دستور 2014، يعطي للرئيس حال غياب البرلمان سلطة إصدار قرارات بقوة القوانين، ولكن بشرط "الضرورة الملحة" والتي لا تحتمل التأجيل.. والمشرع الدستوري وضع قيودًا على الرئيس، حتى لا يسيء استخدام هذا الحق، وتحويله إلى ممارسة تشريعية مطلقة. ومنذ أيام، أعلن أن الرئيس بصدد إصدار قرار بقانون يجيز له أي للرئيس تسليم الأجانب الذين يتم إلقاء القبض عليهم في مصر إلى بلادهم في أي مرحلة من مراحل التقاضي حال طلب حكوماتهم ذلك. ووفقًا للدستور، فإن القانون الذي أقره مجلس الدولة مؤخرًا لا يمكن بحال أن يكون من القوانين التي تستوفي شرط الاستعجال والإلحاح وعدم التأجيل.. فهو يتعلق بترحيل الأجانب، ولا ندري ما هو وجه العجلة و"الاضطرار" الذي حمل السلطة على تمريره في هذا الوقت بالذات؟! والقانون.. يعتبر أخطر القوانين التي يصدرها الرئيس، في غيبة مجلس الشعب، ومع ذلك فإن رقابة النخبة والمجتمع الحقوقي والقوى الوطنية، قد أصابها فيما يبدو حظ من الغيبوبة، وكان من المتوقع أن قانونًا يعرض السيادة الوطنية المصرية، ل"البيع" لكل دولة أجنبية.. ناهيك عما يترتب عليه من تعدٍ وإهانة للقضاء، من قبل السلطة التنفيذية التي يمثلها رئيس الجمهورية.. كان من المفترض، أن يثير أزمة وصدامًا سياسيًا مع مؤسسة الرئاسة، أو على الأقل يثير جدلاً يؤسس لرأي عام يتصدى لتوحش السلطة وتغولها بهذا الشكل الذي بات ماسًا بشكل مباشر بالأمن القومي المصري. القانون يجعل من الرئيس سلطة قاهرة على سلطة القضاء المصري.. يأمر الأخير فيطاع ولا يرد له أمر.. ولنتأمل ما ورد على لسان رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار حامد الجمل.. يقول: "لا يجوز لأحد، طبقًا للمبادئ الدستورية العامة ودستور 2014، أن يتدخل في شؤون العدالة، وتتولاها المحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها". وتابع الجمل في تصريح ل"بي بي سي": "هناك نص خاص يقرر أنه يجوز لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة، أما ما ورد عن المشروع الخاص بوقف التحقيقات مع أجانب وتسليمهم إلى بلادهم فيشترط فيه بالضرورة ألا يكون هذا الأمر بقرار من الرئيس المصري إلا بناء على أنه أجريت التحقيقات وجرت الإحالة إلى القضاء وصدور حكم نهائي بات في القضية، أو إعداد قانون شامل ليزيل أثر الاتهام والعقوبة معًا". وتابع قائلاً: "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتدخل في مرحلة التحقيق بواسطة النيابة العامة ويفرض وقف التحقيق وتسليم المتهمين إلى الدول الأجنبية التي ينتمون إليها." الباحث يسري العزباوي، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول إن هذا القانون "سيفتح الباب للتدخل في السيادة المصرية، ومطالبة بعض الدول الأجنبية بالإفراج عن مواطنيها الذين قاموا بأعمال إجرامية أو جنائية داخل مصر.. كما أن هناك مزدوجي الجنسية ممن سيقومون بالتنازل عن الجنسية المصرية للإفراج عنهم في المرحلة القادمة." انتهى ويبقى أن نشير هنا، إلى أن العجلة في إصدار مثل هذا القانون رغم انتفاء شرط الضرورة وبكل نزعته العدوانية تجاه القضاء من جهة.. وعرض السيادة الوطنية المصرية للاستباحة من جهة أخرى.. من شأنه أن يثير الشكوك في نوايا السلطة إذا أسيء الظن بها.. أو يعكس ضحالة مستوى النضج والوعي السياسي لدى الطبقة التي ورثت عرش الإخوان بعد 3 يوليو 2013.. وذلك حال أحسنا الظن بها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.