في رحلة الإنسان للبحث عن ذاته يشغله دائما أحد أمرين, إما أن ينشغل باكتشاف الحياة و السعي في شعابها وتحقيق ذاته من خلال ذلك, و إما أن ينشغل بنفسه وكيف يحقق لها أفضل الأوضاع و أعلي المكاسب بشكل مباشرو مركز. و بالرغم من أن الانشغال بالذات يهدف إلي تحقيق السعادة و النجاح للإنسان بأقصى درجة ممكنة إلا أنه يؤتى نتائج عكسية على كافة المستويات لأنه يضيق من عالمك و يجعلك سجين ذاتك و يحد من رؤيتك للحياة كما أنه يقلل من فرص العلاقات الإنسانية العميقة مع غيرك فتلك العلاقات تكون ناجحة إذا كان هناك هدف مشترك أما إذا كان هدفك الوحيد هو نفسك فلن تجد من يشاركك فيه. ويعتبر علماء النفس التمركز حول الذات في مقابل الانفتاح الموضوعي علي الحياة هو مقياس الصحة النفسية و بذرة النجاح علي المستوى الشخصي و العام, لأن التمركز حول الذات يعزلك عن تيار الحياة ويجعلك دائم النظر في بئرك الداخلي و يقطع روابطك الخارجية و يهمش اهتماماتك في حين أن امتداد الإنسان خارج ذاته يثريه ويمنحه التجدد والتفاؤل والثقة بالنفس ويقوى فيه القدرة على التعاطف مع الآخرين والاندماج معهم في علاقات حقيقية مثمرة ويحث الدين الإسلامي على تخلص الإنسان من الأثرة والأنانية وذلك بأن يجعل هدفه من عمله إرضاء الله سبحانه وتعالى وليس فقط إرضاء نفسه فالإنسان دائما يكون عمله ثلاثي الأبعاد في علاقة بين نفسه والعمل الذي يقوم به والهدف النهائي منه فإذا كان هدفه النهائي هو إرضاء نفسه فقط حتى لو تعارض مع مصلحة الآخرين أو المجتمع أو مع القيم والمبادئ والأحكام الدينية التي يؤمن بها فهذا هو المعنى المرفوض على كل المستويات من الناحية الدينية فهذا إتباع للهوى وعبادة للذات ويتنافى مع حقيقة الأيمان بالله و الالتزام بتعاليمه من الناحية الاجتماعية فهذا هو مفهوم الأنانية الصرفة التي تنفر الآخرين وتجعلهم ينصرفون عن صاحبها الذي يستخدمهم كمجرد أدوات لتحقيق أغراضه الخاصة وإلا فإنه يعلن غضبه عداءه لهم ومن الناحية النفسية فهنا هو مؤشر الخطر لأنه سوف ينزلق إلى بئره الداخلي وتدريجيا يمكن أن يفرق فيه تماما وينفصل عن واقعه الخارجي. لا تنشغل بنفسك انساها وانظر حولك ووجه طاقتك للخارج في اتجاه موضوعات الحياة وأشخاصها المتعددة اتقن عملك مارس هوايتك اهتم بعائلتك امنح الآخرين من فيض عطاءك كل ذلك بمثابة دائرة تغذية مرتدة ستعود إليك بكل الخير والسعادة والنجاح. عش حياتك بشغف وباهتمام حقيقي, دعها تستغرقك تماما, لا تتوقف لتسأل ماذا سيكون نصيبي؟ أو ماهوالعائد الذي سوف أحصل عليه؟ فسوف تأخذ نصيبك بالفعل بشكل ممتع و رائع حينما تفعل ما تؤمن به وتحب ما تعمل وتخلص لمن تحب وتعطى عطاء من لا يخشى الزمن سوف تجعل حياتك خصبة ثرية وستكون أنت أول الرابحين لا تعش مع نفسك فقط فتلك هي قمة الوحدة والشقاء والفقر مهما أحطت نفسك بمظاهر الثراء والوفرة والنعيم افتح خطوط جبهتك الداخلية لتحقق أعلى درجات التواصل مع الناس افتح عينيك على جمال الحياة ومباهجها افتح قلبك لكل المعاني السامية والقيم النبيلة استمتع بأبسط الأشياء المتاحة لك الهواء المنعش في الصباح الباكر مشهد الغروب شاي العصارى، الاطمئنان على من يسعده سؤالك عنه أداء عملك اليومي بكفاءة والقائمة طويلة تختلف باختلاف تفضيلاتك وميولك المهم أن تنتبه للجانب الممتع والمرضى في الحياة ولا تعش كأنك تؤدى واجبا ثقيلا مملا لأنك دائما كنت تتوقع الأفضل في رحلة البحث عن الذات انساها تجدها.