حالة من الرضا سيطرت على الإعلام المصري قوميًا كان أو خاصًا، بعد ساعات معدودة من تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي بمراعاة تناوله للملفات الخاصة بدولة السودان، وجاء ذلك في خضم اللقاء الذي جمع السيسي بنظيره السوداني عمر البشير منذ أيام. ودارت أغلب التصريحات التي خرجت على صفحات المواقع الإخبارية حول ضرورة أن نركز في الفترة الحالية على النقاط المشتركة مع السودان وتجنيب أزمة حلايب وشلاتين، بالرغم من أن الرئيس البشير بنفسه هو من أثار هذه الأزمة قبل زيارته للقاهرة، التي بدأت أمس الأول السبت، بأسبوع. جاءت حالة الاستجابة تلك من خلال تصريح مساعد وزير الخارجية الأسبق، مصطفى عبد العزيز، إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، لمصر تُعتبر مرحلة استعادة الثقة بين البلدين، مضيفًا أن العلاقة بين البلدين استراتيجية تَضم مصالح حيوية لكلا الطرفين. وأضاف عبدالعزيز في تصريحات إعلامية، أنه بسبب ضيق وقت زيارة البشير لمصر لم يتم السماح بدراسة ملفات الخلاف بين البلدين، لأن هذا الموضوع سيترك فيما بعد. وأوضح عبدالعزيز أنه من الضروري التركيز حاليًا على المصالح المشتركة بين البلدين، والتي تؤثر بشكل إيجابي على نقاط الخلاف، قائلًا: "يجب أن نركز مع السودان على المصالح المشتركة وترك المسائل الخلافية". ورأى عبدالعزيز أن زيارة البشير لمصر جاءت لمحاولة بحث جوانب العلاقات بين البلدين. من جهته، قالت مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أماني الطويل، إن مسألة القضايا الخلافية بين البلدين التي أبرزها ضبط الحدود، وسد النهضة، تقتضي التعتيم، بعكس التعاون الاقتصادي بين البلدين يجب أن يطرح في العلن وأمام الشعب. وأضافت الطويل أن ملف حلايب لم يُفتح بين الرئيسين المصري والسوداني في إجراء مباحثاتهما بالقاهرة، موضحة أن الرئيس البشير أكد أن ملف حلايب لن يكون العقبة. وفي تصريحاته ل"المصريون"، قال السفير حسن هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة، لم تتطرق إلى نقاط الخلاف بين الدولتين، وعلى رأسها حلايب وشلاتين، مشيرا إلى أن الزيارة كانت مركزة في الدرجة الأولى على الاتفاق على المصالح المشتركة والمواقف المتقاربة للدولتين باعتبار أن أمنهما مشترك. وتابع أن مصر أكبر من أن تثير أزمة بخصوص حلايب وشلاتين في هذا التوقيت الممتلئ بصراعات وخلافات في المنطقة، مشددا على أن الدولة المصرية ستبحث مع السودان كيفية التصدى لأى خطر يمس أمن الدولتين، مع تنحية أزمة حلايب وشلاتين جانبًا على الأقل في الفترة القادمة. بدروه، قال السيد فليفل عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية الأسبق، إن الوقت طال في انتظار البداية الجادة لتطبيق الحريات الأربع بين مصر والسودان، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس السودانى عمر البشير لمصر هذه المرة "تاريخية" لما أسفرت عنه من نتائج خاصة لضمان حرية التملك والتنقل للشعبين. وأضاف فليفل، في تصريحات تليفزيونية، أن العلاقات المصرية السودانية علاقات عميقة ومتداخلة ومتشابكة وممتدة منذ آلاف السنين، موضحًا أن الزيارة جاءت فرصة لتذويب بعض المشاحنات التي بدت في ملفي حلايب وشلاتين، متفائلًا بأن تسهم الزيارة في دفع العلاقات بين البلدين إلى أفاق جديدة. وأشار إلى أن رفع تمثيل اللجنة المشتركة بين مصر والسودان إلى المستوى الرئاسي لها دلالتها الإيجابية، لافتًا إلى أن حلايب مصرية 100% وعلى من يعترض يسأل المؤرخين السودانيين، مشددًا على ضرورة تأسيس شراكة اقتصادية بين البلدين بما يعود بالنفع على مصالح الشعبين وتحسين مستوى المعيشة. وتابع فليفل، أن الزيارة ترتبط أيضًا بالمتغيرات العديدة التي تمر بها المنطقة العربية خاصة الجوار الليبي غير الثابت والمستقر، والذي تبدو فيه أصابع التدخل الأجنبي والفرقة الداخلية والمواجهات التي وصلت حد الاحتراب الداخلي، كل هذا يجعل البلدين مسئولان مسؤولية مباشرة عن الاستقرار في المنطقة.