* يقول الحق عز وجل " ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون . " ولخطورة الفساد على أي مجتمع فقد جاء ذكر ه فى القران الكريم فى خمسين موضعا كلها مشتقة من مادة " فسد ". والفساد في الأرض هو مرادف الظلم والكفر والكذب على الله . أما الفساد بمفهومه السياسي فله معاني شتى منها إساءة استخدام السلطة وعدم تطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين الناس , لأن هناك قاعدة عامة مفادها أن أي نظام سياسي مطلق هو معرض في الأساس إلى الممارسات السياسية الفاسدة، وهذه الممارسات تتنوع أشكالها وصورها فى مصادرة حق الشعب فى حياة حرة كريمة وحرمانه من الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية . فالحكم المطلق هو فساد مطلق . والفساد المطلق هو سوس ينخر فى جسد المجتمع لايتركه إلا عظاما نخرة واهية . وهذا بداية انهيار المجتمعات . * يقول " الضحاك "" كانت الأرض خضرة لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة ، وكان ماء البحر عذبا وكان لا يقصد الأسد البقر والغنم ، فلما قتل قابيل هابيل اقشعرت الأرض وشاكت الأشجار وصار ماء البحر ملحا زعافا وقصد الحيوان بعضها بعضا ." فماذا لوعاش الضحاك ليومنا هذا وشاهد دماء المصريين وهى تسيل جهارا نهارا فى الشوارع والميادين والطرقات..؟ . إن القتل بغير حق هو أبشع صور الفساد اليوم . كما أن الطغيان هو توأم الفساد فقد قال الله عز وجل " الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد " فالطغيان والفساد متلازمان لاينفصلان وحدث ولاحرج عن 30 سنة كاملة اعتقل فيها نظام مبارك شعب مصر وطغى عليهم وجعل أعزة أهلها أذلة . حتى صارت مصر تتسول رغيف خبزها وعلبة دوائها وما يستر عورة أهلها . * سأل طفل والده عن الفساد السياسي فأجابه : لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك في هذا السن ، لكن دعني أقرب لك الموضوع , أنا اصرف على البيت لذلك فلنطلق علي اسم "الرأسمالية" , وأمك تنظم شؤون البيت لذلك سنطلق عليها اسم "الحكومة" , وأنت تحت تصرفها لذلك فسنطلق عليك اسم" الشعب" . وأخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم" المستقبل" . أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم" القوى الكادحة" . فاذهب يابنى وفكر عساك أن تصل إلى نتيجة . وفى الليل ذهب الطفل يفكر فى الموضوع ولم يستطع أن ينام فقام قلقا من فراشه فلما سمع أخاه الصغير يبكى ذهب إليه فوجده بدون حفاضة وذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة فى النوم ولم يجد والده . فذهب ليبحث عنه فى أرجاء البيت فسمع صوته يضحك مع الخادمة فذهب إلى فراشه . وفى الصباح قال لأبيه : لقد عرفت معنى الفساد السياسي , عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة فى سبات عميق عندها يصبح الشعب تائها ومهملا ويصبح المستقبل غارقا فى القذارة . تعجب الأب كيف وصل ابنه لهذه النتيجة....!؟. * فى تقرير لجريدة " المصريون " لقد أكد المستشار عبد الناصر خطاب المتحدث الرسمي للنيابة الإدارية ازدياد حجم الفساد المالي والإداري في الجهاز الحكومي خلال الفترة من أول يناير حتى نهاية نوفمبر 2014 . حيث تخطت حاجز ال 100 ألف قضية، مشيرًا إلى أن الحاجة أصبحت ملحة إلى إصدار قانون جديد للنيابة الإدارية يتفادى المثالب والعقبات القانونية التي حالت دون أداء النيابة لرسالتها على الوجه الأكمل ويتعين أن يصدر القانون الجديد متضمنًا بسط اختصاص النيابة الإدارية أعمالًا لنص الدستور على كل الجهات والمرافق العامة الإدارية طالما أنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات . * إن تقرير" الجهاز المركزي للمحاسبات " عن الفساد المالي لوزارة التربية والتعليم أمام النيابة الإدارية خطير حيث أن التقرير يقر بإنفاق 222 ألف جنيه بدل وجبة غذائية لسكرتارية الوزير خلال ستة أشهر , فى حين يعاقب طفل صغير فى بني سويف بالحبس لأنه سرق 5 أرغفة لإطعام أهله . وهناك تقارير أخرى من مباحث الأموال العامة تقول إن حجم التعدي على المال العام بلغ 19 مليار جنيه فى الخمس شهور الأخيرة . هذا فيض من غيض وقطرة من سيل من حجم الفساد المالي والسرقة والنهب فى هذا الوطن . فمن يجفف نهر الفساد قبل أن تغرق البلاد فى أعماق نهر عميق ولا تنهض بعده أبدا لاقدر الله لوطننا هذا . إن محاربة الفساد ليست بالتمني ولكن بالعمل والقوانين الجادة التي تحاسب كل مسؤول مهما علا منصبه . لقد أكد حقوقيون، أن فاتورة الفساد في مصر تبلغ نحو 800 مليار جنيه ، يهدرها الفساد سنويا ، مشيرين إلى أنه ليس في مصر خطة واضحة لمكافحة الفساد، مستبعدين إمكان إعادة الأموال المهربة، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك . * ياقومنا .. أفيقوا من سباتكم العميق لأن بلدكم مصر غارقة حتى أذنيها فى بحر متلاطم الأمواج من الفساد الأسود الذي لم يترك شبرا واحدا فى هذا الوطن إلا ورتع فيه . إن كثيرا من مؤسسات الدولة تغلغل فى أحشائها جرثومة الفساد . ولايمكن تطهير هذا الفساد وغلق مؤسساته واقتلاع جذوره إلا بإصلاح سياسي يبدأ باحترام إرادة الشعب وحريته فى اختيار من يمثله سواء فى انتخابات برلمانية أو رئاسية . . وأن يقف المواطنون سواسية أمام القانون . وأن تسن قوانين لتجريم الفساد وتزوير الانتخابات ونهب وسرقة المال العام . إن لم تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد إلى حين . وستعيش الأجيال القادمة تحت خط الفقر تعانى الأمية والجهل والتخلف , وستعود مصر إلى الوراء آلاف السنين كعهد قدماء المصريين . الحل أن تعود تلك الدولة إلى شعبها ليكون هو صاحب الريادة والسيادة دون وصاية خارجية من أعداء الوطن الذين يتربصون به ليل نهار .