صباح أو مساء يوم جديد من أيام الله. فالحياة لابد أن تستمر رغم الأحزان، والآلام. الوطن ليس معادلة مرسي، أو السيسي. الوطن هو أنت وأنا، وهو وهي، ونحن جميعا، مؤيد ومعارض، متفق ومختلف، غني وفقير، عاطل وعامل ، حاكم ومحكوم. ورغم أي مرارات، أو مظالم، أو تعسف، أو استبداد، إنما ماتعيشه مصر بعد جريمة سيناء هى لحظة ألم تستدعي منا التكاتف من أجل الوطن. لو سيطرت جماعات العنف والسلاح والإرهاب، فأنت وأنا، وهو وهي، ونحن كلنا لن نجد وطنا نستظل به، وسيكون الوطن أوطانا ودولا وإمارات وولايات وكيانات وإقطاعيات، وسيكون هناك حاكم وأمير لكل زقاق وشارع وحي وقرية. نختلف مع السلطة ولا نرضى عن أدائها، بل من حق كل واحد منا أن يراها كما يشاء، لكن إذا دخل الوطن في آتون الفوضى المسلحة فإنه سيضيع، وكلنا سنضيع معه سلطة وشعبا، وسنكتشف أن خلافاتنا كانت ترفا. أمامنا العراق، وسوريا، والصومال، والسودان، وحديثا ليبيا، واليمن، ولبنان المنقسم، والأراضي المحتلة، ومصر الدولة والوزن والثقل والقيمة والدور والتاريخ والتي هي أكبر من عبد الناصر والسادات ومبارك وطنطاوي ومرسي والسيسي هي مركز التوازن في الإقليم، وهو باق رغم أزماته الطاحنة وتفتت بعض دوله بسبب بقاء مصر قائمة وواقفة على قدميها تتنفس، وقلبها ينبض، وتجري الدماء في عروقها، وإذا تعرضت لمكروه في تماسكها وتوحدها فقل وعلى هذه المنطقة العربية من الماء إلى الماء السلام. ندين كل أشكال وصور العنف والإرهاب من الأفراد أو الجماعات أو الدول. ونطالب بالعدل والحرية والديمقراطية وهي ثلاثي النجاة للأمم من الأزمات والصراعات والانقسامات والمهالك والإرهاب، بشرط أن تكون عدالة معصوبة العينين، ميزان الله على الارض، وأن تكون الحرية قيمة راسخة لا يتلاعب بها حاكم ولا يهدرها محكوم ،وتكون الديمقراطية نظام حكم وتداول كراسي بشكل آمن، وتنظيم التنافس السياسي على السلطة عبر الصناديق والأساس في ذلك هو الإيمان الحقيقي بالديمقراطية وبنتائجها، وليس الإيمان المزيف حتى بلوغ الحكم ثم التحصن فيه وعدم مغادرته وتعطيل الديمقراطية وقمع الحرية وانتهاك العدل. بماذا استفادت الحرية والديمقراطية والعدالة ودعاتها والمخلصين لها من رصاصات وقنابل وتفجيرات سيناء وما وقع قبلها، وما يقع خارج سيناء هنا وهناك في ربوع مصر؟. المستفيد الوحيد هو من لا يريدون تحكيم تلك القيم الإنسانية التي أخرجت الأمم المتحضرة غربا وشرقا من كهوف التخلف والجهل والاقتتال إلى قمم التقدم والتطور والعلم. كل رصاصة وكل قنبلة لا تقتل ضابطا أو جنديا فقط، بل تقتل الحلم - ولو كان تراجع - بأن نستعيد ولو ببطء الأمل في الدولة المدنية الحقيقية التي أرادت الثورة وموجاتها تأسيسها لكن الفاشيات والصراعات الضيقة مازالت حجر عثرة أمام تحقق الحلم . هؤلاء القتلة وهم إرهابيون لاشك في ذلك، وهم يعلنون عن أنفسهم ويتفاخرون بجرائمهم لاشك في ذلك، وهم موجودون في سيناء ومتغلغلون في غيرها لاشك في ذلك، وهم لن يتوقفوا عن دمويتهم طالما فيهم نفس لاشك في ذلك، هؤلاء هم من الأساس ليسوا منا، بمعنى أنهم ليس من الفريق المناضل من أجل المدنية والحرية والكرامة الإنسانية وبناء الدولة الحديثة لكل أبنائها، إنما هم مع الدولة الوحشية على طريقتهم، ومع التفسير الدموي للدين والتاريخ، ومع الإنسان المستعبد بالسمع والطاعة وتغييب العقل . وهؤلاء يعملون دوما في خدمة الاستبداد في كل زمان ومكان يتواجدون فيه ويمنحون سلطات النزوع إلى الفردية والشمولية مسوغات البقاء والاصطفاف الشعبي وراءها واستهلاك السنوات في مواجهات ومعارك تنهي قدرة الدولة على التنمية وتقمع حلم المواطن في الرفاهية. لذلك وكما نرفض أي تسلط أو توجه لاحتكار السلطة أو قمع للحريات أو التلاعب بالديمقراطية فإننا نرفض وندين تلك الفرق التي لاترى من الألوان غير لون الدم الأحمر ولا ترى من التاريخ غير الصفحات المعتمة فيه، ولا ترى من الدين سماحته واعتداله وتؤول لها دينا لا يعرف غير غلق العقول وقطع الرؤوس. ماذا حدث بعد إرهاب سيناء؟. السلطة تشددت أكثر، وعدلت قوانين لتغليظ عقوبات وفرضت طواريء واتخذت إجراءات أمنية ستكون قاسية عند التنفيذ ولا يجد أحد اليوم وجها للحديث عن تخفيف القبضة الأمنية وتفعيل العملية السياسية. إذن دعاة السلطوية يربحون ودعاة الديمقراطية يخسرون. ومن كان متمللا أو غاضبا من الشعب صار قلقا غير آمن وصار يعطي مزيدا من التفويض لمكافحة الإرهاب ولو على حساب حريته وراحته ولقمة عيشه. لم تستطع أي جماعة هزيمة دولة حتى لو كانت ضعيفة. قلت ذلك وأكرره اليوم. والدولة في مصر مهما ضعفت فإنه يستحيل هزيمتها من جماعة مسلحة. الإرهابيون بلا عقل، ولا رسالة، ولا فكر، ولا منهج، وهم من يأخذوننا إلى انغلاق، واحتكار سياسي جديد. الوطن في حداد حقيقي. اللهم احفظ مصر، واحقن دماء المصريين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.