لقد حدد استفتاء مارس ترتيبات معينة تنتهى بتسليم السلطة للرئاسة المدنية المنتخبة .. وكانت العملية التصويتية فى غاية الشفافية والتى عبرت عن الإرادة الحقيقية للجماهير التى كانت محرومة من التعبير الحر لعقود طويلة فى ظل حكومات وأنظمة مستبدة وكان من المنطقى أن يُسلّم الجميع بتلك النتائج ولكن الأقلية ثارت لذلك وفتحت أبواق الإعلام ضد الأغلبية وبدأوا فى ممارسات لا تليق بأناس يتشدقون بالديمقراطية حيث أتت فى غير صالحهم لأنهم هذه المرة لم يستطيعوا تزييف الإرادة وتزوير الانتخابات . ولا يكاد يخفى على أحد أن حالة الاضطراب فى الأسابيع الماضية التى كانت تقوم بها الأقلية فى ميدان التحرير كان الهدف منها الضغط على المجلس العسكرى ورئاسة الوزراء لتحقيق مجموعة من المطالب منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع وهو ما يتعلق بالدستور أولاً والمبادئ فوق الدستورية ونقل السلطة إلى مجلس رئاسى مدنى ونحو ذلك من الأمور التى تخالف ما قررته الإرادة الشعبية فى الاستفتاء .. وكنت حزيناً وأنا أرى الأقلية تعبث يمقدرات هذا البلد وتفتح أبواب الخسائر اليومية بالمليارات وتعوق حركة الحياة فى المجتمع مما اضطر المسئولون فى الدولة إلى أخذ خطوات لمراضاة هؤلاء , بعضها ليس من حق أحد أن يتكلم فيه بعد أن قال الشعب كلمته , وفى نفس الوقت كنت أتمنى أن تتحرك الأغلبية لتعيد التوازن الذى غاب عن الساحة وتثبت أنها هى القوة الفاعلة فى الشارع السياسى . والحمد لله قد تم ذلك بشكل طيب اتسم بالحكمة والتعبير الحضارى الذى لم تحدث فيه مشكلة واحدة .. لقد كان أمل البعض ممن يكرهون لمصرنا الخير أن تقع مصادمات دامية تعود بالبلاد إلى حالة من الفوضى ولكن الله سلم . ولقد كان من المفترض أن ينتهى اليوم بسلام فى ظل جمعة توافقية تحقيقاً لإنجازات الثورة ومحافظة على ثمارها من الضياع إلا أن هناك من الأحزاب من سارع إلى الانسحاب من الميدان إعتراضاً على رفع بعض الحاضرين للافتات تعبر عن هويتهم مثلما رفع العلمانيون واللبيراليون لافتاتهم طوال الأسابيع الماضية بشكل مستفز .. صحيح أن انسحابهم لم يكن له أثر يذكر على الحضور لكن ذلك ألقى بظلال أوضحت لنا أنهم يريدون انقسام الصف ويسعون إلى إبراز خلافات حول صدقية الكلمة عند التيار الإسلامى وهذا خطأ جسيم ورفض لوجود الآخر بالرغم من أن هذا الآخر يمثل الأغلبية الساحقة . إننى لست مع تخوين أحد أو رمى إنسان مصرى فى وطنيته أو طعن شخص فى نواياه ولكنى أتعامل بظاهر الأقوال والأفعال فما جرى من إنسحاب هؤلاء ليس فى صالحهم ولا صالح الثورة . ولكننا فى النهاية نستطيع أن نقول أن ما جرى فى يوم 29 يوليو كان ضرورياً لإعادة الأمور إلى نصابها واستعادة التوازن فى ميدان التحرير . فعلى المجلس العسكرى والحكومة الإلتزام بنتائج إستفتاء مارس المسارعة إلى أخذ الخطوات الاستباقية لتحقيق مطالب الثورة العادلة دون إنتظار لأى ضغوط جماهيرية والسعى بجد لاستعادة الثقة بين أفراد الشعب . فكل ذلك من الواجبات التى ينبغى التصدى لها بالطاقة الكاملة .