يبدو أن لفظ مصالحة لا يمكن أن يمر مرور الكرام على أي كيان يواجهه، وسواء كان من أطلقه أو المستهدف منه، كلاهما سيصيبه التفتت في سبيل تلك المصالحة، هذا ما حدث فعليًا في مصر، فبالأمس بدأت بوادر تفتت التحالف الوطني لدعم الشرعية بانسحاب الوسط وانتظار قرار مماثل من الوطن، لنجد اليوم أن التفتت أصاب تحالف شباب الإخوان المنشقين ذاته، وأن معظم كوادره انسحبت منه بعيدًا عن المنسق العام عمرو عمارة ودشنت كيانًا جديدًا تحت مسمى "تحالف الشباب للمصالحة الوطنية". قال محمد عبد الوهاب، مسئول العمل السياسي بتحالف المصالحة الوطنية، إنهم انسحبوا من تحالف الإخوان المنشقين بقيادة عمرو عمارة لإدلاء الأخير بتصريحات غير مسئولة وقد تعيق الخطوات القادمة، وكان آخرها الحديث عن انضمام الإخوان المنشقين إلى حزب الوسط، في حين أن المستهدف من جهودهم المصالحة من أجل تحقيق الاستقرار في مصر وليس تشكيل جبهات سياسية، وأنهم لا يزالون مستمرون في جهود المصالحة وتشكيل لجنتها التي تضم شخصيات عامة وتسعى إلى جمع فصائل التيار الإسلامي والقوى المدنية على طاولة حوار واحدة، وأنهم على تواصل مع الوسط والوطن وسيتواصلون مرة أخرى مع باقي أحزاب التحالف. وأضاف "عبد الوهاب"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن تحالف المصالحة سيناقش عدة قضايا خلال جلسات المصالحة المقرر عقدها خلال أسابيع وعلى رأسها وضع ميثاق للعمل الإعلامي والمطالبة بتعديل قانون التظاهر وغيره، مشيرًا إلى أن استمرار تلك القوى في جبهة أو دخول البرلمان أمور سيتحدثون عنها فيما بعد وأنهم سيعقدون مؤتمرًا في المرحلة القادمة للإعلان عن تدشين المبادرة رسميًا. فيما انتقد عمرو عمارة بيان حزب الوسط الذي أعلن فيه الانسحاب من تحالف الشرعية، مشيرًا إلى أنه غير واضح ولم يحمل اعترافًا صريحًا بالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يمثل إحدى القواعد الضرورية للمصالحة. وقال "عمارة": حزب الوسط لم ينسحب من دعم الشرعية بهذا البيان ولو انشق حزب الوسط فعليًا عن دعم الشرعية كان عليه إعلان اعترافه بخارطة الطريق أو إعلان قبوله التصالح، وكان عليه إصدار وثيقة بأهداف الحزب الفترة المقبلة، متسائلاً عن أي أساس يدعو الحركات الشبابية والأحزاب في حين أن بيانه غير واضح. وبدأ الخلاف داخل تحالف المنشقين قبل أسابيع مع بداية حديثهم عن المبادرة حيث اعترض حزب الوسط على تواجد "عمارة" معهم في المناقشات، وطلبوا من "عبد الوهاب" تولي مسئوليتها هو والحفاظ على سرية اللقاءات وعدم البوح بها في الإعلام، نتيجة بعض التصريحات التي أثارت غضب الوسط الصادرة عن "عمارة" وحديثه عن أنه قام بتسجيل أول لقاء جمعهم بهم، كما تولى "عبد الوهاب" مسئولية توصيل تقرير المصالحة إلى مؤسسة الرئاسة الخميس قبل الماضي، والتقى أحد المسئولين الذي أكد له توصيل التقرير إلى الرئيس، وهو اللقاء الذي غاب عنه "عمارة" أيضًا، وبعد تصريحاته الأخيرة عن اندماج المنشقين إلى الوسط قرر باقي الأعضاء رسميًا الابتعاد عن تحالف الإخوان المنشقين، وإدارة المباحثات من خلال كيان المصالحة الوطنية. وكان "عمارة" رحب في البداية بقرار انسحاب الوسط وأكد ل"المصريون" أنهم في المرحلة القادمة سيبدأون تشكيل جبهة معارضة تضم مصر القوية والوسط وبعض الحركات الشبابية، إلا أنه عقب انقلاب باقي التحالف عليه، أصدر بيانه الذي يهاجم حزب الوسط، ويتهمه أن انسحابه من التحالف ليس حقيقيًا.