جمعة البشائر وبينما كنت أتابع الفضائيات العربية والعالمية وهي تنقل أخبار بلدي سورية الحبيبة التي غُيبت عنها لثلاثين عاما، لجأت إلى الفضائية الإخبارية السورية لعلي أتوقف عند آخر تقليعات الكذب الإعلامي السوري، وإذ بخبر عاجل على الشاشة يقول:" انتشار مئات المسلحين في بلدتي تفتناز وبنش لترويع الآمنين من السكان" طبعا ورغم أنني أدرك أن الإعلام السوري كاذب كما هتف أهلنا وإخواننا في ثورة الكرامة السورية، إلا أن القلق والخوف تملكني من أن النظام السوري يُحضر لمجزرة بحق البلدة، اتصلت بقريبتي التي كانت في بلدة مجاورة لتكذب كل ما قرأته، وهي تختصر لي القضية ألا زلتم تثقون بالإعلام السوري الكاذب إنه إعلام مسيلمة الكذاب ، شعرت بالخجل أولا من نفسي، وشعرت بالفخر والكبرياء والفرحة من الوعي الذي وصل إليه الشعب السوري، بحيث أن إغلاق وسد كل منافذ الإعلام العالمي عن سورية وأحداثها لاستئثار الإعلام السوري الكاذب بما يجري فيها لعله يشكل الآراء ويصوغها لدى الشعب السوري قد ذهب هباء منثورا مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى :" فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ". هذه الصورة المصغرة لما جرى في بلدي تفتناز ربما يختصر المشهد الإعلامي التضليلي السوري الذي يظهر أنه ليس حريصا على إقناع المشاهدين لأنه يعرف أنهم أذكى من ترهاتهم وكذبهم ولكنهم يريدون نشر التضليل وتضييع الحقيقة برأيهم وهو ما لم يجنوه يظهر ذلك بوضوح من خلال استجداء الشبيحة الإعلاميين السوريين أبواق النظام السوري للمشاهدين والفضائيات بأن يصدقوا كذبهم، وحتى الآن لم يستطع النظام السوري ترويج كذبه واضاليله على أحد، أما قناة الدنيا التي رفع لها متظاهرو قطنا لافتة يتحدثون عن سر تسميتها بهذا الاسم ويذكرون حديثا منسوبا للرسول صلى الله عليه وسلم" الدنيا ملعونة ملعون ما فيها" يشير بوضوح إلى مدى الفجوة السحيقة بين النظام وأبواقه. حين يروج الإعلام السوري عن وجود آلاف المسلحين في كل مدينة فهذا استغباء للناس، فهل يُعقل أن ينزل هؤلاء بالمظلات دون معرفة 17 جهاز مخابرات سوري بينما لا يوجد في سورية سوى خمس جامعات، إن عدد مقاتلي تنظيم القاعدة في العالم كله لا يصل إلى هذا الرقم، ومع هذا يصر الإعلام والأبواق السورية على الترويج لفكرة العصابات المسلحة،بينما العالم كله رأى سلمية الانتفاضة والثورة الشعبية، لكن ثمة صورة أخرى للمعادلة وهي صورة الإعلاميين السوريين الذين يروجون لهذه الأكاذيب، ألا يستحي هؤلاء من أن يخونوا أمانتهم ومهنتهم، وألا يخجل هؤلاء من التضليل الذي يمارسونه، ألا يعرفون ويدركون أنهم شركاء في قتل المتظاهرين السوريين السلميين تماما بنفس درجة مساهمة الشبيحة وقوات الأمن من خلال تشجيعهم وربما تضليل البعض على أن ثمة عصابات مسلحة ونحو ذلك من الأكاذيب والترهات، ألا يستحي ما يسمون أنفسهم إعلاميون سوريون، وألا يتعظون بما جرى في تونس ومصر وما يجري في اليمن وليبيا ..