تعاني جماعة الإخوان معاناة شديدة بعد عزل الرئيس محمد مرسي وأثر الخلاف حول طريقة العزل بينها وبين غالبية المجتمع ما بين الرفض والقبول ,وهل ما حدث ثورة أم انقلاب, وهل فشل د.مرسي أم تم افشاله ,وهو خلاف لا يبدو أنه سيُحسم في وقت قريب لكن مصلحة العباد والبلاد تتطلب ضرورة إعادة النظر بعين الرحمة والعقل والعدل لهذا الأمر برمته, فليس من المتصور عقلا وصف جماعة من الناس من ابناء هذا الوطن بأنهم أصبحوا فجأة جمعا من الشياطين والإرهابيين, كما أننا بحاجة بجوار ذلك الى النظر بعين المواطنة وحقوقها لقطاع من المصريين (رجال ونساء وشباب وفتيات من كل الفئات والأعمار والطبقات) وما سيترتب على ذلك من مصلحة للوطن واستقراره .. نظرة تتعلق بالمستقبل لا بالماضي .. ومن ناحية أخرى فإن الصيحات (داخل الجماعة وخارجها) تتوالي منادية بضرورة فتح ملف المراجعة الذي تأجلت استحقاقاته بفعل الأحداث, فالجماعة بحلجة فعلا الى مراجعة جادة ورصينة تتجاوز التركيز على اخطاء الغير الى النظرة على أخطاء الذات, فقد تركزت القرارات في يد مجموعة صغيرة , فضاقت مساحة الشورى, ولم تحسن القيادة قراءة الواقع,ولم يكن تنظيم العمل شفافا, كما اختلطت مجموعة من الأفكار والمفاهيم ولم تكن شعاراتها متماسة مع حاجات الناس وأولوياتهم ومُطمئنة للغير.. وحين نتابع بعضا مما يكتبه اعضاء الجماعة على مواقع التواصل الإجتماعي, ونرى وكأن كرة ثلج تتدحرج رويدا رويدا نحو العنف, وهو عين الأمر الذي تصدى له مفكرو الجماعة في أوقات كثيرة من قبل فكان كتاب دعاة لا قضاة وكانت الكتابات والمواقف المستنكرة لعنف الجهاد والجماعة الإسلامية في الثمانينيات ..الخ.. إن هذا الأمر جدير بالانتباه .. إن المجتمع بحاجة الى ادراك الجماعة قبل استمرار التشظي والذي قد يحولها الى جماعات متناثرة في كل حي لا يعرف احد الى اين تسير أو تتجه.. من زاوية أخرى هم يقولون لكل ناصح لهم : (ما بالكم تركزون على المجني عليه وتتركون الجاني وتطالبون الضحية فقط) , وليس هذا بصحيح في مجمله , فالمجتمع شهد ويشهد وسيشهد (ما دامت الحياة) تفاعلات مستمرة للوصول الى الصيغ الأفضل في العلاقة بين السلطة والمجتمع, ولهذا الأمر وسائل كثيرة ومتنوعة لا تقتصر دائما على المظاهرات والثورة (دون التقليل من جدواها), فلدينا مجتمعات كثيرة في العالم سارت نحو الأفضل بجهود متنوعة ومتراكمة لم يكن من بينها الثورة, والثورة حين تقوم فهي تعكس رغبة معتبرة من المجتمع بتنوعه أكثر مما تعكس رغبة حزب أو فصيل أو جماعة..كما أن نضال المجتمعات وكفاحها للوصول الى الافضل لا يتوقف, ولا هو مرهون بحالة ولا وقت.. ما بين الأمس واليوم لقد أخذني خيالي بعيدا .. وانا اقرأ في كتاب (دعاة لا قضاة) للمستشار الراحل مأمون الهضيبي (رحمة الله) –ربما تتشابه الأجواء التي كتب فيها كتابه والأجواء الحالية التي تمر بها جماعة الإخوان .. ولأنني لست قياديا في الجماعة ولا عضوا بها ليترقب أعضاؤها مني كلمة أو نصح (كعادة التنظيمات) , فلم أجد إلا الخيال متنفسا وحلا , وتصورت أن بيانا كالبيان التالي يُمكن أن يُشكل فارقا تاريخيا للوطن والجماعة, يُقدم مصلحة الناس, ويتجاوز مشاعر الثأر والقصاص والغضب , يتجاوز أدبيات المحنة الى نظرات الواقع . البيان المرتقب [ لقد تعرضنا لمظالم كثيرة جرت احداثها على عدة أصعدة منذ ترشح د.مرسي لمنصب الرئاسة وحتى الآن , فأحرقت مقراتنا, وعُزل رئيسنا وفض اعتصامنا وتمت ملاحقة رجالنا ونسائنا ما بين سجن واعتقال وفصل ومطاردة وغير ذلك , بما لم يعد خافيا على أحد .. ولم يكن أمامنا إلا الاستمرار في التظاهر السلمي, والذي رآه كثير من المصريين بفعل أجهزة الإعلام ليس سلميا .. وحيث قد وصلنا الى هذه الحالة, ولإيماننا بأن الوطن والأمة تمر بظروف صعبة وقاسية تتطلب تضافر الجهود لا تشتتها, بالإضافة الى أن إيماننا الراسخ بأن التغيير المأمول لوطننا في مجالات حقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية والعدل الإجتماعي والسياسي والاقتصادي يتطلب جهودا كبيرة ومتضافرة ومتواصلة على عدة أصعدة .. ولما لاحظناه من ارتفاع وتيرة العنف في انحاء متفرقة في البلاد,وضمانا لعدم اختلاط الأوراق بين سلميتنا وعنف أخر, فإننا نعلن توقفنا التام عن المشاركة في أية مظاهرات أو اعتصامات في الوقت الراهن,لاتاحة الفرصة لتمييز المواقف, وبيان اختلاف توجهنا عن توجهات غيرنا,لا نقولها عن ضعف أو يأس,لكن لمصلحة رأيناها, ولسلمية رأينا تأكيدها.. إن الشعب المصري الذي اعطانا ثقته في انتخابات المحليات والانتخابات النقابية والبرلمانية منذ الثمانينيات حتى الآن وصولا الى منح ثقته في انتخابات الرئاسة لهو جدير برد الوفاء والتحلي بالصبر الجميل لأجل لقمة عيشه وأمنه واستقراره .. ونحن نترقب من النظام الحاكم أن يشرع في العمل على اعطاء هذا الشعب حقوقه في كل مجالات حياته, فهو ليس بأقل من شعوب العالم التي حققت الحرية والتقدم والرفاهية وغادرت مواقع التخلف والتبعية والاستبداد. لقد أعلناها من جانب واحد نفيا لأي حديث عن صفقات, لكننا نأمل أن يساهم موقفنا في تحقيق توافق وطني قامت به شعوب كثيرة من قبلنا فحققت استقرارا وتنمية وتقدم .. ونؤكد أنه إذا رأي شعبنا في هذه الفترة اعتصامات أو مظاهرات أو شغب أو عنف فليعلم أنه ليس من صنعنا, ولا من شبابنا ولا من فتياتنا ولا من رجالنا ولا نسائنا .. والله الموفق وهو يهدي الى سواء السبيل .. والحمد لله رب العلمين ]] فهل تفعلها السلطة, وهل تفعلها الجماعة؟ وتتحقق مصلحة للدين والدعوة والوطن والناس ؟ أعلم أن هجوما وسبابا وتخوينا قد ينطلق صوبي, في ظل ارتفاع منسوب التشنج, لكنها والله وجهة نظر (أسأل الله أن تكون صوابا) فما أنا قريب من السلطة ولا أنا في الجماعة , وما أردت بها إلا الصالح العام ..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.