الأستاذ الفاضل : جمال سلطان ...... تحية طيبة وبعد أرجو أن تنال هذه المشكلة إهتمام سيادتكم فمازالت منظومة الفساد والرشاوي وإنعدام الضمير مستمرة حتى الآن فقد كان الفلاحين وعلى مدار ثلاثين سنة من الفساد يردمون أجزاء كبيرة من بحيرة المنزلة بمحافظة دمياط ، وقضوا بجهلهم وبطمعهم وفي غياب تام لدولة القانون على أجزاء كبيرة من الثروة السمكية وبدلا من أن يأكل الشعب المصري أسماكا من بحيرة المنزلة أصبحنا نأكل أسماك المزارع الموبوئة ولم يكتفوا بذلك بل شرعوا في تقسيم الأراضي الزراعية إلى قطع صغيرة لا تتجازوز المائة متر على شوارع صغيرة لا تتجاوز الستة أمتار وجرفوا الأراضي الزراعية الخصبة ليبنوا بيوت بدائية تفتقد أبسط الشروط البيئية ، ووضعوا صرف هذه البيوت على المصارف الزراعية المخصصة لري المتبقي من الأراضي الزراعية وشاهدت بعيني كيف تروى الأراضي الزراعية بمياة الصرف الصحي التي تزكم الأنوف ، شاهدت كيف يروى الأرز والبرسيم بمياه الصرف الصحي ، كل ذلك في غياب كامل من أجهزة الدولة ، فلم تقم محافظة دمياط ببناء عمارات وشقق سكنية في 800 فدان متوفرة و غير صالحة للزراعة ،لماذا يترك المحافظون في جميع محافظات الدلتا الأراضي غير الصالحة للزراعة خالية مقفره بدون ضخ استثمارات لتعميرها ويقفون عاجزين أمام تبوير الأراضي الخصبة والتي لا تقل أهمية عن قناة السويس و السد العالي ، و أصروا على أن تخسر مصر أمنها القومي وتتضور الأجيال القادمة جوعا وتستجدي الطعام من الدول الأخرى ، لم تقم وزارة الري بردم المصارف والترع فأصبحت بؤر موبوئة لتوطن الأمراض اللعينة ومقالب للقمامة في أحيان أخرى، لم تقم وزارة الزراعة بواجبها في منع التعدي على الرقعة الزراعية بل أصبح موظفوا الجمعيات الزراعية بالتعاون مع موظفي مديريات الزراعة يشكلون عصابات لتسهيل تبوير الأراضي الزراعية تحت مرأى ومسمع منهم مقابل الرشاوي والإكراميات، إنعدم الضمير وماتت القلوب ، كيف يعقل بشر أن تجرف التربة الطينية السوداء المليئة بالخير لتتحول إلى غابة خرسانية قبيحة المنظر من منازل أغلبها غير مأهول بالسكان في إشارة إلى عمى البصر والبصيرة من أصحابها ، من المسئول عن تلويث بحيرة المنزلة وردم أجزاء كبيرة منها ، من المسئول عن تلويث النبات بالمعادن الثقيلة والمبيدات ومياة الصرف الصحي لتتصدر مصر قائمة الدول في الإصابة بأمراض الكبد والكلى والسرطان ومرض التوحد الذي ينشأ من ترسب المعادن الثقيلة في قشرة المخ ، إذا كنا نعتقد أن المصريين بإنشائهم لمستشفى 57357 قد قضوا على المشكلة فأنا أدعوهم لزيارة محافظة دمياط بل وكل محافظات الجمهورية ومشاهدة الأراضي الزراعية التي تروى بمياة الصرف الصحي ، ليعرفوا ويتأكدوا من أن ما يعتقدونه مجرد أوهام، فنحن لم نقضي على المسبب ، بل وكالعادة دائما عالجنا الأعراض وتركنا المشكلة بل الكارثة تضرب بجذورها في أعماق الدولة المصرية البائسة، أعتقد أن المبالغ التي تم جمعها لإنشاء مستشفى لعلاج السرطان لدى الأطفال مطلوب أضعافها لمنع المسبب وهو تبوير الأرض الزراعية ، أرجو من جريدتكم الموقرة فتح ملف تبوير الأراضي الزراعية وما يعكسه هذ الملف من خطورة بالغة على الثروة السمكية والأمن الغذائي والأمن القومي ، هذه المشاكل زادت بشكل خطير مع الإنفلات الأمني ، فأصبح التعدي على الأراضي الزراعية يتم في وضح النهار وسيزيد ذلك التعدي في مرحلة الإنتخابات التشريعية و الرئاسية ، لأنه وعلى مدار الثلاثين عام الماضية كان النظام البائد يقدم رشوة للفلاحين عبارة عن غض الطرف على تبوير آلاف الأفدنة قبل الإنتخابات بنوعيها ، و مع الإنفلات الأمني وتعقد المشاكل والأحداث في الفترة الأخيرة فأنا ومن خلال جريدتكم المحترمة أدق ناقوس الخطر حيث أن مصر مقبلة على كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، كارثة بيئية وغذائية وصحية وقومية ، أين وزير الزراعة ، أين وزير الري ماذا يفعلون في مكاتبهم ، إلى أين تذهب مصر .... الله وحده يعلم