"ألقاكم بإذن الكريم بعد انقضاء الشهر الكريم" ... فالكتابة,لك أو عليك,والكتابة أنت أو غيرك,والكتابة دقائق بين حالات ثلاث,إما حالة أن يبرد أمامك فنجان القهوة,من فرط تدفق الجمل,وسيولة الحبر,وإما حالة فناجين القهوة المتتالية لا يرجى وحي من سواد قعرها الذي تظنه يجمع شتاتك,فإذا به يرعب خيالك,ويرعش أصابعك,ويرهب دقات قلبك,وينسيك أنها تصرخ فيك بأن الحياة دقائق وثوان. و للكتابة أبهة كالأفراح والليالي الملاح,أو هي لها طقوس كالولادة,والله المستعان إن كانت ساعة فرج,أو طلق صناعي وشق بطن,وللكتابة مراسم كالموت,و خيال قريب من ساكني التراب الراحلين الذين لا تغيب ذكراهم,خاصة في مثل هذا الشهر الكريم. أحيانا تذكر أحدهم فتتعجب كيف رحل وكيف نجوت أنت,كيف مضى ولم يعقب,وأنت لا زلت تلوي بعنق عنيدة غير مصدق ولا منتظر نفس المصير,وأحيانا تتذكر صديقا,واعدك,ولم يف بموعوده,لارتباطه بسفر-لم يكن بالحسبان- يطول داخل لحد مرعب,وتندهش كيف ترك البنين والبنات,وملؤ عينيه مناشدة لك ووصية بهم,وأنت لا وقت لديك,ولا حتى نظرة حين ميسرة من كرم,وتسوف كل يوم :سأبعث لهم وسأمر عليهم,وأنت تعلم سلفا كذبك,وخيانتك عهد الصداقة,وأنك الحي الميت,أو أنت الميت الحي ,وقال تابعي : لو طلبت من أخ لك حاجة,فذكِره به مرة ومرتين,ثم كبر عليه,واقرأ(والموتى يبعثهم الله)يعني هو قد مات وقامت قيامته ولا خير فيه,وانس يا صاحبي. وسلام على ذكرى آخرين,كلما مروا بالخيال,حسدتهم في لحظة كآبة على نومهم الطويل تحت الثرى,وخلعهم هموم الدنيا,ولو مر بك ذكراهم في لحظة فرح,ضقت ذرعا وعصرت خيالك كي لا يصل إليهم. تلكمو هي الكتابة,وتلكمو هي الدنيا ومن فاتوها,ومن بقوا فيها,ومنهم من حذروها,و طبعا لا أعنيهم بكلامي,فأنا أخاطب الغاوين أمثالي,الذين فرطوا,ويخافون أن يعرفوا غدا:من الكذاب الأشر,ومن قال منهم ولم يفعل,ومن فعل منهم عكس ما يقول,ومن أقسم عشرات المرات على ألا يعود,وعاد,وألا يزاول ما لا يليق,وزاول,وألا يقول أشياء أكبر منه وقال,فماذا غدا ستقول الصحيفة عني وعنك ,وهل مكتوب بها أني كذبت,وأني وأني وأني,و كذاب أنا إن قلت :إني غير كاذب ومرجئ ومسوف,فربما أكون كذبت,وحتما قد أرجئت,وأحلف بالله أني سوفت. وعلى الرغم من كل الكذب عاليه,والإرجاء الذي أعانيه,والتسويف الذي أشقى فيه,فإني أهمس بالمحامد التي هي أقل مما ينبغي في حضرة صاحب الحمد والملكوت,وأجأر بالثناء و الشكر كما يريد ربي ويرضى,وأعود فأطمئن نفسا لوامة بأن الحمد لله أني لا زلت حيا,وأملك دقيقة أكرر فيه وعودا,أخونها بعد دقيقتين,ثم أعود,فأملك دقيقة أخرى,وأعلن قبل أن تنتهي ثوانيها :يا رب إني سمعت مقالة عجبا ,أنك تعلم أني أعلم أنك رب غفور تغفر الذنب,وتأخذ بالذنب,فهلا غفرت قبل انقضاء أيام المغفرة,إنك سبحانك أهل التقوى وأهل المغفرة. وبعد يا من أقسم وأشهد على محبيتهم ,فهل تأذنون لي في إجازة من الكتابة وربما راحة لكم من غثائي المنثور حتى نهاية الشهر الكريم ,لإعادة ترتيب الأوراق,وإجابة سؤال القذافي (من أنتم)ففي أيام كتلك:خذوا الحكمة من فم العقيد ,فالحيرة والتشتت شعاري الذي ذبحني,وكم أود الإجابة :من أنا وكم أتمنى أن أقول "وعجلت إليك ربي لترضى" فأسألكم الدعاء,وأن يهيء لي ربي من أمري رشدا. [email protected]