السيسي: ماضون فى تجاوز التحديات وبناء مستقبل مشرق    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    سعر جرام الفضة اليوم| استقرار ملحوظ وسط ترقب المستثمرين للمعدن الأبيض    رئيس الرقابة المالية يكشف جهود التحول الرقمي ودعم ريادة الأعمال في مصر    رئيس الوزراء يستعرض مع وزير قطاع الأعمال الفرص الاستثمارية المتوافرة في قطاع السياحة والتشييد    محافظ كفرالشيخ يسلم 6 عقود تقنين أراضي أملاك الدولة للمستفيدين    استخراج جثتين انهارت عليهما رمال بمبنى تحت الإنشاء في التجمع    فرق الإسعاف تنجح في إنقاذ سائحة إسبانية مصابة بهرم سنفرو    درة: يسرا كانت بالنسبة لي حلم والآن هي صديقة وأخت    استعراضات فلكلورية مبهجة لفرقتي الأنفوشي وبورسعيد بمهرجان أسوان    فودين يُعدد مزايا هالاند فى تسجيل الأهداف مع مانشستر سيتي    دودو الجباس: بيراميدز أصبح يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب شرق السعودية    ضبط نصاب انتحل صفة رجل دين بالإسكندرية    الداخلية تواصل جهودها لتيسير حصول المواطنين على الخدمات والمستندات    التصعيد في غزة.. مصطفى بكري: حلم الهدوء سيتبدد إذا انفجرت الأوضاع مرة أخرى    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    المخرج التونسي فريد بوغدير: «يوسف شاهين غير حياتي ونظرتي للسينما»    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    الرئيس السيسي: كل بيت مصي فيه شهيد وجريح ودفعنا ثمن القضاء على الإرهاب    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    أحمد سعد يروج لحفله المقبل بألمانيا بطريقة مختلفة: مش هاقول جمهورى الحبيب    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    بتهمة خطف اشخاص السجن المؤبد ل4 متهمين و15 عاما لآخر بقنا    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    إبراهيم العامري يكشف تفاصيل انضمامه لقائمة الخطيب في انتخابات الأهلي    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    حملات طبية مكثفة لفحص وتوعية طلاب المدارس بدمياط    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    رئيس شعبة المعادن: مكاسب الذهب في مصر 54.3% من بداية 2025    تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع الآمن وخلق التغافل
نشر في المصريون يوم 07 - 10 - 2014

إنَّ خلق التغافل مُنْسِيّ ٌبيننا رغم أنه ُخلقٌ مُريح مُسْعِد ! ورغم أنَّ ربنا قد أوصانا به كثيرا لفوائده المُسْعِدَة ! فيقول تعالي علي سبيل المثال لا الحصر ممتدحا إياه : ” خذ العفو وأمر بالعُرْف وأعرض عن الجاهلين ” ( الأعراف : 199 )
يقول الإمام السعدي في تفسيره للآية الكريمة : ” .. هذه الآية جامعة لحُسْن الخلق مع الناس .. أن يأخذ العفو : أي ما سَمَحَت به أنفسهم وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق ، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم ، بل يشكر من كلّ أحد ٍما قابله به من قول ٍأو فعل ٍجميل ٍأو ما هو دون ذلك ، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغضّ طرفه عن نقصهم .. بل يُعامِل الجميع باللطف والمقابَلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم . ( وأمُر بالعرف ) أي بكل قول ٍحسن ٍوفعل ٍجميل ٍوُخلق ٍكامل ٍللقريب والبعيد … وأمَرَ الله تعالي أن يُقابَل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله ، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه ومَن حرمك لا تحرمه ومن قطعك فصِله ومن ظلمك فاعدِل فيه .. ”
ويقول الإمام البغوي في تفسيره : ” .. مثل قبول الاعتذار والعفو والمُساهَلة وترك البحث عن الأشياء ونحو ذلك .. “
إنَّ خلق التغاُفل يعني غضّ النظر والتجاوُز والتسامُح عن بعض الأخطاء والسلبيات ، فلا تدقيق وتحليل وترصّد للسوء في كل كلمة ٍوأي تصرّف ، كما يقول تعالي موصيا ومنبّها لخُلق ٍكريم ٍمن أخلاق الرسول (صلى الله عليه وسلم) لنقتدي به ونفعل مثله : ” .. وأعْرَضَ عن بعض .. ” ( التحريم : 3 ) والذي قال فيه الإمام الآلوسي في تفسيره : ” … دلالة علي أنه يَحْسُن … التلطفّ في العَتَب والإعراض عن استقصاء الذنب .. ” ، وليس هذا بالتأكيد تسطيحا للأمور وتبسيطا ! وإنما هو في عُمْقها وصَميمها ! لأنه يُعطِي فرصة للمُخطِيء لكي يُصَوِّبَ هو نفسه بنفسه ، بعقله وإرادته ، فيكون هذا أستر له بعدم فضحه أو تغيير صورته الجيدة لدي الآخرين وأكثر تشجيعا للتقويم ، فيسعد الجميع ، المُخطِيء بالتصحيح ، ومَنْ حوله بإحسانه وبألا َّيفعلوا خطأه ، كما يُفهَم ضمنا من قوله (صلى الله عليه وسلم) : ” .. ومَنْ سَتَرَ مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة .. ” ( جزء من حديث رواه البخاري ) ، ومن قوله : ” إنَّ الله رفيق يحب الرفق ويُعطي علي الرفق ما لا يُعطي علي العنف وما لا يُعطِي علي سواه ” ( رواه مسلم )
فكثير من المشاكل في حياتنا يمكن أن تختفي نهائيا،وكثير من النيران التي تشتعل في بيوتنا يمكن أن تنطفيء،وكثير من الخلافات والصراعات الحادة في مجتمعاتنا يمكن أن تزول بعلاج واحد،وخلق فريد ألا وهو خلق التغافل.
ونعني به تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
وقد عظم السلف من قدر هذا الخلق العظيم،لمعرفتهم بأنه الحل السحري لأدواء المجتمع الإنساني.
من ذلك قول الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
والحسن البصري يقول: "ما زال التغافل من فعل الكرام"
وقيل : ما استقصى كريم قط .
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
ولا أعلم لماذا نملأ حياتنا بتتبع الأخطاء والإصرار على مناقشتها ونفقد بذلك
دقائق وساعات بل ربما أيام نناقش ونغضب وعندما نتسامح تبدأ الذكرى
ونتذكر تلك اللحظات المؤلمة
ومالنا لا نتذكر؟
وقد سمحنا لتلك الأخطاء ان تتخذ لها مكانا في ذاكرتنا بمناقشتها والبحث في ثناياها
وذهبت أيامنا كلها حزنا في حزن
لو أمعنا النظر في قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -: "وليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم، بل ولا من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً، بل ولا من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة"

قال أولياء الله المتقين
فما بالنا ببقية الناس؟
يتتبع الأب أخطاء ابنه ليرهقه بكثرة المعاقبة وكان هذا الابن ولد متعلما بل وكأن هذا الأب لم يأمر بتربية أبناءه
وأي تربية هذه التي تجعل من العقاب الخطوة الأولى ومن التعليم الخطوة الثانية؟
وأي نفس تتقبل النصح بعد العتاب وربما التهزئ أو التجريح؟
فينشأ الطفل محملا بالجروح والاهانات وتنعدم سبل التواصل بينه وبين والديه
هذا هو الحال مع أب وابنه أو أم وابنتها
فكيف سيكون الحال بين زوج و زوجته؟
الزوج اختار زوجته وهو يحلم بان تكون مثالية للغاية
وينتظر ان تفعل له ما يريد وان تقوم بما يحب
وكأنها تعلم بما في نفسه
أو خلقها الله شاذة عن الخلق الذين جبلوا على الخطأ
وما ان يعاشرها الا وتبدأ المشاكل
والسبب
لماذا فعلتي هذا؟
ولماذا لم تقولي هذا؟
فيموت في نفس الزوجة الطموح لإرضاء زوجها
والسعي لإسعاده
والسبب كثرة الانتقاد والمحاسبة وقلة التشجيع
ما ينطبق على الزوج ينطبق على الزوجة كذلك
ان التغافل عن الأخطاء ليس تأكيدا للخطأ أو عدم اهتمام
بل ليس سذاجة ولا غباء ولا ضعف
بل هو الحكمة بعينها
وقال عثمان بن زائدة، قلت للإمام أحمد: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل، فقال: "العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل "
نعم والله انه العافية بعينها
لأن الناس جبلوا على الخطأ ومن الغباء والحماقة ان ننتظر من الناس ان يفعلوا ما نريد أو ان يقولوا ما نريد
بل يجب ان نتعامل مع الناس معاملة واقعية مرنه تأخذ في حسبانها طبيعة الناس التي جبلت وتعودت على الخطأ
لذلك الإيمان بأن كل بنو آدم خطاء يقتضي ان نتغافل عن تلك الأخطاء مالم تجر مفاسد
مذاهب الناس في الخطأ مختلفة

ولكن مهما ابتعدت أو اقتربت

اجعل من نفسك أعمى واصم

وتغافل عن الخطأ ولا تفكر في الوقوف عند الخطأ وتعاتب
فان كثرة العتاب تنفر وتفرق
ولا تنسى ان تلتمس العذر وتحسن الظن وتقبل الاعتذار

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً"

قال الإمام ابن القيم: "من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته، حقاً كانت أو باطلاً، وتكل سريرته إلى الله.. ".

ثم قال: "وعلامة الكرم والتواضع أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفْه عليه ولا تحاجَّه، وقل: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له ونحو ذلك".

قال الإمام الشافعي: "الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل"

وكفانا قول المصطفى ((يُبْصِرُ أَحَدُكُمْ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ))


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.