أثارت الحملة التي تقودها القوى الليبرالية والعلمانية في مصر محاولة إثارة المخاوف من نموذج "الدولة الدينية" في إيران، انتقادات من قبل مفكرين وسياسيين باعتبارها محاولة لإثارة الغبار علي مفهوم الدولة في الإسلام، والتخويف المصريين من وصول الإسلاميين للسلطة، بذريعة أن ذلك سيؤدي إلى انتهاك الحريات واضطهاد غير المسلمين، إذا ما تم استنساخ "ولاية الفقيه" في مصر. واعتبروا في تعليقات ل "المصريون"، أن وراء هذه الادعاءات محاولات لتشويه صورة الإسلام وإيجاد نوع من "الفوبيا" تجاه الحركات والتيارات الإسلامية مع بروزها المتنامي على الساحة بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حسني مبارك، بهدف التأثير عليها خلال الانتخابات القادمة، في ظل التوقعات التي ترجح هيمنتها على البرلمان القادم، على حساب قوى المعارضة التقليدية والأحزاب الوليدة. وأكد الدكتور إبراهيم الخولي المفكر الإسلامي، أنه لا يوجد ما يسمى ب "الدولة الدينية" في الإسلام، بعكس أوروبا التي خضعت في عصور الظلام لأنظمة الحكم "الثيوقراطية"، التي كانت تضفي على نفسها القدسية بدعوى أنها تحكم باسم الدين، محملاً الغرب مسئولية سيادة هذا النموذج الذي لم يعرفه الإسلام، مطالبا ما أسماهم ب "العلمانيين والتغريبيين" بالكف عن ترديد هذه الدعايات لتحقق مصالح انتخابية. واعتبر أن أول من وضع لبنات الدولة المدنية والدولة الإسلامية التي أسسها الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة، وبذلك كانت أول دول مدينة في التاريخ، وقال إن هذه الدولة رسخت لعدد من المبادئ التي ينادي بها العلمانيون والتغريبيين حالياً ومنها احترام جريدة العقيدة، وأدت إلى إضعاف النزعات القبلية، واعتماد الأفضلية والكفاءة كمعيار عند اختيار القيادات، وتكريس ثقافة المحاسبة لمن ولي شيئًا من أمر المسلمين، فقد داوم الرسول صلي الله عليه وسلم ومن جاء بعده من الخلفاء الرشيدين علي محاسبة الولاة في الأمصار، ودعمت أيضًا الحرية العلمية. متفقًا معه في الرأي أكد الدكتور عصام سلطان نائب رئيس حزب "الوسط" أن الإسلام أقر بمدنية الدولة منذ 14 قرنا، متسائلا باستنكار: فلم إثارة الغبار حول المشروع الحضاري للإسلام ومحاولة إلصاق التهم به، بالرغم من أن الغرب كان هو المسئول عن تكريسها في أذهان أنصاره وليس للإسلام علاقة بذلك. واعتبر أن الزعم بإمكانية تطبق النموذج الإيراني في مصر وتطبيق "ولاية الفقيه" أمر لا أساس له من الصحة ولا يسعى أي فصيل إسلامي وراءه، وأن التيارات والقوى الإسلامية ترفض هذا النموذج وتعتبره غريبًا عن المشروع الإسلامي الحضاري. ورأى أن ترديد مثل هذه المخاوف يهدف إلى شغل المواطنين عن تأييد التيار الإسلامي في الانتخابات من قبل هؤلاء الذين يعملون على ترديد تلك المزاعم، كورقة انتخابية بهدف الحصول على مقاعد بالبرلمان حتى كان ذلك عبر دعاية مغرضة. من جانبه، أكد المهندس عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" أن قضية مدنية الدولة في الإسلام قد حسمت منذ قرون، وأن ترديد البعض لهذا الأمر يعد نوعا من الإفلاس السياسي ومحاولة لتشويه صورة التيارات الإسلامية. وقال إن التخويف من إمكانية تكرار النموذج الإيراني في مصر يعكس سعي هذه القوى لاستخدام أساليب غير منطقية في الحرب علي الإسلام والمسلمين. ورأى الدكتور السفير عبد الله الأشعل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أن إثارة قضية الدولة في مصر ستتصاعد خلال المرحلة القادمة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية من برلمانية ورئاسية. وقال إن القوي الليبرالية والعلمانية وبعدما أدركت فشل رهانها على "الدستور أولا"، وتيقنها من انعقاد الانتخابات البرلمانية عملت بقوة على إثارة مخاوف المواطنين من النموذج الذي ابتدعه الغرب ولا علاقة للإسلام به من قريب أو بعيد. وامتدح الأشعل جميع الأحزاب القائمة على مرجعية إسلامية التي تؤكد علي مدنية الدولة، مع ضرورة أن تمتع الأقباط بحقوقهم كاملة مثل المسلمين، وقال إن هذا الأمر هو ما جعل تلك التيارات التي تقود الحملة ضد الإسلاميين تستشيط غضبا، وتبحث عن ذريعة لاستهداف صورة الإسلاميين والإسلام.