قال الدكتور محمد مختار جمعة, وزير الأوقاف, إن الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية تلقى جانبا كبيراً من الرعاية والدراسات الاجتماعية والنفسية والإعلامية ، من القوى الدولية المستفيدة من توظيفها لخدمة مصالحها ، أو ضرب أمن واستقرار الدول التي تريد أن تسيطر على مقدراتها ، أو أن تخضعها لجبروتها. أشار جمعة في بيان له أن من عوامل اصطياد الجماعات الإرهابية لضحاياها : التركيز على المهمشين اجتماعيًا والمحطمين نفسيًا ، فيأتون إلى شاب ينظر زملاؤه إليه نظرة انتقاص واحتقار ، لوضاعة في نسبه ، أو طعن في أسرته ، أو تاريخ أسود لها ، فيجعلوا منه مسئولاً أو منسقًا أو زعيمًا أو أميرًا أو قائدًا لمجموعة مسلحة ، فيحدثون لديه امتلاًء نفسيًا وسدًا لعقدة النقص التي لديه ، وقد يكون هذا الاصطياد إثر تعرضه أو تعرض أحد والديه أو أقاربه لمعرّة أو مذّلَة أو مهانة . وأكد جمعه أن أفضل وسيلة لتجنب هذا وأن نجنب شبابنا إياه لو أننا طبقنا منهج الإسلام باحترام إنسانية الإنسان وآدميته، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” ، ويقول سبحانه ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ” ، ويقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) ” إن الله عزّ وجلّ لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ” (متفق عليه) ، ويقول (عليه الصلاة والسلام ) في خطبته الجامعة في حجة الوداع : ” أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب ، لا فضل لأعجمي على عربي إلا بالتقوى” ( مسلم ) ، وكان سيدنا عمر بن الخطاب يقول : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا ، يعني بلالا ( رضي الله عنه) ، وكان يقول : والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال وجئنا بدون عمل لهم أولى بمحمد (صلى الله عليه وسلم ) منا يوم القيامة .
وأضاف جمعة أن هناك فئة أخرى يسهل اصطيادها من قِبَل الإرهابيين هي فئة المحرومين والمهمشين وخاصة الجهلة والفاشلين وغير المتعلمين منهم ، يَنفْذون إليهم في لحظات حرمانهم أو يأسهم أو إحباطهم ، ونتيجة للتحويلات الضخمة التي تتلقاها المنظمات الإرهابية فإنها تغدق على هؤلاء بما يشبع حرمانهم ، ويجعلهم يلهثون خلف هؤلاء المخادعين الذي ينفذون إليهم من باب أنهم رسل العدالة وحملة الدين الذين يسعون إلى إحقاق الحق والعدل وتطبيق شرع الله الذي يكفل لهؤلاء المطحونين حقوقهم ، في كلمات حق يريدون بها باطل ، فقد قال نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” سيخرج عليكم في آخر الزمان أناس حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية ، يقرأون القرآن لايجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ” (صحيح البخارى ).
وأشار جمعة إلي ان افضل وسيلة لسد هذا الباب يكون بأمرين ، أحدهما : إعطاء أولوية قصوى في التنمية للمناطق الشعبية والعشوائية والطبقات الكادحة والمهمشة والمحرومة والقرى والنجوع والكفور والعزب والأحياء الأكثر فقرًا والأشد احتياجا ، والآخر : هو استنهاض همم الجمعيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وأهل الفضل من أبناء المجتمع للوفاء بحق هؤلاء من زكاتهم و صدقاتهم ، مؤكدين أن كفاية هؤلاء المحتاجين بإطعام كل جائع منهم ، وكساء كل عار ، ومداواة كل مريض ، وتفريج كروبهم ، من فروض الكفايات التي يجب أن نتضامن ونتعاون جميعا في قضائها ، مرضاة لله (عزّ وجلّ) أولاً ، وحفظًا على أمننا القومي والوطني ثانيا ، مؤكدين أيضا أن ما عندنا ينفذ وما عند الله باق ، يقول الحق سبحانه وتعالى: “هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” ، ويقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” ما من يوم إلا وينادي ملكان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقًا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا” . واسترد جمعة قائلا "أن المنظمات الإرهابية بما تملك من تمويل هائل فإنها توفر لأعضائها وخاصة القياديين منهم إما أموالاً طائلة وإما مشروعات يديرونها ، ويوظفونها لأنفسهم ولدعم الإرهابيين وأسرهم ، بحيث يجرد من يخرج على جماعته من كل المكاسب المادية التي توفرها هذه الجماعات لأعضائها والمنتسبين إليها" وأكد جمعة أنه يجب تتبع هذا المال الأسود القذر الخبيث ومصادرته ، وسن القوانين التي تحول دون وصوله إلى أيدي الإرهابيين أو استخدامه في تمويل العمليات الإرهابية ، مع ضرورة مراقبة حركة التحويلات المالية من الخارج مراقبة دقيقة ، وسرعة حصر أموال هذه الجماعات والمنظمات الإرهابية ، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها قانونًا ، بما يحول دون توظيفها للهدم والتخريب ، والاعتداء على الجيش والشرطة ، وتهديد أمننا القومي وسلامنا الاجتماعي ، على ألا يقف دورنا عند مواجهة الظواهر السلبية ، إنما علينا أن نتحول إلى عمل إيجابي بنَّاء ، مؤكدين أن أهل الباطل لا يعملون إلاَّ في غياب أهل الحق ، فإذا فرطَّ أصحاب الحق في حقهم تمسك أصحابَ الباطلِ بباطلهم