اتهامات للجنة بالانحياز للسلطة والتوظيف السياسي للشهادات.. وتعليمات خارجية ل"بشر" بالتراجع أثار اعتذار الدكتور محمد علي بشر القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، عن عدم مقابلة المستشار فؤاد عبدالمنعم رياض، رئيس لجنة تقصي حقائق 30 يونيو 2013، والتي كانت مقررة يوم الاثنين الماضي، العديد من التساؤلات حول أسباب ذلك، لاسيما في ظل تصريحه قبل التراجع بيومين، الذي نفى فيه ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن رفضه التعاون مع اللجنة، بل وبعث كلاً من الدكتورة هدى عبدالنعيم، القيادية الإخوانية والمحامية الحقوقية، إلى اللجنة مع بعض أسر الضحايا للإدلاء بشهادتهم. وأرجع بشر أسباب تراجعه إلى عدم حيادية اللجنة واستغلالها تعاونهم معها سياسيًا، قائلًا، فى بيان له، إنه لم يحضر اللقاء، لإخلال رئيس اللجنة، المستشار فؤاد عبدالمنعم رياض، بوعود الحيادية والاستقلال، ورفضًا للتوظيف السياسي للاتصالات التي جرت معه، والتي أعلى فيها المسئولية الوطنية والأخلاقية وحسن النية، رغم تحفظه على تشكيل اللجنة من غير ذي صفة. وأضاف أن الاتصالات التي جرت بينه وبين أعضاء اللجنة "قوبلت بتسييس واسع فى وسائل الإعلام، وصمت غير مبرر من لجنة تقصى الحقائق". في حين قالت الناشطة الحقوقية هدي عبدالمنعم في بيان أصدرته، إن السبب الأول لعدم المشاركة هو"تعقب بعض من أدلوا بشهاداتهم وتلفيق تهم للبعض الآخر". ومضت قائلة إن وقائع تعقب حدثت في مايو الماضي مع تقدم عدد من المختصين حقوقيًا وذوي الضحايا للشهادة أمام اللجنة بشأن "أدلة حول محرقتي رابعة العدوية والنهضة (في أغسطس 2013) وكافة الانتهاكات التي تمارسها سلطة الانقلاب العسكري ضد المصريين". واعتبرت عبدالمنعم، التي تشغل منصب عضو اللجنة الحقوقية ل "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، أن ثاني الأسباب هو: "رصد التوظيف السياسي غير المبرر لمحاولات ذهاب بعض الشهود علي أنه اعتراف بالانقلاب"، في إشارة إلى الإطاحة بمرسي يوم 3 يوليو 2013. وثالث الأسباب، بحسب قولها، هو "إفصاح رئيس لجنة تقصي الحقائق، فؤاد رياض، عن موقف سياسي منحاز للثورة المضادة". وتحدثت أيضًا عن "إفصاح لجنة تقصي الحقائق عن رأيها في عدد من القضايا محل النظر بالانحياز لرؤية السلطة المصرية، ومنها قضية (المعتقلين) المضربين عن الطعام، بجانب مهاجمة تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، وآخرها تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش (بفض اعتصام المؤيدين لمرسي في ميداني رابعة والنهضة)، التي أدانت جرائم قوات من الجيش والشرطة". وعددت سببًا آخر هو "عدم التزام اللجنة بالإعلان الدوري عما توصلت إليه للرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مباشرة". وحددت عبد المنعم سببا سابعا لوقف التعاون مع لجنة تقصي الحقائق هو "عدم إعلان اللجنة عن أي حماية لكل من يدلي بشهادته، خاصة مع تواتر التهديدات الأمنية لذوي الضحايا"، على حد قولها. فيما صدر بيان ثاني تحت عنوان "حقائق للرأي العام بخصوص المشاركة في لجنة تقصي الحقائق"، وقعته ثناء عبد الجواد، زوجة القيادي الإخواني المحبوس، محمد البلتاجي، ونجلها عمار، وحنان أمين، القيادية بالإخوان، وطبيب في المستشفى الميداني برابعة العدوية، والذين سبقوا أن أدلوا بشهادتهم أمام اللجنة في مايو الماضي، حيث أفصحوا عن سببين آخرين، لوقف التعامل مع اللجنة المشكلة من الحكومة المصرية. والسببان هما أن "اللجنة سقطت في عدم نزاهتها ومصداقيتها، والخشية من أن تصدر تقريراً ملفقاً كاذباً يبرئ المتورطين من أجهزة الدولة في الجرائم التي ارتكبها مسئوليها في وقت حدوثها، وتحميل المسؤولية للمعتصمين السلميين الذين يحاكمون الآن، بتهم القتل والتظاهر، ما يؤدي إلي إفلات الجناة من العقاب وعرقلة العدالة ومطالب القصاص". ووفقًا لبيان زوجة البلتاجي، فإن السبب الآخر، والتاسع، هو "إعلان رئيس اللجنة أنه سيقوم بتسليم التقرير للمتهم الأول في كل الجرائم التي حدثت (تقصد السيسي)". وإضافة إلى تلك الأسباب المعلنة، علمت "المصريون" أن تراجع بشر عن التعاون مع اللجنة جاء بناءً على قرار من بعض قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" بالخارج، بالإضافة إلى رد فعل قواعد الجماعة التى رفضت ذلك التعاون واعتبرته تعاونًا مع السلطة الحالية، وهاجموا القيادي الإخواني عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال سامح عيد، الخبير فى شئون الإسلام السياسي، والمنشق عن جماعة الإخوان، إن "قرار التراجع بعد الموافقة يعكس حجم توتر القرار داخل الجماعة وتضاربه، فمن المؤكد أن بشر قبل اتخاذه القرار الأول استشار بعض قيادات الجماعة، ولكن حينما علم من لم يستشيرهم رفضوا ذلك، وهو ما نتج عنه ذلك التراجع". وأوضح أن رفض التعاون مع لجنة تقصى الحقائق والتي هي أقرب إلى لجنة علمية محايدة من قضاة تهدف إلى توثيق الحقيقة يدل على رغبة الجماعة فى طمس الحقائق، وحتى لا يكشف كذبهم وادعاءاتهم أن أعدادًا من قتل برابعة وصل إلى 5آلاف. وتابع عيد، أنه "قبل عدة أشهر مع بداية تشكيل اللجنة وذهابي للإدلاء بشهادتي عن الأحداث ورؤيتي لها ناشدوني في التواصل مع كل من أعلمهم ممن كانوا فى رابعة، وطلبوا منى إبلاغهم ضرورة التواصل مع اللجنة والإدلاء بشهادتهم، مع التأكيد على أنهم لن يضرهم سوء، إلا أن الجميع رفض. وأضاف أن اللجنة تعمل بنزاهة، وتدون كل ما يقوله الشاهد ولا تتدخل فيه، وأنها دونت له 60 صفحة على الرغم من أنه لم يكن موجودًا فى رابعة، قائلًا: "فما بالك بمن تواجد فيه؟" من جانبه، أكد طارق شومان، منسق حركة "حقوقيون ضد الانقلاب"، أن اللجنة تفتقد الكثير من المعايير المتعارف عليها عالميًا والتي حددتها المواثيق الدولية الخاصة بالحيادية والنزاهة، مشيرًا إلى أن البعض ذهب بالفعل وأدلى بشهادته ولم تدون بشكل صحيح، كما قالوها وتم التلاعب بها. وأضاف شومان: "حتى محاولة تحسين الوجه جاءت متأخرة جدًا، حيث صدرت العديد من التقارير الحقوقية من مراكز عالمية متخصصة عن الوضع فى مصر وجميعها أدانت السلطة، من مؤسسات يعتد بها، ومن ثم ذلك التقرير لن يكون له صدى فى الخارج"، متوقعًا أن يأتى شبيهًا بتقرير لجنة المجلس القومى لحقوق الإنسان.