهمم بالمجان في أتوبيسات النقل العام    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    حجز الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم إلى 13 يوليو    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    التزموا منازلكم، تشكيل غرفة عمليات بالخارجية لمتابعة التطورات في ليبيا    مصرع بطل مصر في كمال الأجسام إثر حادث تصادم بالتجمع الخامس.. ماذا حدث ؟    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي 2025 بمحافظة الإسماعيلية (رسميًا)    حفل فولكلور إيطالي يضيء الأكاديمية المصرية بروما    العقرب «محامي شاطر» والجوزاء «علاقات عامة».. المهنة المناسبة لشخصيتك حسب برجك الفلكي    تبرعت بمنزلها لتحفيظ كتاب الله بالمجان.. وفاة الشيخة «محاسن» أقدم محفظة قرآن بالمنيا    قطر: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة    الجمعة والسبت.. خبير يُحذر من انفجارات شمسية تصل حرارتها للأرض    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    ضمن مبادرة الأمراض المزمنة .. "الصحة" تقدم نصائح لمرضى ضغط الدم لتجنب مضاعفاته    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    «24 ساعة فاصلة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس وتحذير من موجة شديدة الحرارة    محافظ الدقهلية: لن أترك ملفا دون حل وأؤمن بأن الإعلام شريك أساسى فى خدمة المواطن    ريهام عبد الحكيم تأسر قلوب الحضور فى دار الأوبرا بروائع أم كلثوم    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية العامة الفصل الدراسي الثاني 2024-2025 في البحيرة    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي..تحوُّل ثوري يدمج العرب في حركة التاريخ
نشر في المصريون يوم 13 - 08 - 2011

أهمُّ ما تقوله الثورات العربية التي انطلقت مع مَطْلَع هذا العام فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا-والبقية ستأتي- هو أنَّ شعوب منطقتنا العربية بدأت تَنْدَمِج في حركة التاريخ، وتُنْصِت للحْنِ الحرية الخالد الذي أنشدت عليه الإنسانية أعْذَبَ أغانيها. وإنَّ شعوبنا أيضًا قد استيقظت بعد طول "سكون" و"امتثالٍ" و"إذعانٍ" طالَمَا استَمْرَأَتْه أنظمةُ الحكم العربية المستبدة على مدى عقود طويلة من الزمن.
لقد ظَلَّت شعوب منطقتنا العربية إلى نهاية العقد الأول من هذا القرن تُشَكِّل "استثناءً من عملية التحول الديمقراطي, واستعصاءً على التجارب التي خاضَتْها شعوب كثيرة في قارات العالم الخمس خلال القرنين الماضيين. وقَفَت شعوبنا خارج الموجة الثالثة للديمقراطية التي أزاحت أنظمةً استبداديةً في أوربا وأمريكا اللاتينية وآسيا؛ وخاصةً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة في بداية التسعينيات من القرن الماضي.
وقبل ذلك وقفت شعوبنا الموقفَ نفسه من الموجة الثانية للديمقراطية التي عَمَّت بلدانًا عِدَّة حول العالم منذ منتصف العشرينات من القرن العشرين، وحتى منتصف السبعينات منه. وكان الموقف هو هو من الموجة الديمقراطية الأولى التي بَزَغَت ابتداءً من سنة 1828م تقريبًا، واستمرَّت إلى منتصف العشرينات من القرن الماضي. في تلك الفترة ظهرت مبادرات ديمقراطية في كتابات كثير من المفكرِّين والفلاسفة والأدباء، وشهدت أيضًا تحرُّكات ديمقراطية شعبية. ولكن بلادنا بقيت -آنذاك- أيضًا بمنأًى عن هذا كله؛ إلا في القليل النادر الذي لا حكم له.
"الثورات العربية" الراهنة قالت، ولا تزال تقول: لقد آذَنَ ليلُ هذا "الاستثناء"، أو "الاستعصاء" العربي العتيد بالرحيل، بعد أن استشعرت شعوبُنا أنها أضحت بمستوى "الولاية على نفسها" ولم تَعُد قاصرة؛ وذلك بفضل جيلٍ جديدٍ من الثوار عبّر عن طموحاته في شعار اجترحه من صميم معاناته، وبصميم إرادته الحرة: "الشعب يريد إسقاط النظام".
ما يدعو للتأمل طويلاً في المشهد الثوري العربي اليوم هو "النطق" المُدَوِّي لهذا الشعار.. هذه هي "السابقة الأولى" في تاريخ شعوب المنطقة العربية. وأغلب الظنِّ أنها لن تهدأ حتى تَطْوِي به عذابات عهود الاستبداد الذي تطاولت أزمنتُه، وتفتح عهد "الحرية" الذي طال انتظاره.
ذلك أنها ضربت بعمقٍ منظومة "الطاعة" التي رسخت على نحوٍ سلبي- وبالمخالفة لأصولها في القرآن وصحيح السنة- في الثقافة السياسية لشعوبنا عبر مئات السنين، وبفعل كثيرٍ من الحُجَج التي أسهم في صَوْغِها عشرات من فقهاء السلاطين، بدءًا من بعض علماء الكلام قديمًا، والفلسفة حديثًا، ومرورًا ببعض كُتَّاب الأدب السلطاني، والسياسة الشرعية، وصولاً إلى "ترزية القوانين" في تاريخنا الحديث والمعاصر الذين التَقَوا في أغلبهم على قاعدةٍ وضعوها في غير موضعها تقول- وإن عبَّر كل منهم عنها بلغته الخاصة-: "عليك بطاعة ولي الأمر وإن سرق مالَك، وهتك عرضك، وجَلَد ظهرك"!. هؤلاء وأولئك جميعًا هم الذين صاغوا الجانب الأكبر من الوَعْي السياسي العربي، وأسلموه لسِياط الطُّغاة والجلادين منذ مئات السنين وإلى اليوم. هؤلاء وأولئك هم أنفسهم أول الذين أسقطتهم هتافات الجماهير الثائرة في مختلف الميادين العربية.
المَغْزَى العميق لما يحدث في ميادين الثورات العربية هو: "تحرير الإرادة" من أَسْر "الطاعة السلبية"...
إنَّه يقظةٌ ضد "أنظمة الاستبداد السياسي" ورموزه ومؤسساته القمعية، وممارساته الوحشية المنتهكة لأبسط حقوق الإنسان؛ دعوة لإعادة تأسيس العلاقة بين المواطن والسلطة على قاعدة "الرِّضا". ولا يعني هذا أننا ندعو لنبذ "الطاعة" أو شطبها من قاموس الثقافة السياسية بحجة أنَّه قد أُسِيء توظيفها في غير ما وضعت له على يد فقهاء وترزية السلاطين قديمًا وحديثًا. بل ندعو إلى تخليصها من معانيها السلبية، وإعادتها إلى أصولها الإيجابية.
ذلك أنَّ وقائع الاجتماع السياسي في تاريخنا تُشِير إلى أنَّ الحرص على ممارسة "الطاعة" وفق معاييرها الإيجابية التي وَرَدت في القرآن وصحيح السنة، قد تغيَّر ابتداءً من الدولة الأموية عندما أخذت الطاعة مضمونًا تاريخيًا بعيدًا عن تلك المعايير. ومن ثَمَّ ظهرت تعبيرات من قبيل "وجوب طاعة المتغلب"، وجواز "طاعة الفاسق"، وأنَّ الانقياد "لحاكم غشوم خير من فتنة تدوم". وبعضهم ذهب إلى البحث عن "حاكم أقلّ فسوقًا" بحجة عدم وجود أشخاص "عدول يمكن اختيار أحدهم". وتعلَّل أصحاب هذا التوجيه السلبي لمفهوم "الطاعة" بعللٍ شتَّى، كان من أهمِّها "سدّ الذرائع" المؤدية إلى الفتن، وتجنُّب إراقة الدماء. ولكن الذي حدث هو أنَّ الفتن لم تتوقف، وأنَّ الدماء لم تُحْقَن، وأن الحرية قد أهدرت وصُودِرت بعد أن تضخّم "سد" الذرائع بمرور الزمن حتى غابت خَلْفَه "الحرية" مع أغلبية القِيَم النبيلة.
ليس غريبًا- والحال كما وصفنا- أنْ نرَى في أيامنا هذه على هوامش بعض ميادين الثورات العربية-ومنها مصر- من يقف في صفِّ السلطة المستبدة والفاسدة؛ فهؤلاء لا تكاد تخلو منهم ثورة واحدة. وعُمْرُ أمثال هؤلاء "الفلول" قصير. ولكن الغريب حقًا هو أنْ نرَى من يُعِيد إنتاج تلك "الثقافة السياسية السلبية" الموروثة من ممارسات عصور الاستبداد السياسي، وهي الثقافة التي عَبّرت عن الانتقال من مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفهومه الواسع، إلى ثقافة الطاعة السياسية بعد أنْ جَرَى تأويلها لتصبح "طاعة الفاسق والجائر والمتغلب جزءًا من الشريعة"، وترسَّخت منذ ذلك الحين إلى اليوم قاعدة حُرْمة الخروج على الحاكم الجائر! (هكذا دون خجل).
سمعنا في غمار الثورات المصرية، والليبية، واليمنية، والسورية، من بعض الاتجاهات السلفية من يُعِيد تذكيرنا بذلك المَعْنَى السلبي المدمر لمفهوم "الطاعة"، بل سَمِعنا بعض الشخصيات التي تشغل مناصب دينية رفيعة وهو يقول: "انتو عايزينها زي الثورة الفرنسية!!"، ويفتي بجواز "عدم أداء صلاة الجمعة، وأداء صلاة الظهر" يوم جمعة الغضب في مصر. سَمِعنا أمثال هؤلاء وهم يردِّدون نفس الحجج البالية التي أشرنا إلي بعضٍ منها.
ليس غريبًا أيضًا أن يكون "شباب الفيس بوك" هم القادة الحقيقيون للتحوُّلات الثورية العربية الراهنة. فهؤلاء ينتمون إلى جيلٍ جديدٍ تشكَّل وعيه في فضاءات "العالم الافتراضي" بعيدًا خارج الأُطُر والقيود الرسمية، وخارج التشكيلات الحزبية والنقابية؛ بل يُمْكِننا القول: إنَّ وَعْيَهم تشكل أيضًا خارج مؤسسات التعليم الرسمي التي مرَّ بها أغلبهم، أو لا زالوا فيها؛ فأغلبها مؤسسات فاشلة.
هؤلاء الشباب- الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة- هم الذين ضحَّى عشرات الآلاف منهم بأرواحهم في ميادين التحرير والتغيير والثورة الممتدة من تونس إلى القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها من المدن المصرية. ومن بنغازي، ومصراتة وطرابلس وغيرها من المدن الليبية، إلى صنعاء وإب وتعز وغيرها من المدن اليمنية، إلى دمشق وحماة وحمص وغيرها من المدن السورية.
هؤلاء الشباب كان من حُسْن حَظِّهم أنهم لم يشربوا من مياه "البئر الآسن" للطاعة السياسية بمفهومها السلبي الموروث، ولا خَدَعَتْهم شعارات من قبيل "العبور إلى المستقبل" ، أو "من أجلك أنت" التي كان يرفعها دهاقنة الحزب الوطني المنحل. كما لم تَخْدَعْهم شعارات "الحداثة السياسية" التي رفعتها أنظمة الاستبداد والفساد لأكثر من نصف قرن. وإلى هؤلاء الشباب يرجع الفضل في تعريفنا بأنَّ الإنجاز الأبرز لهذه "الحداثة السياسية المزيفة" هو "بلطجية وعصابات" في مصر، و"شَبِّيحة" في سوريا، و"بلاطجة" في اليمن، و"كتائب الموت، والقناصة والمرتزقة " في تونس وفي ليبيا!! بينما الفقر والجوع والمرض والأمية والبطالة تضرب أغلب المواطنين وتعجزهم عن الحركة!.
ما يُنْبِئ به الربيع الممتد للثورات العربية هو أنَّ شعوب منطقتنا العربية غَدَت على وشك إنهاء حالة "الاستثناء" من موجات التحوُّل الديمقراطي، ومغادرة موقف "الاستعصاء" وبدء الاندماج بنجاح في حركة التاريخ على يد جيل جديد من الشباب العربي الذي يُؤمِن بأنه "سيأتي يوم لن تشرق فيه الشمس إلا على شعوبٍ حُرَّة".
المصدر: الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.