تباينت الأسباب التي برر بها الحقوقيون، زيادة عدد التوصيات المقدمة إلى مصر خلال جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في مصر بمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف يوم 5 نوفمبر الجاري، إذ أرجعها حقوقيون إلى تردي الحالة الحقوقية بالبلاد، والاهتمام الدولي بالوضع في مصر، فضلاً عن اكتساب الدول المختلفة لخبرة في التعامل مع الآلية الجديدة للمراجعة الدورية لحقوق الإنسان. وقدمت الدول التي شاركت في الجلسة 314 توصية، وذلك بزيادة 149 توصية عن الجلسة السابقة في عام 2010، وهو ما أرجعه عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى الاهتمام الدولي بحالة حقوق الإنسان في مصر، والتي تجسدت في مشاركة 120 دولة في الجلسة المخصصة لمصر. وقال شكر لمراسل وكالة "الأناضول": "لا أدري لماذا هذا الزخم الذي حظيت به الجلسة، فهذا إجراء روتيني لا يترتب عليه شيء، وحوالي 60 من بين ال 314توصية التي استقبلتها مصر، يحتويها تقرير مجلس حقوق الإنسان المصري". وحول الآلية التي تستخدم في جلسات المراجعة لحالة حقوق الإنسان، أوضح شكر أن "مصر قدمت تقريرها في 5نوفمبر الجاري، ثم تستمع للتوصيات التي تقدمها الدول، وترد عليها إما بالقبول أو الرفض أو التحفظ، وعادة ما يكون التحفظ على التوصيات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، والرفض عادة ما يكون ردًا على التوصيات التي تبنى على معلومات خاطئة". وضرب شكر المثال بالتوصيات التي تطالب بعدم الإفراط في إحكام الإعدام، وقال إنها تتجاهل أن حكم الإعدام بمصر يمر بمرحلتين بعد حكم أول درجة وهي مرحلتي الاستئناف والنقض، ومن ثم فإن الأحكام التي صدرت بالإعدام (مؤخرا) وكأنها لم تصدر. وتابع شكر: "بعد الرد على التوصيات يعقد مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان جلسة في مارس يعلن ما وافقت عليه مصر وما اعترضت عليه وما تحفظت عليه، وهو إجراء روتيني لا يترتب عليه أي شيء". رؤية مختلفة لزيادة التوصيات في عام 2014 عن عام 2010 يقدمها محمد راضي المدير التنفيذي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان وهو اكتساب الدول المختلفة لخبرة التعامل مع الآلية الجديدة للمراجعة الدورية لحقوق الإنسان. وقال راضي: "آلية المراجعة التي يعتمدها المجلس - حاليا - كانت بدايتها في عام 2010، ولحداثتها لم تستقبل مصر الكثير من التوصيات، ولكن بعد أن اكتسبت الدول المختلفة خبرة التعامل معها زاد عدد التوصيات". ورفض راضي تفسير زيادة عدد التوصيات بتراجع حالة حقوق الإنسان في مصر، مضيفا: "خير دليل على ما أقوله، أن البحرين استقبلت 25توصية فقط في عام 2010، وزادت إلى 250 في عام 2014". أما جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، فقد رأى في زيادة عدد التوصيات مؤشرا على تراجع حالة حقوق الإنسان. وقال إسحاق في تصريحات صحفية اليوم إن "ارتفاع عدد التوصيات من 165عام 2010 إلى 314عام 2014، إنما يشير إلى تراجع في حالة حقوق الإنسان بمصر بعد ثورتين ( ثورة 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 )". وطالب إسحاق الحكومة بأن تنظر بموضوعية إلى التوصيات التي استقبلتها، لاسيما أن 21 منها مقرة بالفعل في الدستور المصري. إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية، قال اليوم في مؤتمر صحفي، بمقر مجلس الوزراء، بالقاهرة، إن الوفد المصري "نجح في أن يثبت للعالم كله موقف مصر الإيجابي فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ويوضح حقيقة الظروف التي تمر بها مصر في الفترة الراهنة". وأشار إلى أن الوفد المصري، كان لديه تصورات حول الدول التي ستؤيد الموقف المصري، والتي ستعارضه، والتي ستقف على الحياد منه. واعتبر الوزير أن الوفد المصري "بذل مجهودًا كبيرًا شارك فيه العديد من الجهات والأفراد بمصر، لدفع الدول التي على الحياد لأن تؤيد الموقف المصري". وأضاف "استطعنا الوصول إلى بر الأمان، وأظهرنا للعالم كله حقيقة موقف مصر في العديد من القضايا". وكانت جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في مصر قد شهدت ما تجاذبا حادا حيث نشرت وسائل إعلام مؤيدة للنظام تقارير تؤكد فوز وفد الحكومة في "معركة جنيف"، وذلك ردا على تظاهرات ومؤتمرات صحفية نظمت في جنيف للتنديد بما وصلت إليه الحالة الحقوقية في مصر، قبل ساعات من تقديم الوفد المصري لتقريره خلال الجلسة.