حذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية من أن سيناريو تبرئة ما سمته الرئيس المصري المخلوع "المستبد" حسني مبارك من تهم قتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، يمكن أن يتكرر في تونس. وأضافت المجلة في تقرير لها في 16 ديسمبر أن ما حدث في مصر من "عودة الاستبداد, وبراءة مبارك ورموز نظامه", يجعل المرء يتساءل عما إذا كانت تونس ستفشل هي الأخرى في تحقيق العدالة لضحايا نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتابعت " إذا كانت ثورة يناير في مصر قد أخطأت الطريق, فيمكن أن تسير تونس في ركبها"، مشيرة إلى وجود العديد من العلامات المشابهة الآن, التي تنذر بسوء لمسيرة العدالة الانتقالية في تونس, وذلك في إشارة إلى المخاوف من عودة الاستبداد مرة أخرى إلى تونس, في حال فاز رئيس حزب "نداء تونس" الباجي قايد السبسي بانتخابات الرئاسة, وهو ما حذرت منه صحيفة "واشنطن بوست " الأمريكية في وقت سابق. وكانت "واشنطن بوست" ذكرت في تقرير لها في 22 نوفمبر الماضي أن تونس, البلد الوحيد من بين بلدان الربيع العربي, التي تطيح بالديكتاتورية, وتسير في طريقها لبناء نظام ديمقراطي، ورغم ذلك, تجد المخاوف من عودة النظام الاستبدادي إليها مرة أخرى, ما يبررها. وأشارت إلى احتمال فوز الباجي قايد السبسي, الذي خدم خلال ما سمته "النظام الديكتاتوري" إبان حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ونقلت عن بعض التونسيين قولهم :"إن فوز السبسي يعني نهاية الثورة التونسية وإن استقرار البلاد سيكون على المحك". وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نشرت أيضا مقالا للكاتب ماثيو كامنسكي في 21 نوفمبر ركز فيه على أسباب نجاح "الربيع العربي" في تونس, دون غيرها. وقال الكاتب :" إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من تونس للمستقبل السياسي للدول العربية هو: لا تهتموا بالشعارات، المهم هو القدرة الإنسانية على تبني الأساليب الأفضل للحكم". وكان محور المقال شخصية زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي, الذي وصفه الكاتب, بأنه هو الذي يعود إليه فضل تقديم الديمقراطية إلى البلدان العربية، رغم هشاشتها في تونس, التي تعتبر استثناء وسط منطقة مزقتها الاضطرابات خلال السنوات الأربع الماضية. وأورد الكاتب مواقف حركة النهضة -بدفع من الغنوشي- التي قال إنها أنجحت تجربة تونس, وأنقذتها من مصير دول الربيع العربي الأخرى, مثل تخلي "النهضة" عن الحكم لصالح حكومة من التكنوقراط، والموافقة على دستور ليبرالي للبلاد, والقبول بنتائج الانتخابات البرلمانية بصدر رحب وتهنئة الفائز المعارض، وعدم ترشيحها لشخص من صفوفها لمنصب الرئيس. واستطرد كامنسكي "ليس المهم أن نعرف ما في قلب الغنوشي، بل يكفي أنه وقف وراء كل ما أوصل تونس إلى هذه المرحلة". واختتم بقوله :"إذا فاز المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي في انتخابات الرئاسة التونسية، فإن حزبه سيسيطر على السلطتين التشريعية والتنفيذية, الأمر الذي سيغري بالعودة إلى الأيام القديمة والماضي الاستبدادي".