قبل ساعات من انطلاق انتخابات الرئاسة في تونس, نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مقالا للكاتب ماثيو كامنسكي في 21 نوفمبر ركز فيه على أسباب نجاح "الربيع العربي" في هذه الدولة, دون غيرها. وقال الكاتب :" إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من تونس للمستقبل السياسي للدول العربية هو: لا تهتموا بالشعارات، المهم هو القدرة الإنسانية على تبني الأساليب الأفضل للحكم". وكان محور المقال شخصية زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي, الذي وصفه الكاتب, بأنه هو الذي يعود إليه فضل تقديم الديمقراطية إلى البلدان العربية، رغم هشاشتها في تونس, التي تعتبر استثناء وسط منطقة مزقتها الاضطرابات خلال السنوات الأربع الماضية. وأورد الكاتب مواقف حركة النهضة -بدفع من الغنوشي- التي قال إنها أنجحت تجربة تونس, وأنقذتها من مصير دول الربيع العربي الأخرى, مثل تخلي "النهضة" عن الحكم لصالح حكومة من التكنوقراط، والموافقة على دستور ليبرالي للبلاد, والقبول بنتائج الانتخابات البرلمانية بصدر رحب وتهنئة الفائز المعارض، وعدم ترشيحها لشخص من صفوفها لمنصب الرئيس. واستطرد كامنسكي "ليس المهم أن نعرف ما في قلب الغنوشي، بل يكفي أنه وقف وراء كل ما أوصل تونس إلى هذه المرحلة". واختتم بقوله :"إذا فاز المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي في انتخابات الرئاسة التونسية، فإن حزبه سيسيطر على السلطتين التشريعية والتنفيذية, الأمر الذي سيغري بالعودة إلى الأيام القديمة والماضي الاستبدادي". وبدأ التونسيون المقيمون في الخارج يوم الجمعة الموافق 21 نوفمبر عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية, التي يتنافس رسميا فيها 27 مرشحا، في ظل تأكيد حركة النهضة تمسكها بعدم دعم أي مرشح للانتخابات التي تجرى داخل البلاد في 23 نوفمبر. وتجدر الإشارة إلى أن النهضة لم تقدم مرشحا من حزبها للانتخابات الرئاسية، وطرحت مقترح رئيس توافقي يجمع أكبر عدد ممكن من الأحزاب، إلا أن مقترحها لقي رفضا من العديد من الأحزاب. وتعتبر الانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر الأولى التي تجرى في تونس بنظام الاقتراع المباشر منذ الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي عام 2011، حيث انتخب الرئيس الحالي المنصف المرزوقي عبر أعضاء المجلس التأسيسي " البرلمان", في ديسمبر 2011. وتجرى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم 23 نوفمبر، تليها جولة إعادة أواخر ديسمبر المقبل, إذا لم يفز أحد المرشحين بأكثر من 50% من الأصوات من الجولة الأولى. ويتنافس في الانتخابات 27 مرشحا, ورغم أن خمسة مرشحين انسحبوا فعليا من السباق, فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أبقت على أسمائهم في ورقة الاقتراع. ولا يتمتع رئيس الجمهورية وفق الدستور التونسي الجديد, الذي تم إقراره بداية 2014 , بصلاحيات كثيرة، ومن أبرز مهامه رسم السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي وحلّ مجلس نواب الشعب والمصادقة على المعاهدات. ومن أبرز المتنافسين بالانتخابات الرئيس الحالي المنصف المرزوقي، ورئيس حزب " نداء تونس" الباجي قايد السبسي. وكان المرزوقي حذر مرارا من فوز رموز النظام السابق بعد تصدر حزب "نداء تونس", الذي يضم عناصر من نظام بن علي, نتائج الانتخابات التشريعية, بحصوله على 86 مقعدا من مجموع 217 مقعدا في مجلس الشعب القادم, متقدما على حركة النهضة "69 مقعدا", وفق النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة المستقلة للانتخابات.