350 كتابًا قدمتهم مبادرة "كتابى لأجل المعتقلين" للتخفيف من آلام المعتقلين المعتقلون: أخرجتنا من السجن النفسى.. وحاربت سجون الظلام
أيام وشهور يقضوها ما بين أربعة جدران خرساء و قضبان صماء تمر الأيام متشابهة، لتتساقط أزهار العمر كأوراق الشجر بالخريف، هكذا هو حال آلاف المعتقلين بالسجون المصرية، فما كان من أصدقائهم ورفاقهم فى النضال والثورة سوى أن يمدون لهم يد العون كمحاولة منهم فى التخفيف عنهم، ليطلقوا مبادرة "كتابى لأجل المعتقلين" لتكون بمثابة نافذة تخترق الزنازين ليطل منها المعتقل على عالم الحرية التى سلبت منهم، دون اعتبار لانتماءاتهم السياسية والفكرية، ليبرالى كان أويسارى أو إخوان. حيث يرى محمد شاذلى أحد منسقى المبادرة أن الكتب التى يرسلونها للمعتقلين ليست مجرد محاولة للخروج من حالة السجن، وإنما هى الشىء الوحيد الذى يبقيهم على إنسانيتهم التى لا تزال بداخلهم فى الوقت الذى اختفت بداخل الكثيرين بالمجتمع، قائلاً " الكتب إعاشة للفكر والروح تجعلهم يتذكرون القضية التى حبسوا من أجلها" . وقد لاقت المبادرة استجابة كبيرة حيث تفاعل معها العديد من النشطاء و الشباب المتضامن مع المعتقلين، فبحسب ما أكده شاذلى فقد انهالت التبرعات عليهم بالكتب التى يحتاجها المعتقلون خاصة ممن رأوا فى المبادرة فكرة جديدة بعيدًا عن الفعاليات الاحتجاجية التى لم تعد تجدى، إلا أنه فى الوقت ذاته لا تزال أعداد المعتقلين كبيرة بالمقارنة بعدد الكتب التى تصل إلى المبادرة خاصة وعمليات الاعتقال فى ازدياد مستمر . لم يكن الأمر فقط مجرد أغلفة براقة مزيلة بأسماء الكتاب وأوراق خط عليها أفكار الكاتب، فقد كانت تلك الكتب تواصل روحى ما بين القابعين فى غياهب السجون و الناس فى الخارج، استطاعت أن توصل لهم ما يكنه المتعاطفون معهم من مشاعر وأحاسيس، فقد حرص الكثير من المتبرعين على كتابة الإهداء والرسائل للمعتقلين سواء كانوا يعرفون هويته أو لا ليكتب أحدهم على كتاب ما " أيا كانت أسباب اعتقالك .. انتمائك .. الكتاب ده ليك، من ناس ما تعرفش أنت مين بس بتفكر فيك "، و تقضى بعض الفتيات أوقاتها فى استغلال الورق الملون فى تصميم فواصل للكتب مزخرفة لتهديها للمعتقلين برفقة الكتب المرسلة مع أسرهم وأصدقائهم . أما المعتقلون فقد أصبحت تلك الكتب التى تصل إليهم هى المتنفس الوحيد لهم ينتظرونها كل يوم لينهلوا من الكتب ما استطاعوا ويرسلون بشكل دورى قوائم بالكتب التى يحتاجونها، ويرسلون خطابات شكر مليئة بالمشاعر الفياضة، حيث يؤكد بسام محمد من داخل سجن طره " فى الوقت اللى كنا بنبعد فيه عن أهلنا وعن الناس اللى بنحبهم بنلاقى إن الكتب هى الحاجة الوحيدة اللى بتفكرنا و بتخلينا نبعد عن جو السجن اللى احنا فيه .. كل كتاب من اللى بعتوه لو تعرفوا خد كام واحد من اللى فى سجون العسكر من السجن النفسى اللى هو فيه ، هتعفروا أهمية اللى انتوا بتعملوه لينا .. شكرًا لكل واحد ساهم فى نشر وعى لثورة جوا سجون الظلام " ، ليقول آخر " لولا الجهد العظيم اللى بذلتموه كنا بقينا فى سجن جوه السجن .. شكرًا بعدد كل الكلمات اللى فى الكتب " . ويقول شاذلى إن أكثر موقف أثر فيه بشكل إنسانى هو حينما احتاج أحد الطلاب المعتقلين كتاب خاص بدراسته، فتبرعت به والدة أحد الطلاب الشهداء،قائلا " كتاب شهيد راح لمعتقل " . وبحسب ما ذكره الشاذلى فقد وصلت المبادرة إلى كافة السجون عدا سجن العقرب و المحاريق والعزولي ، كما استطاعوا التواصل مع المعتقلات بسجن القناطر، مشيرا إلى فرحتهم بالمبادرة ، مضيفا " لقد طلبوا منا أن نرسل لهم مجلات " ميكى " كمحاولة للتخفيف من وطأة ما يعيشونه " ، مؤكدًا أن عملهم فى المبادرة لا ينفى أبدا مطلبهم الأساسى بخروج المعتقلين، ولكنهم فقط يحاولوا التخفيف عنهم لحين الإفراج عنهم . وحول ما استطاعت المبادرة الحصول عليه من الكتب أكدت ندى عبد المجيد أحد منظمى المبادرة أن المبادرة حصلت على ما يقرب من 700 كتاب، نجحت فى توصيل 350 كتابًا للمعتقلين على مستوى الجمهورية وليس القاهرة فقط ، موضحة أن المبادرة نجحت فى كسر حاجز كان يعيش المعتقل وراءه، فقدر بهجتهم بالمبادرة كبيرة جدًا . ولم تسلم المبادرة من بطش السجان وأنيابه التى يحاول دائما غرسها فى آخر ما تبقى للمعتقل و غلق نافذته الوحيدة المطلة على نور الحرية، فوفقا لما أكدته شاذلى فقد تم اقتحام زنازين سجن طره منذ أسبوعين وتم ضرب المعتقلين و تمزيق أكثر من 100 كتاب من بينهم المصاحف، فى حين أكد الكثير من أسر المعتقلين مواجهتهم لكثير من العراقيل أثناء محاولاتهم إدخال الكتب . حيث يروى محمد جمال زيادة شقيق المصور الصحفى المعتقل أحمد جمال زيادة أنه فى آخر زيارة له لشقيقه رفض رئيس مباحث السجن دخول الكتب التى كانت بحوزته لزيادة وذلك بعد أن وجد بينهم كتاب للدكتور محمد البرادعى " سنوات الخداع " و كتاب التاريخ الإسلامى و كتاب سنة أولى سجن وكتاب بناء الذات الثورية، مضيفا "بصلي من فوق لتحت و بيقولي أنت جي لمين يا بني جى للصحفي، بيقولي أنا مش هدخل الكتب دي. علشان شاف بس اسم البرادعي.. بقوله ليه يعني .بيقولي اصل الكتب خطر ع الدولة . بقوله ازي يعني.. بيقولي هتخرج الكتب و لا مدخلش الزيارة كلها و أقولك حاجة مش مدخل الجرانين هيا كمان أي خدمة يا عم " . شاهد الصور: