مقارنة مرعبة بين جيشي الهند وباكستان ودراسة: 100 مليون يموتون على الفور حال استخدام النووي    أيهما أقوى عسكريا؟.. مقارنة بين جيشي الهند وباكستان    معلق مباراة باريس سان جيرمان وارسنال في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    22 شهيدا و52 مصابًا جراء مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة أبو هميسة بمخيم البريج وسط غزة    يشبه قانون التصالح في مخالفات البناء.. برلماني يقدم مقترحًا لحل أزمة الإيجار القديم    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    طارق يحيى ينتقد تصرفات زيزو ويصفها ب "السقطة الكبرى".. ويهاجم اتحاد الكرة بسبب التخبط في إدارة المباريات    الدولار ب50.6 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 7-5-2025    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    تحرير 71 محضرا للمتقاعسين عن سداد واستكمال إجراءات التقنين بالوادي الجديد    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    التلفزيون الباكستاني: القوات الجوية أسقطت مقاتلتين هنديتين    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع ببداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    معادلا رونالدو.. رافينيا يحقق رقما قياسيا تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صواريخ غزة في خدمة مستوطنات الضفة
نشر في المصريون يوم 09 - 08 - 2011

تشهد إسرائيل هذه الأيام حركة احتجاج جماهيرية غير مسبوقة، حيث يطالب مئات الآلاف من الشباب الإسرائيلي الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو بحل مشكلة السكن، التي أصبحت المعضلة الرئيسة التي يواجهها معظم الصهاينة. شيئا فشيئاً تتسع دائرة الاحتجاجات – التي أصبح يطلق عليها " ثورة الخيام " - لتطال قطاعات اجتماعية ومهنية عريضة في المجتمع الإسرائيلي. لأول وهلة يبدو أن هذه الاحتجاجات شأناً إسرائيلياً داخلياً، لكنها في الواقع تمس في الصميم الصراع بين الكيان الغاصب والشعب الفلسطيني. فقد قدم المتظاهرون لائحة اتهام للمشروع الاستيطاني الصهيوني في الضفة الغربية، حيث أن الكثير من النخب المسؤولة عن تنظيم هذه الاحتجاجات اعتبرت أن المعضلات الاقتصادية التي تعاني منها كل من الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة في المجتمع الصهيوني ناجمة عن توجيه الدولة استثمارات هائلة للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية. ولم يفت هؤلاء أن يذكروا الرأي العام الصهيوني بأنه في الوقت الذي يحصل فيه المستوطن على شقته السكنية تقريباً بالمجان، فإن متوسط سعر الشقة السكنية داخل إسرائيل يصل إلى نصف مليون دولار، وهذه كلفة كبيرة جداً حتى في كيان يبلغ معدل دخل الفرد السنوي 19 ألف دولار.
اليمين في حالة دفاع عن النفس
لقد أصبح اليمين في إسرائيل، وتحديداً قادة المستوطنين في حال دفاع عن النفس، وغدوا يقطعون الليل بالنهار وهم يحاولون مواجهة حركة الاحتجاج التي باتت تهدد شرعية الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. لقد أخذت هذه الاحتجاجات نتنياهو والنخبة اليمينية الحاكمة على غرة، حيث أبرزت حجم الفاتورة التي يدفعها الصهاينة لقاء تواصل وتعاظم المشروع الاستيطاني، في الوقت الذي تتعدد فيه مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تحياها أغلبية الصهاينة الذين يقطنون داخل الخط الأخضر. أدرك نتنياهو أن الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة وغير المسبوقة تمثل تحدياً هائلاً لخطاب اليمين الإسرائيلي الكلاسيكي، ذو النزعة الشعبوية، الذي حافظ على تماسك قوامه حتى الآن بسبب اللامبالاة التي أبداها الرأي العام الصهيوني تجاه ما يحدث في الضفة الغربية. وبات نتنياهو ومعه قادة اليمين يعون أن تواصل هذه الاحتجاجات سيحرج اليمين ويرسم الكثير من علامات الاستفهام حول صدقية خطابه. ولم تنحصر تداعيات الثورة الاجتماعية على إثارة الجدل حول دور المستوطنات في التسبب بالضائقة الاقتصادية والاجتماعية، بل أن هناك مؤشرات تدلل على أن الحكومة الإسرائيلية ستكون مضطرة لإلغاء تمويل العديد من المشاريع العسكرية التي كان ينظر إليها كمشاريع حيوية بالنسبة لجيش الاحتلال وآلة قمعه، وذلك لكي يتم تمويل الكثير من الخدمات التي وجدت إنه لزاماً عليها تقديمها للطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة.
لقد أسهمت" ثورة الخيام " في الواقع في تآكل مكانة إسرائيل الدولية، إذ إنها تثبت للعالم بأنه – بخلاف الانطباع الذي يحاول نتنياهو بلورته تجاه العالم- فإن المشروع الاستيطاني لا يحظى بتأييد الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين، وهذا يشجع الكثير من الأطراف الدولية على ممارسة الضغوط على الحكومة الصهيونية، في نفس الوقت فإن الاحتجاجات الجماهيرية تحرج القوى الدولية المنحازة مع إسرائيل بكل ثمن، سيما الولايات المتحدة. ففي أعقاب هذه الاحتجاجات، فإن قدرة الإدارة الأمريكية على تغطية تواطئها مع إسرائيل ستكون محدودة للغاية.
صواريخ غزة والاحتجاجات
في هذه الظروف العصيبة لليمين وقادة المستوطنين، فإنه من الطبيعي أن يسعى نتنياهو جاهداً لتوظيف كل ما من شأنه إبعاد قضية المستوطنات، وحجبها عن الجدل الجماهيري العام، فاليمين الإسرائيلي يتلهف لأن تركز وسائل الإعلام الصهيونية على قضية أخرى غير الاحتجاجات وتأثير المستوطنات السلبي على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وذلك للحد من قدرة النخب التي تنظم الاحتجاجات على طرحها كدليل إثبات على عقم سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وللأسف الشديد، فإنه على ما يبدو فإن الطرف الذي تحرك لإسعاف نتنياهو وإنقاذ المستوطنات كان تحديداً – ويا للمفارقة المفجعة - الفلسطينيون. فبدلاً من أن تواصل وسائل الإعلام الإسرائيلية التركيز على الاحتجاجات الجماهيرية التي تجتاح الكيان الصهيوني، ويتعاظم معها الدفع بقضية المستوطنات إلى بؤرة الجدل الداخلي الصهيوني، مما يفاقم أزمة اليمين الصهيوني ويبرز تهاوي خطابه السياسي، بدلاً من هذا كله يصر بعض الفلسطينيين على أن يقدموا - وعلى طبق من فضة - حبل النجاة لنتنياهو ولليمين الصهيوني من بعده، وذلك خلال إطلاق بضع قذائف صاروخية على جنوب الكيان الصهيوني، لتعود لصدارة الاهتمام الإعلامي الصهيوني، وتمنح الفرصة مجدداً لنتنياهو ليثبت للرأي العام الصهيوني أن المشكلة لا تكمن في المستوطنات، بل في المقاومة الفلسطينية التي عادت لتهدد العمق الإسرائيلي. ومن نافلة القول أن عمليات إطلاق القذائف الصاروخية من غزة ستتيح لنتنياهو إصدار الأوامر بردود عسكرية لإستعادة شعبيته المنهارة، وفي حال تدهورت الأوضاع الأمنية أكثر، فإن نتنياهو سيرى في ذلك فرصة حياته، حيث أنه سيتمكن من مقارعة النخب المسؤولة عن تنظيم الاحتجاجات بالقول: " يتوجب على الإسرائيليين التوحد خلف الحكومة عندما تواجه التهديد الخارجي ".
" انجازات " نتنياهو بأيدي الفلسطينيين
وإلى جانب إزاحة المستوطنات عن الجدل الجماهيري، فإن إطلاق القذائف من قطاع غزة يحقق جملة من الأهداف أشار إليها صراحة وزير التهديدات الاستراتيجية في الحكومة الصهيونية موشيه يعلون قبل شهر في تصريح هام جداً. وإن كان ثمة أحد معني حقاً بمقاومة الاحتلال، فعليه أن ينصت جيداً لما قاله يعلون واستخلاص العبر منه، حيث أشار يعلون أن إطلاق القذائف من قطاع غزة يمكن إسرائيل من تحقيق الأهداف التالية:
1- السماح للجيش الإسرائيلي بتنفيذ المخططات التي سبق أن وضعها لضرب البنى التحتية للمقاومة، سيما معسكرات التدريب والأنفاق التي تعتقد إسرائيل أنها تستخدم في تهريب السلاح والوسائل القتالية.
2- مراكمة المسوغات لشن حملة عسكرية واسعة على القطاع في الوقت الذي تراه إسرائيل مناسباَ.
3- تقليص هامش المناورة أمام المنظمات الدولية التي تسعى لرفع الحصار عن غزة، والإثبات للعالم أنه يتوجب مواصلة فرض الحصار على القطاع على اعتبار أن ذلك مصلحة استراتيجية لا يقتضيها الأمن الإسرائيلي فحسب، بل استقرار المنطقة برمتها.
4- تحسين مكانة إسرائيل الدولية وتقليص الضغوط التي قد تفرض على إسرائيل لحثها على تقديم تنازلات.
ولا يفوت يعلون أن يذكر الجميع أن موازين القوى التي تميل لصالح إسرائيل بشكل جارف يمكنها من إلحاق الأذى بشكل كبير بالمقاومة الفلسطينية.
تجربة حزب الله
لقد كان حزب الله أول طرف عربي يلحق هزيمة حقيقية بإسرائيل ويمرغ أنفها في التراب، وهو حركة المقاومة، التي تؤكد الاستخبارات الأمريكية، أنها تملك من القوة العسكرية ما لا تتمتع به دول بأكملها. لكن حزب الله لم يحدث أن أطلق صاروخاً واحداً على إسرائيل منذ أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزاها، رغم أن ما في ترسانته من الصواريخ يبلغ عشرات أضعاف ما تملك المقاومة الفلسطينية. وحتى عندما اغتالت إسرائيل قائد الذراع المسلح في الحزب عماد مغنية لم يبادر الحزب لإطلاق الصواريخ. فشتان بين طرف توجهه ضوابط الوعي والحكمة والحسابات الباردة، وبين أطراف طلقت هذه الضوابط طلاقاً بائناً، واستلبت بدلاً من ذلك للمناكفات والاعتبارات البائسة.
من أسف، في الوقت الذي يتعلم الصهاينة من ثورات التحول الديموقراطي التي تجتاح العالم العربي ويغيروا من أنماط سلوكهم، يصر البعض في فلسطين على التشبث بأسباب الضياع والتيه والعدمية.
من هنا يتوجب على القوى الحية والمؤثرة في فلسطين إعادة تقييم وسائل المقاومة وظروفها الزمانية والمكانية والموضوعية، علاوة على أشكالها حتى لا تنقلب كسهم مرتد إلى صدر الشعب وقضيته، وحتى لا تكون صواريخ غزة -هي بالذات - التي تسارع لإنقاذ مستوطنات الضفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.