اتفقت مصادر سياسية واقتصادية مطلعة على أن صفقة بيع شركة "عمر أفندي " ، وما أحاطها من شبهات ومخالفات الآن تحت تصرف النيابة العامة تكشف عن مدي تزايد الطموح السياسي للدكتور محمود محي الدين وزير الاستثمار ، ورغبته في الظهور أمام القيادة السياسية بأنه الوحيد القادر عن إنجاح مشروع الخصخصة دون أن يعبأ بالخسائر التي تصيب الاقتصاد القومي أو بإهدار حقوق العمال ، فيما ذهبت مصادر أخرى للتلويح إلى أن تخفيض تقييم قيمة الشركة وأصولها بشكل مجحف قد يخفي خلفه عمولات واتفاقات من تحت الطاولة من أجل ترسية الصفقة على الشركة السعودية التي قدمت عرضا لشراء الشركة بأقل قيمة ممكنة . وأتهم الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ومدير أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق لجنة تقييم الشركة بأنها لجنة غير موضوعية لأنه كان يجب عليها أن تطلب دراسة تقييم من الجهاز المركزي للمحاسبات ، ووزارة المالية بوصفها المالك لشركات القطاع العام ، وكذلك الشركة القابضة للتجارة ، التي تتبع لها شركة عمر أفندي ، وكذلك طلب دراسة من مجلس الدولة ، ومناقشة كل هذه الدراسات مناقشة مستفيضة مع الأخذ في الاعتبار أعلى سعر للشركة إلى جانب اعتبارات الحفاظ على العمالة وفتح فروع جديدة وضخ استثمارات تخدم الاقتصاد القومي. ولفت عبد العظيم النظر إلى أنه كان يتعين على اللجنة الأخذ في الاعتبار الأرباح التي بدأت تحققها الشركة بعد الخسائر السابقة ، مؤكدا على أن هذا العنصر يأخذ في الاعتبار عند تقييم سعر أي شركة إلى جانب الأراضي والمباني المملوكة للشركة والقابلة للزيادة ، وكذلك الاسم التجاري للشركة ، والذي يساهم في تحقيق أرباح عن طريق زيادة المبيعات في المستقبل. ورأي د. عبد العظيم أن السعر المبدئي لتقييم أصول الشركة ، والذي بلغ مليار و 139 مليون جنيه ، هو سعر معقول خصوصا أن الشركة بدأت تحقق أرباحا في الفترة الأخيرة ، مشيرا إلى أن برنامج الخصخصة لا يعني في الأساس بيع الدولة لأصول شركاتها ولكن قد يعني خصخصة الإدارة عن طريق إسنادها إلى شركات خاصة لتحديث وتطوير نظم الإدارة داخل هذه الشركات وتحقيق الأرباح التي تعجز عن تحقيقها إدارة الدولة ، وهو ما يمكن أن يطبق على شركة عمر أفندي . من جانبه ، أكد الدكتور أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير التقرير الاقتصادي بالأهرام أن بيع شركة عمر أفندي بهذا السعر ما هو إلا حلقة جديدة في مسلسل إهدار المال العام فيما يعرف ببرنامج الخصخصة والذي يعد أكبر عملية فساد منظمة في مصر منذ بداية تنفيذه حتى الآن ، مشيرا إلى أنه من الواجب عند بيع شركات القطاع العام أن يتم تقييم أصول ومخزون هذه الشركات بالأسعار الحالية وهو ما قدرته اللجان المبدئية بنحو مليار و139 مليون جنيه وهو سعر معتدل وأقل من المعتدل. وطالب النجار الرئيس مبارك بالتدخل شخصيا وبما له من صلاحيات لمنع إتمام هذه الصفقة ومنع العبث بالمال العام لأن النية قائمة في ذلك ، واصفا البلاغ الذي تقدم به رئيس الشركة القابضة للتجارة للنائب العام ضد رئيس شركة الأزياء الحديثة بزعم الإخلال بواجبات عمله وسرية إجراءاته هو جريمة بكل المقاييس لأن إجراءات التقييم والخصخصة عموما لا بد وأن تتم بشيء من الشفافية وليس بشكل سري. في سياق متصل ، تقدم المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للجماعة الإخوان المسلمين الدكتور حمدي حسن ببيان عاجل إلى وزير الاستثمار الدكتور محمود محيى الدين حول إهدار أكثر من 600 مليون جنيه من المال العام في صفقة بيع شركة عمر افتدى وما شاب عملية التقييم من مخالفات وصلت في نهاية الأمر إلى حد تقديم احد أعضاء لجنة التقييم ورئيس مجلس إدارة شركة "بنزايون " المهندس يحيى حسين بلاغ للنائب العام يطالب فيه بالتحقيق مع كل من رئيس الشركة القابضة هادى فهمي ووزير الاستثمار محمود محيى الدين بصفتيهما. وأشار النائب الإخواني إلى الاتهامات المتبادلة بين رئيس مجلس إدارة بنزايون والمسئولين عن تقييم شركات عمر افتدى ، ففي حين برر رئيس مجلس الادارة أسباب تقدمه ببلاغ إلى حرصه على حماية المال العام الذي يراه يسرق أمامه دون أن يتمكن من وقف عملية البيع ، اتهمه المسئولون عن التقييم بإفشاء الأسرار والتشهير بالقيادات والإدلاء ببيانات مغلوطة . واعتبر أن ذلك يعد تهما متضاربة لا تتسق مع بعضها البعض مما يؤكد وقوع مخالفات في عملية التقييم وعملية البيع برمتها. وطلب النائب الإخواني من وزير الاستثمار عرض حقائق عملية البيع على الرأي العام وذلك حرصا على المال العام.