المعارضة في أي نظام سياسي هي الرقيب والمحاسب للسلطة الحاكمة، وهي عين المواطن - في أغلب الأحوال – على ما يمارسه القائمون على أمور الدولة، وهي شروط أساسي ومقوم ثابت من مقومات الديمقراطية، فليس منطقيا ولا مقبولا – قانونا كان أو عرفيا – أن تكون هناك ديمقراطية خالية من المعارضة، حتى لو كانت معارضة ديكورية لإكمال المنظر العام دون أي دور أو فاعلية..ومن ثم نجد أن النظام السياسي القوي هو الذي يوجد به معارضة قوية، لان المعارضة هي السياط المسلطة على ظهر الحكومة والنظام، وهي الدافع لها – للحكومة - لتقديم أفضل ما عندها، لأنها تعي أن هناك عين تراقب وأذن تتنصت وعقول تترصد الخطأ لتقوم بإظهاره للمواطنين..لكن حين يكون النظام بلا معارضة ويتحول الجميع إلى طبلجية وأبواق لخدمة النظام وقتها سيكون الفشل والسقوط المدوي هو مصير هذا النظام مهما بلغت قوته وجبروته وأسلحته وشعبيته وإعلامه وجماهيره.. اما في مصر فحدث ولا حرج..فعلى مدار العقود والازمان أثبت المصريون أنهم ملكيون أكثر من الملك..وتتميز مصر بأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك منظومة اعلامية لامثيل لها..قادرة على غسل الادمغة وتحويل الدفة وتوجيه الرأي العام يمينا أو يسارا..وتحول غالب الاعلاميين الى راقصين على احبال رجال الاعمال، ينفذون بجد ومهارة مايطلب منهم مقابل المال..وإلا فالمصير واضح ومحتوم..إما ان تجلس في بيتك بلا عمل..أو يكون مأواك مع من ارتضوا لانفسهم أن يكونوا أحرارا خلف القضبان أو خارج البلاد.. وصل الحال في بلادنا الى شيطنة " لا " ومحاولة طمس كل ماله علاقة بالمعارضة من قريب أو من بعيد..الى الحد الذي بات فيه الاعتراض على ظاهرة معينة او انتقاد مسئول ما على تقصيره نوعا من الخيانة العظمى لهذا الوطن..وباتت تهم الانتماء للاخوان والجماعات الارهابية ومحاولة قلب نظام الحكم هي الاكثر استعمالا في مواجهة كل من تسول له نفسه أن يعترض على اي شيئ في وطن تبلغ مساحته مليون كم وعدد سكانه تجاوزا ال 90مليون نسمة.. اغتيال المعارضة أو تقليم اظافرها هو أول مسمار يدق في نعش أي نظام..وعلى الجميع ان يحذر أن سياسة التطبيل والرقص المتواصلة لن تجدي كثيرا ولن تستمر طويلا..فالنظام الذي لايرى عيوبه يتحول مع الايام الى نظام فرعوني جديد..والحكومة التي اعتادت التهليل والإشادة من هنا وهناك لن تقدم جديدا..اللهم قد بلغت..أللهم فأشهد