لنا نحن معشر المصريين كلمات غاية في التعبير عوضا عن كونها غاية في الروعة ، ومهما حاولت ان تجد لبعض الكلمات من بدائل فستجد نفسك في نهاية المطاف مضطرا لاستخدام الكلمات العامية كما هي دون تحريف أو تعديل ... خذ على سبيل المثال كلمة ( مضروب ) فهى تعبر عن الشيء المزيف غير الحقيقي وهي توجز لك كل خطابات المسئولين ووعودهم لأنها ببساطة مضروبة ! وعلى شاكلتها كلمة ( براني ) أى خارجي او مستورد وهى تصف لك نفر من بني جلدتنا حين يتحدثون عن أشياء ليست موجودة في مصر ويجيدون وصفها مثل الديمقراطية والحرية ، هنا يقفز العقل المصري الواعي ليقول لك ( دا كلام براني ) ولدينا في الامثال ( إن غاب القط العب يافار ) والحقيقة أن القط لا يزال حاضرا وبقوة ويرد عن اولياء نعمته ليل نهار وينال من نقابة الصحفيين ومن الحرية ومن مصر بأسرها لذا فالذي غاب في الحقيقة او الفأر ونقول فلان ( سرايا ) أي فقد عقله ولكن الحقيقة ان كثيرين من أهل السرايا لا يزالون يتمتعون بقدر كبير من التقدير لدى المسئولين لدرجة انهم يتحكمون في مصير الكلمة في بلادنا ونقول فلان ( في الطراوة ) أي الرجل الذي يعيش في الظل ولا تلسعه نار الواقع أي لا يعايش الواقع او يسرح في الخيال لدرجة تجعل الآخرين يعتقدون انه يتحدث عن عالم آخر غير الذي نعيشه ، وهذا النوع موجود لدرجة تشعر معها ان جميع المسئولين في بلادنا في الطراوة ويقولون لنا (على حد لحافك مدد رجليك ) وهي تستخدم لترشيد الاستهلاك كما الحال في مصر اليوم إذ لا ينفك الوزراء يناشدوننا نحن الشعب بضرورة عدم تجاوز ارجلنا آخر اللحاف لأن في ذلك ضرر علينا وعليهم بالطبع ! إن سرقت اسرق جمل وان عشقت اعشق قمر ، وهي تقال لمن يسرق أشياء بسيطة ويجري خلف فتاة قبيحة واليوم لا نرى أثرا لمثل هذا المثل لأن سراق المال العام سمعوا النصيحة وعملوا بها فلم يعد في البلد ولا جمل واحد إلا الجمل رمز الحزب الوطني الديمقراطي في الانتخابات كما نستخدم ( اللي يحتاجه البيت يحرم على المسجد ) ويعني أن أهل البيت أولى بالرعاية ولكن المسئولين في بلادنا لايعرفون لأهل البيت قيمة تماما كما انهم يقدرون دور المسجد وإلا فلماذا يحاول وزير الاوقاف محو دور المسجد من حياتنا ! وفي تعبير ساخر تقول النساء ( فلانة رقصت على السلم فلا اللي فوق شافوها ولا اللي تحت سمعوها ) والمثل يفضح حال راقصات الدرجة الثالثة اللواتي لا يعرفن كيف ومتى واين يرقصن ؟ اعتقد انهن بحاجة الى تدريب وتأهيل من قبل بعض الراقصين على سلالم السلطة أما ( ياما جاب الغراب لأمه ) ففيه تكمن سخرية الشعب المصري حين يفاجئه مسئول كبير بأنه وقع عقدا كبيرا جدا مع شركة صغيرة جدا في دولة كبيرة جدا لتدريب خمسمائة مواطن مصري كل خمس سنوات ، والغراب ليس المسئول بل من يفرد صفحة او صفحتين لتبيان هذا الانجاز العظيم ! ولدينا مثل رائع يقول ( سيب العيش لخبازه ولو يأكل نصفه ) والحقيقة أن الشعب المصري ترك كل العيش لخباز لايجيد الخبز فأكله كله و ترك لنا متعة النظر لا على الخبز بل على الخباز الذي لم يترك لنا ولو لقيمة ضغيرة ! و حين ينعم المواطن برحيل مسئول عن وظيفته وليس عن دنيانا يقول المصريون ( مع السلامة والقلب داعي لك ) ويرفقونه بمثل آخر هو( مع السلامة وما تقطعش الجوابات ) والحقيقة اننا لم نستخدم هذا المثل منذ زمن بعيد لأن المسئولين الذين نود غيابهم لم يسافروا ويبدوا أنهم قرروا الاستمرار وحرمونا من الدعاء لهم ، الله يسامحهم ! اما مثل ( ايش ياخد الريح من البلاط ) فهو المثل الذي يقوله كل وزير مالية او خزانة حين يستلم وزارته فإنه على الفور يعلن أن الخزينة فاضية ومنه لله الوزير السابق الذي استمتع بالمال وترك الخزينة خاوية على عروشها ، والغريب أنه ومع أول اشارة لخروج الوزير الجديد من الوزارة يعلن على الفور انه لم يستفد من موقعه مذكرا ايانا بالمثل الشهير ( اللي أخذته القرعة تأخذه ام شعر ) أما المثل الشهير ( اللي استحوا ماتوا ) فهو يعطيك فكرة عن مدى قلة الحياء التي يمارسها أهل السلطة ضد الشعب سواء في المظاهرات او في غارات ما بعد منتصف الليل ! ولو أمعنت النظر في المثل القائل ( عش رجبا ترى عجبا ) لو وجدت أننا معشر المصريين قد قمنا بتحريفه فالواقع يقول ( عش عجبا ترى رجبا ) ورجب المقصود هنا معروف للجميع وبالطبع رجب مثل شعبان مثل رمضان وكلها شهور ربنا ! وعلى نفس الوزن تقريبا تسمع لمثل يقول ( اللي يعيش ياما يشوف واللي يموت يشوف أكثر ) و هو يعني من وجهة نظري أن من يموت من المسئولين سيرى اشياء لم تكن تخطر في باله في يوم من الايام و لا أعني هنا العذاب او الحساب بل أعني أنه لو قدر له أن يسمع ما يقوله منافقوه فيه بعد وفاته لتمنى لو مات قبل أن يتعرف عليهم ! ونختم بمثل ربما يكون فيه اجابة على سؤال حول السلوك العدواني للسلطة بعد فترة من الهدوء النسبي واعتقد ان المثل ثقيل حتى بدون أن نعلق فيه قالب !!!! تحت السطور مظاهرات اعتقالات تعذيب سجون مقالات احمدك يا رب !