أوباما وأردوغان انتقدا النظام المصري.. الأول انتقد القمع، والثاني أدان ما وصفه بالانقلاب العسكري على الديمقراطية. الرد المصري كان عنيفًا على أردوغان وسكت تقريبًا على أوباما!!.. فما المشكلة إذن؟!.. وهل تتفهم القاهرة موقف أوباما ولم تتفهم بعد هواجس ومخاوف أردوغان؟! ربما يكون ذلك هو جوهر أزمة العقل السياسي المصري الذي تشكل إثر الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي أطاحت بحكم الإخوان في 30 يونيو 2013. واشنطن تجاوزت جدل 3 يوليو.. ولم تصفه بالانقلاب وتحفظت على التصنيف دبلوماسيًا.. ولكنها استبطنت فحواه بحسب وصف العلوم السياسية، من خلال تعليق المعونة العسكرية، والتسويف في تسليم الأباتشي.. فيما وفرت غطاء لموقفها، من خلال نقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والذي جاءت كلمة أوباما في الجلسة الافتتاحية للأمم المتحدة يوم 24- 9 – 2014، لتعزيز هذا الغطاء، وإحكام الشوشرة على موقف إدارته من 3 يوليو. الإدارة الأمريكية ليس لديها مشكلة، بشأن من يحكم مصر، وكيف وصل إلى الحكم (بالصندوق أو بالانقلاب)، طالما لن يتغير شيء يتعلق بكامب ديفيد.. والعلاقات المصرية الأمريكية.. ووجود توافق خليجي، على من يجلس في قصر الاتحادية. ولكن الوضع مع أردوغان مختلف تمامًا، فليس ثمة مشكلة للأخير مع 30 يونيو.. ولكن مشكلته مع 3 يوليو. من الصعب مثلاً أن نرجع المشكلة إلى غيرة زعامة بين أردوغان والسيسي.. فأي مقارنة بين الرئيسين ستكون بالتأكيد ظالمة للأخير، الذي ما زالت تجربته بكرًا وغضة.. ويحكم بلدًا خارج أي تصنيف دولي على مؤشر الاقتصاديات الواعدة.. فيما وضع أردوغان بلده بين أفضل عشر اقتصاديات على مستوى العالم. كذلك فإن الصراع على الشرعية بين الإخوان والقوى المنتصرة يوم 3 يوليو، لوّن القراءة المصرية لمواقف بعض العواصم من الإطاحة بحكومة د.محمد مرسي.. باللون الإخواني.. لدرجة أن أوباما وشقيقه مالك لم ينجوا من ذلك، حيث اعتبرا عضوين بالجماعة!! وفي هذا الإطار جرى التعاطي مع أردوغان.. بوصفه إخوانيًا، وموقفه المتشدد مما حدث للجماعة، يؤسس على عضويته في التنظيم الدولي! وهي مغالطة كبيرة، لأن المعمار الإسلامي الحركي في تركيا، هو معمار صوفي.. بدأ بصوفية الزوايا ونضج في صورة مشروع إنساني عابر للحدود الصوفية الحداثية. إن ما حدث يوم 3 يوليو في مصر، فعلاً، أفزع أردوغان وكل التيار الديمقراطي التركي.. ليس بسبب أنه أطاح بالإخوان.. وإنما بسبب موقف المجتمع الدولي منه، إذ يخشى أردوغان من شرعنة ما اعتبره انقلابًا في مصر، واعتراف العالم به.. إذ يعتقد الرئيس التركي أنه قد يشجع جنرالات الجيش في بلده، على القيام بإجراءات عسكرية مشابهة.. ويتم الاعتراف بها دوليًا. هذه المسألة تمثل حساسية خاصة في تركيا، البلد الذي يحتفظ بميراث مكتظ بالمرارات من حكم العسكر والانقلابات العسكرية.. فيما يعتبر الأتراك أردوغان بطلاً قوميًا أعاد الجيش إلى ثكناته، وأخضعه للحكومة المدنية المنتخبة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.