دعا الشيخ عبود الزمر، القيادي الإسلامي البارز، السلطة الحالية في مصر إلى إجراء حوار مجتمعي مع المعارضة، وإفساح المجال أمامها، وعدم التضييق على أنشطتها، بداعي الأمن القومي. وحث الزمر، السلطة على الاستماع لوجهة نظر المعارضة، وخاصة فيما يتعلق بالمشروعات القومية، والاستفادة من آرائها، محذرًا من تهميشها ووضع القوانين والقيود للحيلولة دون إنشاء أحزاب سياسية. وكتب الزمر في مقاله المنشور ب "المصريون" اليوم تحت عنوان "بين المعارضة والأمن القومي": لا يتنبه بعض الناس إلى تلك العلاقة الوطيدة بين المعارضة والأمن القومي , بل إن كثيراً من الحكام يرون أن المعارضة خطر على الأمن القومي , وتهديد للسلم الاجتماعي !! , فتراهم يضعون القوانين والقيود للحيلولة دون إنشاء حزب سياسي لا يرضون عن أصحابه أو عن بعض مبادئه التي ربما تختلف فكرياً مع نظام حكمهم , والثابت أن تعريف الأمن القومي منذ أمد بعيد هو حماية الوطن ضد الأخطار الخارجية والداخلية , وتنمية المشاركة السياسية , وهنا يجب الوقوف عند الفقرة الاخيرة ألا وهي ( تنمية المشاركة السياسية ) ومعناها أن يفتح الحكام أبواب المشاركة في الحكم مع أبناء الوطن الواحد للسماح لهم بإنشاء أحزاب سياسية لها نشاط اجتماعي وسياسي , ولها حق إبداء الأراء في قضايا الوطن بحرية تامة , فتستفيد الحكومة من حصيلة المناقشات فتتخذ القرارات السليمة في التوقيتات المناسبة , وهكذا يقف الجميع وراء حكومتهم التي استشارتهم واحترمتهم فيتمنون لها النجاح والتوفيق . ولكننا حينما نشاهد انطلاقة حكومية في اتجاه مشروعات قومية دون أن تفتح الباب أمام الحوار المجتمعي حول هذه المشروعات فإن هناك من يشعر بالسخط لكونه لم يدل برأيه كمتخصص أو كمواطن يريد أن يعلم مدى استفادة الوطن من هذه المشروعات في الحاضر والمستقبل , خاصة وأننا شاهدنا مشروعات استقل بتنفيذها الحكام وثبت أنه ليس من ورائها فائدة تذكر حيث شاهدنا القذافي يدشن مشروع النهر العظيم لينقل المياة الجوفية من الجنوب الليبي إلى الشمال , وتكلف بذلك المليارات , ثم وجدنا بعد ذلك من المتخصصين من يؤكد بأنه لو اشترى محطتين لتحلية المياة على البحر المتوسط لكان ذلك أفضل !!. وقد يظن بعض الحكام أن الحوار المجتمعي قد يؤخره بعض الوقت عن تنفيذ مشروعاته , ولكن هذا التأخير فيه من الفوائد الجمّة التي تجعل المواطن يشعر أن المشروع خاص به ومن أجله فيقف معه متمنياً له النجاح , فضلاً عن أن المناقشة قد تضيف فكرة جديدة نافعة للمشروع . إن تنمية المشاركة السياسية هي من صلب دور الحكام حفاظاً على الأمن القومي بحث المواطنين على ذلك , ولقد سبق الإسلام إلى ذلك من خلال نبينا صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول ( أشيروا عليّ أيها الناس ) فالمشورة مفتوحة أمام كل من كان لدية رأي يدلي به لصالح الأمة , ولقد كان عمر بن عبد العزيز يخصص مكافأة مالية لمن قدم اقتراحاً ينتفع به عامة الناس , ثم هل هناك من حث أكثر مما قال به عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ( لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ) ولكننا في عصر لا يحبون فيه الناصحين , بل ويكرهون فيه كل معارض برأي , وتراهم يضيقون عليه حتى يرجع ويتوب !! إن مقتضى تنمية المشاركة السياسية أن تقوم الجهات المعنية بواجب الصلح داخل الأحزاب السياسية حتى تحفظها من الانشطار المضر بالوطن , وهذا هو الفهم العميق لتنمية المشاركة , ولكن الذي نشاهده في الحكومات المتعاقبة هو الفرح لوجود الخلافات فأصبح مفهوم الأمن القومي عندهم يتركز في تنمية النزاعات الداخلية وليس في تنمية المشاركة السياسية !! إنني أكتب مقالي هذا كي أنبه المسئولين إلى المحافظة على المعارضة السياسية مااستطاعوا إلى ذلك سبيلا , مع عدم القلق منها لأن إفساح المجال لها سيقوي ارتباطها بالوطن ومشروعاته , وسيثري الحياة السياسية بكثير من الأفكار والمقترحات , أما محاولة التضييق عليها فإن الحكومة ستجعل منها خصماً عنيداً لها ينتظر فشلها بل ورحيلها !!. هذا ولا شك أن الوطن يعنينا جميعاً ونحن فيه شركاء لا أجراء , فيجب أن يعمل الجميع كفريق واحد يسدد بعضه بعضا , ويرشد كلانا الآخر , وعيننا يجب ألّا تغفل عن بوابة الأمن القومي الحدودية كي نحمي وطننا ضد الأخطار الخارجية والداخلية معاً . والله المستعان