في إطار جهوده البحثية المستمرة لمعالجة أسباب الفتنة الطائفية التي تتحرك بين الحين والآخر في مصر أصدر الدكتور حلمي القاعود أحدث كتبه "الأقليات السعيدة يوميات الصراع بين التسامح والتمرد" ليستعرض فيه وقائع التطرف في الجانب المسيحي في مصر ومعالمه وأخطاره ، ويقول المؤلف في مقدمة كتابه : عاش المسلمون مع غير المسلمين في المنطقة العربية الإسلامية أربعة عشر قرنا ، في تفاهم وانسجام ، ومشاركة في السرّاء والضراء باستثناء فترات قصيرة عارضة ، حاول فيها بعضهم أن يحقق بعض الطموحات الشيطانية التي يغذيها التعصب ، مع غواية الأعداء الخارجيين ، وضعف الأمة العربية الإسلامية ، وسقوطها تحت سطوة الغزاة أو الخصوم .. كانت الأمة تتعافي ، وتنهض مرة أخرى ، وتبني نفسها من جديد ، وتعود حركة المجتمع الإسلامي بمن فيه إلى طبيعتها الأولى ، ويتشارك المسلمون وغيرهم في العمل والبناء والإنتاج ؛ لدرجة أن وصفت الأقلية النصرانية في مصر بأنها أسعد الأقليات في العالم بما تحوز من امتيازات ، وبما تحظى به من مكانة على المستويات كافة . ولا ريب أن العقود الأخيرة شهدت تدهورا ملحوظا في أحوال الأمة ، ووصول القوات الاستعمارية إلى أكثر من مكان في قلب العالم الإسلامي وأطرافه ، وقد شجع هذا بعض الطوائف ، أو بالأدق أفرادا فيها لتقوم بتمرد على السلطات المحلية ، أو ابتزاز لها ، ورفع السلاح أحيانا ، مما أهرق كثيرا من الدماء البريئة في صراعات لا سبب لها إلا التعصب والغواية بتحريض الغرباء عن الأمة .. ولم يكن الأمر في مصر بمنأى عن هذه المحنة ، فقد ظهرت عقب هزيمة 1967م ، بوادر التمرد الطائفي الذي قاده بعض المنتسبين إلى جماعة الأمة القبطية الإرهابية ، وبدأ على شكل شكوى من الاضطهاد ، ثم تبلور في مطالب غريبة تتلخص في تغيير الدستور الذي ينص على إسلامية الدولة ، وضرورة بناء الكنائس بلا ضوابط ولا حدود ، والمطالبة برئاسة السلطة التنفيذية من قبل غير المسلمين ، وإلغاء الإسلام والتاريخ الإسلامي في التعليم والإعلام والثقافة ، وتدريس الهيروغليفية بوصفها اللغة الأصلية للمصريين ، وتاريخ النصارى على أساس أنهم أصل مصر .. وغير ذلك من مطالب غير منطقية وغير واقعية ، لدرجة التحكم في الأزهر الشريف وإرغامه على سحب بعض الكتب التي نشرها لتصحيح أمور العقيدة .. ومن نقطة إرغام الأزهر هذه ، كانت تلك اليوميات التي سجلتها أسبوعيا ، لتكشف للناس طبيعة الصراع الذي يقوده الطائفيون في مصر لتغيير هويتها الإسلامية ، وبين التسامح الذي يصنع السلوك الإسلامي ويحكم المنتمين إليه . لقد استطاع التمرد الطائفي أن يعزل الطائفة عن المجتمع ، وأن يجعل الكنيسة بدلا من الدولة في كل شيء يخص حياة الفرد النصراني ، وهذه محنة كبيرة على مستوى الأفراد ، ومستوى الوطن كله .. وهذه اليوميات كشف للحقائق بقدر المستطاع ؛ من خلال الأحداث التي يصنعها التمرد الطائفي ، ودعوة إلى شركاء الوطن العقلاء ؛ كي يتنبهوا إلى جريمة كبرى تراد بهم أولا وبالوطن ثانيا ، ثم يعودوا إلى الاستمتاع بالطبيعة المتسامحة التي يفرضها الإسلام ويتميز بها العرب ، والشعب المصري خصوصا . اسم الكتاب : الأقلية السعيدة- يوميات الصراع بين التمرد والتسامح اسم المؤلف : أ . د . حلمي محمد القاعود الناشر : مكتبة جزيرة الورد – القاهرة . تاريخ النشر : 2011م عدد الصفحات : 176 صفحة .