ماذا لو بعد أن قضت المحكمة ببراءة مبارك؟!.. هذا ما يشغل شغل قوى ثورة يناير، التي ترى أنها مستهدفة من كل أجهزة ومؤسسات الدولة؟! لم يعد أمام تلك القوى، إلا أن تدفع بالرئيس عبد الفتاح السيسي إلى "خانة اليك".. فبراءة مبارك، تمس مباشرة شرعية السيسي..
لأنها قد تفسر بأنه "الرئيس الشرعي".. لأن الحكم والحال كذلك يتجاوز شخص الرئيس المخلوع، وليبرئ أيضا ساحة نظامه من الفساد والتزوير والتعذيب وقتل وإصابة الآلاف من المحتجين السلميين في الشوارع والميادين. حكم البراءة سيكون شهادة "إدانة" للثورة.. وينزلها منزلة "الجريمة" التي ارتكبت بحق "الرئيس الشرعي".. والمسألة هنا في تفسيرها وتفاصيلها لن تكون محصورة على الثوار المدنيين، وإنما سيمتد ليدين كل الإجراءات التي اتخذها الجيش لصالح الثورة.. ففي حال براءة مبارك، فإن ثمة سؤال سيطرح بشأن "شرعية" انحياز المؤسسة العسكرية لثورة يناير.. وضغوطها على مبارك للتنحي حقنا لدماء المصريين. هذا الكلام ليس استنتاجًا، فالجيش ما انفك يؤكد أنه انحاز في 25 يناير إلى الشعب، فهل انحاز إلى "باطل الثورة" ضد "الحق نظام مبارك"؟!. والوضع من التعقيد على نحو قد يخلّف أزمة شرعية غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث: ففي حين لا تزال شرعية الرئيس السيسي محل جدل، بسبب الإجراءات التي اتخذت يوم 3 يوليو، ما يجعلها "شرعية قلقة" وفي وضع "الدفاع" عن نفسها في الداخل "أمام الإخوان".. وفي الخارج "أمام الأممالمتحدة".. فإن هذه العقدة ستزداد سوءًا حال خرج مبارك من المحكمة كيوم تولى الحكم فور اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات رحمه الله، فهو لن يخرج من المحكمة بشهادة البراءة.. وإنما بما هو أخطر على استقرار مؤسسة الحكم .. إذ سيرفق معها "شهادة شرعيته" بوصفه الرئيس الشرعي للبلاد.. ومن حق مبارك والحال كذلك محاكمة كل من شارك في ثورة يناير، وأن يأمر بإعدام كل جنرالات المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد تنحيه في 11 فبراير 2011.. بوصفهم "خونة".. لتخليهم عن "الشرعية" التي عادت إليه ممهورة بأحكام قضائية.. وهي كما يتردد "عنوان الحقيقة".. خروج مبارك "البريء" بحكم القضاء.. سيضع البلد أمام شرعيتين: شرعية السيسي.. وشرعية مبارك.. والأول له أنصاره وحواضن أمنية وعسكرية داعمة له.. والثاني لا يزال يتمتع بنفوذ واسع داخل كل تجليات الدولة العميقة، بما فيها قوى مالية واقتصادية كبيرة، قادرة على "إيذاء" السيسي متى دخلت معه في صدام "صفري" على الشرعية.
وأيا ما كان الأمر.. فإن ثورة يناير، "ستكون هي التي في بؤرة الاستهداف والتصفية.. وستزداد محنتها التي بدأت منذ اليوم التالي من انتفاضة 30 يونيو. · مقال كتبته يوم 1/4/2014 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.