يبدو أن مسلسل الاستقالات من لجنة السياسات بالحزب الوطني لن يتوقف عند استقالة الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس تحرير فصلية "السياسية الدولية "من اللجنة نهاية الأسبوع الماضي ، حيث كشفت مصادر مطلعة أن الأيام القليلة القادمة ستشهد العديد من الاستقالات ، أبرزها الدكتورة هالة مصطفي رئيس تحرير فصلية الديمقراطية التي أفصحت للمقربين منها عن نيتها تقديم استقالتها خلال الأيام القليلة القادمة إلى جمال مبارك الأمين العام للجنة ، مشيرة إلى أن مسببات الاستقالة قد تكون هي نفس مسببات استقالة الغزالي حرب . وشكلت استقالة الغزالي حرب مفاجأة للمراقبين السياسيين ، خاصة وأنه بررها بتهميش الدور السياسي لغالبية أعضاء اللجنة واقتصارها على عدد من رجال الأعمال المقربين من نجل الرئيس مبارك وكذلك فشل اللجنة في إجراء أي إصلاحات حقيقية. ووجهت الدكتورة هالة في الآونة الأخيرة انتقادات حادة إلى لجنة السياسات ، مشيرة إلى أنها تخضع لسيطرة الشللية من قبل عدد قليل من الأعضاء ذوي الصلات القوية بنجل الرئيس مبارك ، كما وجهت مصطفى انتقادات شديدة للنظام بسبب بطء علمية الإصلاح السياسي في مصر. ووصلت ذروة هذه الانتقادات عندما قامت بكتابة مقال في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية انتقدت فيه بعنف سيطرة نظام الرئيس مبارك وحزبه على الساحة السياسية في مصر وسيطرة الأجهزة الأمنية المختلفة على جميع مناحي الحياة حتى وظائف الحكومة واختراقها للحياة السياسية ووسائل الإعلام المختلفة. الأمر لم يقف عند هذا الحد ، حيث شاركت الدكتورة هالة مصطفي في اللقاء الذي عقدته وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس خلال زيارتها الأخيرة لمصر مع عدد من نشطاء المجتمع المدني ، وأخبرتها بأن أجهزة الإعلام الحكومية أصبحت "مسخرة" لتشويه صورة الإصلاحيين والمثقفين الذين يطالبون بالإصلاح. وأضافت المصادر أن الاستقالات ربما تشمل الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتجية بالأهرام والذي أتهم لجنة السياسات بالخضوع لروح الشللية وأنها لم تقوم بأي إصلاحات جادة وهو ما يخالف ما قامت من أجله اللجنة ، لكن مصادر أخرى استبعدت أن يقدم الدكتور عبد المنعم سعيد على تقديم استقالته ، مدللة على ذلك بانتقاده استقالة الدكتور حرب . في سياق مقارب ، قللت مصادر سياسية مطلعة من أهمية التأثير السياسي لما يطلق عليه "الليبراليون الجدد" ، الذين يصنف كل من حرب ومصطفى وسعيد ضمنهم ، مؤكدة أن هؤلاء فشلوا فشلا ذريعا في تنفيذ أجندتهم السياسية سواء داخل المؤسسات الرسمية للدولة أو في حشد الدعم لمثل هذه الثقافة الليبرالية في الشارع السياسي. وأوضحت المصادر أن ما يطلق عليه من مثقفي النخبة غير مستعدين لتقديم أي ثمن لنشر الفكر الليبرالي في مصر ، وتساءلت : كم مفكرا من الليبراليين الجدد شارك في مظاهرة أو دعا إلى إنهاء هيمنة النظام أو الحزب الوطني على الأوضاع السياسية في مصر ؟. وأشارت المصادر إلى أن هذا التيار تلقى عددا من الصدمات في الفترة الأخيرة داخل مؤسسات الحزب الوطني سواء بسبب رفض تعثر تنفيذ الأجندة الليبرالية وبطء خطى الإصلاح السياسي ، بل أن واحدا من رموز هذه المجموعة قد سقط بشكل مدوي في انتخابات مجلس الشعب الماضية وهو الدكتور حسام بدراوي وهو ما يشير إلى أن هذا التيار لم يزد عن كونه ديكورا لتحسين وجه النظام الحاكم. من جانبه ، أكد الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن ما يطلق عليهم "الليبراليون الجدد" فشلوا فشلا ذريعا في إحداث أي تطور سياسي في البلاد ، مشيرا إلى أن هؤلاء ركبوا قطار الإصلاح في عربته الأخيرة ورفضوا الدخول في معارك حقيقية حول قضية الإصلاح مما أفقدهم أي بعد شعبي ، وأسهم في انهيار مصداقيتهم. وتساءل رشوان عن الدور الذي لعبه من يطلق عليهم "الليبراليون الجدد" في الحراك السياسي في مصر ، مؤكدا أننا لم نشهد مشاركة من رموز هذا التيار في أي مظاهرة رغم أن إطلاق المظاهرات يعد من صميم اختصاصات التيار الليبرالي وكذلك لم نشهد منهم أي اعتراض على قيام النظام بتزوير الانتخابات أو إجهاض انتفاضة القضاة. وقلل الدكتور رشوان من أهمية تأثير الحزب الليبرالي الجديد الذي يسعى الدكتور أسامة الغزالي حرب إلى تأسيسه خصوصا أننا لم نعرف حتى الآن الطبيعة الأيديولوجية لهذا الحزب كما أن الرموز التي قيل أنها ستشارك في إطلاق الحزب لم يسجل لها تحقيق أي نجاحات حزبية بل العكس هو الصحيح. وطالب رشوان بضرورة أن يدفع الليبراليون الجدد ثمنا لسعيهم لنشر ثقافتهم في مصر عبر ممارسة ضغوط على النظام لتعديل الدستور وتطوير الحياة السياسية والبعد عن الطابع النخبوي والاستقرار في برج عاجي. وطرح رشوان تساؤلا على الدكتور أسامة الغزالي حرب حول الأسباب التي دعته أولا للانضمام للحزب الوطني وهل رأى بارقة أمل عبر انضمامه وما الأشياء التي جعلته ييأس من هذا الحزب ويقدم استقالته مشيرا إلى أن العجيب ليس في استقالة حرب بل في انضمامه أساسا إلى حزب كهذا.