التحريض على «الجبهة السلفية» ووصم حملة المصحف بالكفار ورفع راية التحدي للإخوان أبرز ملامحها مؤتمرات الحزب تعكس مسعى لخطب ود السلطة وتقديم أوراق الاعتماد الظهور كبديل للإخوان وقطع الطريق على مساعي حله إسلاميون: الحزب يسعى لغسل يديه من انتفاضة الجبهة.. وليبراليون: مساعيه مصيرها الفشل والحظر بانتظاره
أثارت الحرب التي شنها حزب "النور" السلفي على "انتفاضة الشباب المسلم" التي دعت إليها "الجبهة السلفية"، وانتهت فعالياتها خلال الساعات الماضية، من خلال عقده 14 مؤتمرًا و900مسيرة ولافتات وبوسترات، ردود فعل متباينة بين القوى السياسية بما فيها التيار الإسلامي. فيما أجمع محللون على أن ذلك يأتي في إطار سعي الحزب السلفي لخطب ود الدولة وتأكيد تمايزه عن مجمل القوى الإسلامية وعلى استمرار دعمه ل "خارطة الطريق"، وتجنب أي ردود فعل غاضبة من السلطة قد يكون من بينها الاستمرار في الدعاوي القضائية المطالبة بحل الحزب. زاد على ذلك تأكيد نادر بكار مساعد رئيس الحزب لشئون الإعلام، أن الحزب أبلغ وزارة الأوقاف عن عدد من الأئمة "الرابعاوية" وعن المساجد يقومون بالخطابة فيها لاستبدالهم بآخرين معادين لجماعة الإخوان وهو ما رفضته وزارة الأوقاف بالقول إنها لا توجد بينها وبين حزب النور اتصالات مباشرة منذ مدة ليست بالقصيرة وكأنهم إعلان من الوزارة برفض أسلوب حزب النور في عرض خدماته الأمنية على الدولة، فضلاً عن تحذير الدولة من هروب الداعين للانتفاضة من البلاد والمطالبة بالقبض عليهم، بل أن الأمر تصاعد باختيار النور لعدد من المحافظات المعروفة بأنها معاقل للتيار الإسلامي ليعقد فيها سلسلة مؤتمراته "مصر بلا عنف"، خصوصًا الغربيةوالدقهلية والمنوفية والبحيرة وكفر والشيخ وبني سويف كأنه يريد توصيل رسالة للدولة والقوى المدنية بأنه قادر على القيام بنفس الدور التي تقوم به جماعة الإخوان ولكن بشكل يتمايز عنها من جهة موالاته للدولة ونبذه للعنف وهي مواقف قسمت الرأي العام وأثارت جدلاً بين مؤيد ومعارض وبين من أراد تقييم الأمر بصورة موضوعية. وعزا الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية، الحمى التي انتابت حزب النور ضد هذه الانتفاضة إلى الالتباس بين الدعوة السلفية والجبهة السلفية بين النخبة المدنية وتحذير بعض الرموز الليبرالية من أن الحزب كشف عن حقيقته بدعوته لثورة إسلامية هي من دفعت الحزب للقيام بهذه الفعاليات المكثفة ضد الانتفاضة. وتابع: النور يدرك كذلك أن مثل هذه التظاهرات لن تحقق شيئًا ولن تزيد الأمر إلا مأساوية بزيادة عدد القتلى والمعتقلين واحتمالات أن تطال هذه الاعتقالات أعضاءه فسعى للنأي بنفسه عن هذه المهاترات وتوجيه رسالته للسلطة بالحرص على الدولة ومؤسساتها. وأشار إلى أن الحزب اختار الخيار الأفضل هو أمر ينسجم مع خياراته من الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو باعتبار أن الصدام مع الدولة لن يضيف جديدًا للدعوة الإسلامية بل سيكبدها خسائر فادحة. فيما اعتبر الدكتور أنور عكاشة، منظر جماعة الجهاد، أن مواقف حزب النور في مواجهة انتفاضة الجبهة هي محاولة للنأي بالحزب وبالتيار السلفي الموالي له عن علاقته بهذه الانتفاضة وبل إظهار موقفه الرافض للعنف لعل ذلك يوقف حملات التشويه والتشكيك التي تشنها القوى العلمانية ضد الحزب. وشدد على أن النور يدرك أن وقوف الجبهة السلفية وراء هذه الدعوة قد يضره بشدة، وبالتالي فلا بد من وقفة حاسمة وإبلاغ رسالة للدولة بأنه فعل كل ما يملكه من أجل تجييش الرأي العام ضد هذه الانتفاضة وإظهار الفوارق بين الحزب وباقي مكونات التيار الإسلامي. ونبه إلى أن الحزب يريد توظيف هذه الانتفاضة لاستعادة أرضيته في الشارع والتأكيد لخصومه أنه مازال قويًا وقادرًا على لعب دور مهم في انتخابات مجلس النواب وكذلك الإشارة إلى أن حملات التشويه ضده والرغبة في إضعافه من جانب الإخوان لن تحقق أي نجاح، فضلاً عن أن سعي لإظهار نفسه كما يرفع رأيه التحدي في وجه الإخوان ويقدم نفسه كبديل لها. اتفق عمرو عمارة، منسق تحالف إخوان منشق مع الرأي السابق بالقول: حزب النور يدرك أن جماعة الإخوان تسعى منذ وقت طويل لتشويه صورة الحزب وقطع الطريق على محاولاته لاستعادة أرضيته في الساحة السياسية لذا فهي تقف خلف دعوة الجبهة السلفية من أجل تحقيق هذا الهدف لذا وجدنا انتفاضة الدعوة السلفية والنور. وتابع: الحزب اختار مقر مؤتمراته بعناية في محافظات تعد معاقل لجماعة الإخوان والتيار الإسلامي لتوصيل رسالة للجماعة بأنه قادر على إحباط أي تحركات لها، كونه اختار محافظة الدقهلية التي تعد مقر الجبهة السلفية، فضلا عن أن الحزب نجح من خلال الشو الإعلامي في توظيف هذه الفعاليات لاستعادة أرضيته في الساحة استعدادًا لانتخابات مجلس النواب. واعتبر أن الحزب لم يعد يراهن على أي صلة مع التيار الإسلامي من كفة فصائله لذا لم يتورع الحزب عن تقديم بلاغات وإصدار بيانات تحرض الدولة على رموز الجبهة السلفية رغم أن هذا الأمر قد يضره بشدة في أوساط الإسلاميين ويظهر كحزب برجماتي لا تهمه إلا مصالحه. في السياق ذاته، أكد الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن حزب النور سعي من وراء هذه التحركات التي عقدها لمواجهة انتفاضة الشباب لإظهار نفسه كوجه من وجوه الإسلام المعتدل وكبديل لجماعة الإخوان وعن رفضه للعنف والإرهاب وبل يكاد يكون قد رفع الراية البيضاء للقوى المدنية للقبول به. وأشار إلى أن محاولات النور للقيام بهذا الدور لن يكتب لها النجاح في ظل لفظ الشعب لقوى الإسلام السياسي بشكل عام وتمسكها بدولة مدنية لا تلعب فيها الأحزاب الدينية أي دور ومن ثم على "النور" أن يدرك أن صفحته وصفحة جماعة الإخوان وحلفاءها فد طويت للأبد. ونبه إلى أن محاولات التمايز عن قوى الإسلام السياسي لن تنطلي على شعبنا، وبالتالي، فالنور يجب أن يبحث عن خيار وحيد يتمثل في حل الحزب والانضمام إلى حزب مدني حقا إذا رغبوا في لعب دور سياسي. من جهته، أكد الدكتور شعبان عبدالعليم، الأمين العام المساعد لحزب النور، أن ما يطلق عليها الجبهة السلفية تسعى بقوة لتشويه التيار السلفي بشكل عام وإظهاره في صورة المعادي للدولة المصرية وهو ما دفع حزب النور للرد على هذا المسعى المشبوه عبر مؤتمرات لا للعنف. ورجح أن يكون الهدف الحقيقي للجبهة السلفية ومن وراءها إدخال حزب النور والدعوة السلفية في صدام مع الدولة أو التأثير على حظوظها خلال انتخابات مجلس النواب في إطار مسعى للنيل من دور الحزب في الحياة السياسية. وأكد أن انتفاضة الشباب تزيد على أي تظاهرة تنطلق في أي من أيام الجمعة، واصفًا الدعوة لها بالمتهورة والفجة التي لن تحقق أي هدف للداعين لها بل ستزيد غضب الشعب وحنقه عليهم، نافيًا سعي النور لاستغلال هذه الحملة لتعزيز حظوظه الانتخابية بالقول: "مصلحة مصر واستقرار الدولة الهدف الوحيد لهذه الحملة" وهي من وقفت وراء إطلاقها.